في خطوة جديدة لترسيخ رؤية جلالة الملك محمد السادس في تأهيل الشباب وتعزيز فرص إدماجهم المهني، جرى أمس الثلاثاء بالمحمدية، توقيع الاتفاقيات التنفيذية لبرنامج "تدرج" بين كل من وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري.
ويهدف البرنامج إلى تكوين 100 ألف شاب وشابة سنويا بحلول سنة 2030، ضمن خارطة الطريق الوطنية للتشغيل، من خلال مقاربة تجمع بين التكوين النظري والممارسة الميدانية داخل المقاولات الفلاحية ووحدات الإنتاج البحري.
وأكد أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الاتفاقية تُترجم رؤية حكومية واضحة لخلق فرص عمل مستدامة في العالم القروي والبحري، مبرزاً أن التدرج المهني أثبت فعاليته في السنوات الماضية من خلال تمكين الشباب من اكتساب مهارات عملية مباشرة.
وأوضح الوزير أن الهدف هو تكوين 15 ألف متدرّب سنويا في القطاع الفلاحي و2000 متدرّب في قطاع الصيد البحري، أي ما مجموعه 75 ألف شاب في الفلاحة و10 آلاف في الصيد البحري خلال خمس سنوات، وهو ما يمثل استثماراً كبيراً في الرأسمال البشري ودعامة أساسية لتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
وأضاف أن البرنامج سيتيح للشباب فرصا حقيقية لإنشاء مقاولاتهم الذاتية، سواء في الإنتاج الفلاحي أو في الصناعات البحرية، بما يسهم في دينامية التشغيل الذاتي وتحقيق التنمية المحلية.
من جانبه، أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، أن هذه الاتفاقية "تشكل تحولا نوعياً في سياسات التكوين والتشغيل"، موضحاً أن الهدف هو تمكين الشباب، بمن فيهم غير الحاصلين على الشواهد، من اكتساب تجارب عملية لمدة تتراوح بين 11 شهراً وسنتين، تتيح لهم الولوج المباشر إلى سوق الشغل.
وأضاف الوزير أن اختيار قطاعي الفلاحة والصيد البحري لم يأت من فراغ، فهما من أكثر القطاعات تشغيلًا لليد العاملة، ويشكلان ركيزتين استراتيجيتين في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن هذا التعاون بين الوزارتين يجسد التكامل بين التكوين والتشغيل الفعلي في الميدان.
أما زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، فأبرزت أن هذا البرنامج ينسجم مع الرؤية الملكية التي تولي أهمية خاصة لتكوين الكفاءات في المهن البحرية، مؤكدة أن الاتفاقية ستمكّن من تكوين وتشغيل 9600 متدرّب ومتدرّبة بميزانية تصل إلى 48 مليون درهم، مع تخصيص منحة 5000 درهم لكل متدرّب.
وكشفت الدريوش أن 13 مؤسسة للتكوين البحري من الناظور إلى الداخلة ستشارك في تنزيل البرنامج، مضيفة أن التكوين سيُوزّع بنسبة 20% داخل المؤسسات التعليمية و80% عبر البواخر ووحدات التصنيع والمزارع البحرية، وهو ما يضمن تكويناً تطبيقياً عالي الجودة في مجالات تعرف خصاصاً متزايداً، خصوصاً تربية الأحياء البحرية.
زيارة ميدانية
وعلى هامش التوقيع، قام الوزراء بجولة داخل معهد الأمير سيدي محمد، الذي يُعد من أبرز مؤسسات التكوين الفلاحي في المغرب، حيث اطلعوا على مرافق التكوين ومختبرات البحث الزراعي وتقنيات التسويق الحديثة، التي تعكس جودة التجهيزات وقدرة هذه المؤسسة على مواكبة التحولات الجديدة في سوق الشغل.
ويشكل برنامج "تدرج" إحدى الركائز الأساسية لخارطة الطريق الحكومية في مجال التشغيل، إذ يربط بين التكوين المهني والإدماج الفعلي، ويهدف إلى جعل المهارة بديلاً عن الشهادة في الولوج إلى سوق الشغل.
ويرى مراقبون أن الرهان الحقيقي لهذا البرنامج يكمن في تمكين الشباب من الكفاءات التطبيقية التي تستجيب لحاجيات القطاعات المنتجة، وتمنحهم الثقة في قدراتهم على بناء مشاريعهم الخاصة والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.