انطلقت، اليوم الجمعة، بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، أولى جلسات محاكمة "س- أ" النائب الأول لرئيس مجلس مقاطعة جليز، إحدى المقاطعات الخمسة المكونة لوحدة مدينة مراكش، على خلفية متابعته في حالة اعتقال من أجل جنايتي "الارتشاء عن طريق طلب وقبول عروض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته، وتلقي فائدة من استغلال مباشر يتولى الإشراف عليه"، وجنح"استغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية والغدر، والتدخل بغير صفة في وظيفة عامة من إختصاص ( اللجنة المختلطة ) في منح الرخص"، التهم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي.
وأسفرت التحقيقات التفصيلية التي أخضع لها المتهم، عن أدلة كافية لارتكابه جناية الارتشاء عن طريق طلب وقبول عرض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته، عندما كان يتوفر على تفويض في مجال منح التراخيص ذات الطابع الاقتصادي والتجاري بمقاطعة جليز إلى غاية شهر مارس سنة 2020 ، قبل أن يسحب منه هذا التفويض من طرف رئيس مقاطعة جليز آنذاك.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصحراء المغربية"، فإن المتهم كان يمنح مجموعة من الرخص الاقتصادية البالغ عددها 193 رخصة، دون أداء واجبات البحث المفروضة على الرخص الاقتصادية المحددة حسب الفصل 55 من القرار الجبائي عدد 6 بتاريخ 19 ماي 2008 في 160 درهما، من خلال التوقيع على وصولات التصريح لمزاولة أنشطة اقتصادية ودون إيفاد لجنة مختصة، فضلا عن التوقيع على تراخيص اقتصادية بالرغم من رفض اللجنة المختلطة للطلبات المتعلقة بها، ليتضح أن المتهم كان يتولى بالإضافة إلى اختصاصاته كنائب مفوض له، تقمص دور اللجنة المختلطة التي من صلاحياتها معاينة المحل موضوع طب الترخيص أو التصريح من أجل مراقبة مدى توفره على المعايير المطلوبة لمزاولة النشاط موضوع الطلب.
وكان يوسف الزيتوني قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، استمع لبعض المستفيدين من الرخص الاقتصادية، وذلك في إطار التحقيقات المفتوحة في قضية إصدار العشرات من لرخص الاقتصادية خارج القوانين المعمول بها، ليكشف أحد المستفيدين أنه سلم لفائدة المتهم مبلغا يتراوح بين 13.000 درهم و 14.000 درهم بناء على طلبه، لكي يمنحه ترخيصا باستغلال محل للجزارة، وهي الشهادة التي تعزز القرينة المتعلقة بمجموعة من التحويلات المالية التي قام بها أشخاص لم يتذكرهم المتهم ولم يقدم هوياتهم، وكذا الإيداعات النقدية التي تم ضخها في الحساب البنكي للمتهم البنكي والتي تجاوزت قيمتها مبلغ 100.000.00 درهم بكثير، دون أن يبرر هذه التحويلات المالية والايداعات النقدية بأدلة ذات مصداقية، وهو ما يفيد بتحقق قرائن ذات أسس قانونية، في كونها متحصلة من مبالغ مالية كرشوة، كان يتم ضخها في حسابه البنكي مقابل تسليمه لفائدة مجموعة من الأشخاص تراخيص تتعلق بمختلف الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بها.
وكشفت التحقيقات التفصيلية، التي باشرها قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، عن تسلم المتهم لمبالغ مالية مقابل تسليمه تراخيص ذات طابع اقتصادي وتجاري لفائدة طالبيها، لاتحترم المسطرة المعمول بها في هذا الإطار، دون أداء واجبات البحث المتعلقة بها، مما يكون معه المتهم ارتكب جناية الارتشاء علاوة على جناية "تلقي فائدة من استغلال مباشر يتولى الإشراف عليه" وجنحة "استغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية"، من خلال قيامه باستغلال وظيفته لتلقى فوائد كثيرة تتجلى في رشاوى كما كان يستغل نفوذه الحقيقي كعضو نائب لرئيس مقاطعة جليز مفوض له مرفق منح الرخص الاقتصادية، من أجل الحصول على مزايا ومنافع تتجلى في المبالغ المالية التي كان يتسلمها من المستفيدين من الرخص التي كان يوقعها لفائدتهم.
وعاشت مقاطعة جليز خلال الولاية السابقة، على إيقاع مجموعة من الاختلالات حول منح الرخص الاقتصادية لمشاريع ومقاهي بالحي الشتوي وشارع محمد السادس، وانتشار المقاهي والملاهي الليلية بأحياء سكنية تخلق الضجيج والفوضى ليلا وتقلق راحة السكان، حيث استفادت العديد من المحلات من هاته الرخص دون توفر الشروط والمعايير القانونية المعمول بها.