أسماء المدير: أؤمن بوجود سينما مغايرة ولن أقبل سيناريوهات لمجرد تأمين لقمة العيش

الصحراء المغربية
الأربعاء 29 نونبر 2023 - 16:35

سمحت المخرجة المغربية أسماء المدير مساء أمس الثلاثاء لجمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بالانغماس في جزء من حياتها الشخصية عبر قصة فيلمها الوثائقي "كذب أبيض"، الذي عرض في إطار المسابقة الرسمية الخاصة بالدورة العشرين للمهرجان، فدخلت بدورها قلوبهم لتنال من التصفيق والزغاريد والتهاني النصيب الأكبر خلال هذه الدورة.

وقفت أسماء المدير مندهشة من فرط الحب والإعجاب الذي أبداه حضور ملأ جنبات قاعة العرض بقصر المؤتمرات بمراكش، فغلبتها الدموع، وهي تحتضن عائلتها الكبيرة والصغيرة.
ورغم كل التتويجات، شعرت أسماء المدير حسب ما أكدته في حوارها التالي مع "الصحراء المغربية" أن فرحتها بلقاء الجمهور المغربي لا تضاهيها أية فرحة، بل ربما هي الأكبر في حياتها، فرحة قالت إنها حلم طفولة راودها في سن العاشرة، وعن ذلك قالت إن "تقديم الفيلم أمام جمهور مغربي أنتمي إليه وأشاركه اللغة والثقافة يبقى أمرا مغايرا للغاية".

 

ماهو شعورك وأنت تستقبلين تفاعل الجمهور بعد عرض الفيلم؟
لن أنسى هذا اليوم، سيبقى تاريخ 28 نونبر 2023 خالدا في ذاكرتي وذاكرة عائلتي، لأول مرة أبكي بعد عرض فيلمي "كذب أبيض"، شعرت أنه العرض الذي كنت أنتظره طيلة فترة تحضيري للفيلم، لأنه أمام جمهور مغربي أنتمي إليه وأشاركه اللغة والثقافة، أريد أن أتقاسم صور الليلة مع كل من كان يسألني، أثناء مشاركاتي في أكثر من 35 مهرجانا حصد خلالها العمل 17 جائزة، "متى سيعرض الفيلم في المغرب؟"، وأريد أيضا أن أقول لهم إننا نؤمن بأن هناك سينما مغايرة، وأن هناك تصالحا مع الماضي، وأننا عندما ننطلق من الواقع نتمكن من أن نلمس قلب الجمهور، فيتفاعل معنا.

 

ماهو شعورك وأنت تعودين إلى مهرجان مراكش للمنافسة على جوائز المسابقة الرسمية بفيلم حائز على جائزة ورشات أطلس للمشاريع قيد التطوير في 2019 وجائزة مرحلة ما بعد الإنتاج في 2021؟
حقيقة هو حلم طفولة تحقق، فمنذ سن العشر سنوات، كنت أنتظر اليوم الذي سأشارك في المهرجان بصفة رسمية، لذلك سعيت لأن يكون العرض العربي الأول للفيلم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، لأن هذا الأخير ساعد الفيلم كثيرا، فالشريط بمثابة "طفل" لورشات أطلس، وبفضلها وبفضل مشاريع أخرى استطاع "كذب أبيض" أن يرى النور، وأن يحصل على ذلك الإشعاع الكبير الذي أهله لأن يشارك في مهرجانات عالمية.

 

هل كنت تتوقعين كل هذا النجاح للفيلم وحصوله على كل هذه الجوائز؟
لا يمكننا أن نتوقع النجاح أو الفوز بجوائز، الأمر لا تتحكم فيه قوى خارقة، بل يخضع لرؤية لجان التحكيم، كل ما أستطيع أن أتحكم فيه هو مدى الجهد الذي أبذله لإنجاز عمل معين، فقد اشتغلت ليل نهار لأنجز فيلم "كذب أبيض" بالصورة التي شاهدها الجمهور اليوم.

 

هل نجاح الفيلم سيجعلك أمام تحد حول فيلمك المقبل، وهل سيكون وثائقيا؟
لست خائفة من أي شيء في المستقبل، لأنني أثق في أحاسيسي، وسأشتغل على المواضيع الوثائقية من وحي ما أصادفه سواء في وسائل المواصلات، أو ما أسمعه في الراديو، وأعيشه في الحي الشعبي حيث كبرت بمدينة الدار البيضاء، ولا أضمن أن فيلمي المقبل سيكون أفضل، ما أضمنه أنني سأتريث في تقديم أي فكرة جديدة، شرط أن توقظني من سباتي لأحققها على أرض الواقع، لن أقبل سيناريوهات من أجل توفير لقمة العيش، يجب أن تكون فكرة فيلمي المقبل مستوحاة من واقع عشته أو لامسته.

ما سر نجاح الفيلم، وهل تؤمنين أن الانطلاق من ماهو ذاتي في عمل معين هو الطريق الأسرع للوصول إلى الجمهور؟
سر النجاح هو الوقت، الزمن كشاف، يكشف الجميل والخبيث، عندما يجلس المخرج ليسأل نفسه، "أين أنا من هذه القصة"، هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرح في أي عمل سينمائي، فالمخرج جزء من القصة حتى ولو لم تكن قصته.
ليست كل الأفلام ذاتية وتنطلق من الواقع، لكن عندما تكون الأفلام نابعة من القلب، تحاكي الجانب الإنساني أولا، تكون أسرع للوصول إلى قلب الجمهور.
وأوضح أنني لم أجن شيئا من الفيلم، بل خسرت كمنتجة، لكن الربح الأكبر بالنسبة لي هو التنقل عبر دول العالم لرؤية ثمرة مجهود سنوات من المثابرة، خاصة أن طبيعة الجمهور تتغير من بلد لآخر، وكل بلد كان يمنحني نظرة أخرى لقراءة الفيلم، وهذا هو الجميل.

اختيارك لأبطال فيلمك من الواقع، بل من أفراد عائلتك ساعد الفيلم على النجاح، وماهي الصعوبات والإكراهات التي واجهتها نتيجة هذا الاختيار؟
لهذا السبب، بالتحديد استغرق الفيلم سنوات من التحضير، وتطلب الأمر الكثير من الجهد والصبر، فالأكيد أن أبطال العمل وهم عائلتي لم يقفوا يوما أمام الكاميرا، كنت مؤمنة أنهم الأقدر على أداء تلك الأدوار لأنهم من عاشوها، كنت عادة ما أحصل على المشاهد الجيدة من خلف الكواليس، عندما كانوا يظنون أننا توقفنا عن التصوير، وهو الأمر الذي ميز العمل ربما.

ماهي توقعاتك لنتائج مهرجان مراكش، وللأوسكار أيضا، وهل من السهل الترويج لفيلم مغربي لضمان منافسته على جوائز مسابقة بهذا الحجم وهذه المكانة الدولية؟
عندما جرى اختياري للمنافسة على جوائز مهرجان "كان"، طرت فرحا لمجرد الترشيح، ولم أتوقع أبدا الحصول على جائزتين، لذلك فأنا لا أفكر في أمر الجوائز كثيرا، لأنها تتغير بتغير لجان التحكيم كما قلت، كما أن الأوسكار يخضع لضوابط تصويت الجمهور، وجائزتي الكبرى هي تفاعل المتلقي المغربي مع الفيلم.
أما الترويج للفيلم لضمان منافسته على الأوسكار فهو من أصعب ما رأيت في حياتي، حاليا أنا أخوض تجربة قاسية وليست سهلة إطلاقا، تكمن الصعوبات في توفير الميزانية من أجل دعم الفيلم، نحن بصدد المحاولة، كما حاولنا في مهرجان "كان" وفي مهرجانات أخرى دولية لم نكن نتوقع أننا سنحصل على جوائزها، لكن الأوسكار مسابقة مختلفة.
نسعى جاهدين لأن نروج للفيلم على نطاق واسع، وأن نوصله إلى العالم، وسعيدة جدا أن "كذب أبيض" اختير للمنافسة على جوائز مسابقات تعد الأكبر والأهم والأعرق، لينافس أفلاما تدعمها شركات إنتاج عالمية كبرى.

تصوير: هشام الصديق




تابعونا على فيسبوك