دعا أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الثلاثاء بالرباط إلى تكثيف الجهود لاستغلال طاقات ومؤهلات 4.3 ملايين شاب من الفئة العمرية 15 ـ 34 سنة، ممن يعرفون بشباب «NEET» بشكل إيجابي قبل إهدار فرص الامتياز الديمغرافي الذي أصبح وشيكا في أفق 2040.
وقال الشامي، خلال تقديمه لمخرجات رأي المجلس الاقتصادي والبيئي حول «شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين «NEET»: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي»، إن هؤلاء الشباب، يمثلون فئة هشة تواجه أشكالا متعددة من الإقصاء ببقائها خارج منظومة الشغل والتعليم والتكوين المهني، مبرزا أن استمرار إقصاء هؤلاء الشباب تترتب عليه تداعيات خطيرة تهدد تماسك المجتمع والسلم الاجتماعي، من خلال تعميق مظاهر الفقر والهشاشة والفوارق، وتغذية الشعور بالإحباط والأزمات النفسية، «مما قد يؤدي إلى الانحراف والتطرف والهجرة السرية».
كما كشف الشامي، أن الأمر يتعلق بحوالي 1.5 مليون شاب مغربي ما بين 15 و24 سنة، أو 4.3 ملايين ما بين 15 سنة و34 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة، مفيدا أن نسبة النساء من هؤلاء الشباب، تمثل 73 في المائة.
وأكد الشامي أن المعدل المرتفع لهذه الفئة من الشباب، «يعد مؤشرا على محدودية الجهود المبذولة في مجال التشغيل والتكوين الرامية إلى إدماج هذه الفئة الحساسة بشكل لائق يراعي احتياجاتها المتنوعة»، مضيفا أن مؤشرات بطالة هؤلاء الشباب ارتفعت إلى 35.8 في المائة خلال سنة 2023، كما انخفضت نسبة نشاطهم إلى 22.6 في المائة بالموازاة مع مظاهر أخرى كالانخفاض المستمر لمشاركة النساء في سوق الشغل بحوالي 19 في المائة واستمرار معضلة الهدر المدرسي التي فاقت 331 ألف تلميذ.
وأفاد الشامي أن 83 في المائة من المواطنين المشاركين في استشارة أطلقها حول هؤلاء الشباب، صرحوا أنهم يعرفون عددا من الشباب المنتمي إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي، في حين اعتبر 61 في المائة أن وضعية هؤلاء الشباب تمس بالأساس الوسط الحضري، كما أن 78 في المائة منهم صرحوا بعدم علمهم بوجود برامج عمومية أو مبادرات من المجتمع المدني موجهة إلى دعم هذه الفئة من الشباب.
وأكد رئيس المجلس، أن هؤلاء الشباب يتعرضون في مسارهم الحياتي لثلاثة انقطاعات حاسمة، تتعلق بالهدر المدرسي ما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، ثم بالانتقال من الحياة الدراسية إلى سوق الشغل حيث يصطدم 6 من كل عشرة من الباحثين عن أول فرصة بالعديد من الإكراهات، في مقدمتها عدم ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق الشغل والفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل، فضلا عن انقطاع يتعلق بالفترة التي يتطلبها الانتقال من وظيفة إلى أخرى.
وأوصى الشامي بتبني مقاربة دامجة ترتكز على خمسة محاور تهم تعزيز قدرات رصد وتتبع هؤلاء الشباب والفئات الهشة من الشباب، وإرساء منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه هؤلاء الشباب إلى حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة، مقترحا تحسين خدمات وبرامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لهؤلاء الشباب، ووضع تدابير وقائية تفاديا لوقوع فئات جديدة من الشباب في وضعية «NEET»، ووضع إطار حكامة يرتكز على تقوية التقائية وتكامل البرامج القطاعية الموجهة لهذه الفئة من الشباب.