يبدو أن السجال بين المحامين ووزارة العدل لن ينتهي، وينذر بالعودة إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة بخصوص مسودة مشروع القانون المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، الذي أكدت بعض الإطارات المهنية للمحامين أنها فوجئت بإرسالها إلى النقباء بعد أن تم تسريبها وتداولها أخيرا في وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار غضب المحامين وينذر بتوتر مرتقب مع الوزارة، معلنة "رفضها التام لمنهجية إصدارها في تغييب تام للمؤسسات المهنية المسؤولة"، و"تضرب في العمق استقلالية مهنة المحاماة وأعرافها وتقاليدها ومبادئها الكونية".
واستنكرت هيئة المحامين بالدارالبيضاء، في بلاغ صادر عنها، تتوفر "الصحراء المغربية" على نسخة منه، هذا الوضع، معتبرة أن "التشريع لمهنة المحاماة، لا يمكن أن يكون في ظل إقصاء ممنهج للمؤسسات المهنية المنتخبة".
وفي هذا الصدد، صرح مصطفى محمد صدقي، محام بهيئة الدارالبيضاء، ورئيس جمعية التواصل المهني للمحاماة، في اتصال بـ"الصحراء المغربية" أن "المحامين تفاجأوا بإصدار مسودة مشروع قانون يخص المهنة دون استشارتهم ودون استشارة النقباء الممارسين"، مضيفا أنه من "المفروض أن يأخذ بعين الاعتبار الاتفاقات والمحاضر الثمانية، التي وقعت بين المحامين والوزارة في عهد الوزير السابق محمد أوجار، والتي حسمت في جميع النقاط الخلافية التي تعتبر ركائز لقانون المهنة، باستثناء نقطتين ظلتا عالقتين، وهما سن الولوج للمهنة للقضاة، والمكاتب الأجنبية (تحديد السن والشروط والشكليات)".
وأكد صدقي قائلا "موقفنا هو الرفض التام أن تكون هذه المسودة أرضية للنقاش، والمحامون يحتفظون بجميع حقوقهم المخولة لهم قانونا عرفا وتقليدا للنضال من أجل وضع قانون مهنة يستجيب لطموحات المحام والمواطن المغربي".
وفي الوقت الذي اعتبر محامو البيضاء هذه المسودة "تشكل تراجعا خطيرا عـن مقترحات المحامين"، خلصت نقابة المحامين بالمغرب، في بلاغ صادر عنها، إلى أن "تدبير الملفات ذات الصلة بمهنة المحاماة عرف، في الآونة الأخيرة، منعطفا خطيرا ينذر بانتكاسة غير مسبوقة، ويستدعي انتفاضة حقيقية للجسم المهني".
وأعلنت النقابة عبر خمس نقاط رئيسية "استنكارها ما أقدمت عليه وزارة العدل من تنظيم الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، واستهجانها اعتماد منهجية الأسئلة ذات الأجوبة المتعددة في إجراء الامتحان الكتابي للأهلية المهنية، ورفضها المبدئي والمطلق للمنهجية الأحادية التي سلكتها وزارة العدل في إعداد مسودة مشروع قانون المهنة الجديد، وتأكيدها على الرفض المطلق لمضمون المسودة".
وقال خالد المروني، رئيس النقابة في اتصال هاتفي، إن النقابة بصدد إعداد مذكرة ترافعية سترسلها للوزارة ولكل الإطارات الحقوقية، كما أنها بصدد عقد لقاءات تشاورية مع باقي الإطارات المهنية للمحامين، من أجل التنبيه إلى "النتائج الكارثية، التي ستنتج عن الاستمرار في ما وصفته بالتعاطي الباهت مع التحديات التي تعرفها مهنة المحاماة بالمغرب".
ولمعرفة جواب وزارة العدل في الموضوع، وفي غياب عبد اللطيف وهبي، وزير العدل الذي يقوم بزيارة عمل حاليا إلى عدد من دول الخليج، أكد مصدر مسؤول من الوزارة أن الأخيرة "وزعت المسودة على جميع نقباء هيئات المحامين، في أفق عقد اجتماع مع وزير العدل لمناقشة مضامين المسودة".
وفي انتظار عودة الوزير، أحجم النقيب نورالدين خليل، نقيب هيئة المحامين لمحاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون في اتصال بالجريدة عن الإدلاء بأي تصريح، مؤكدا أن الهيئة وعلى غرار باقي الهيئات، تنتظر اجتماع مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، الذي سينعقد يوم الجمعة المقبل من أجل اتخاذ موقف واضح وموحد بخصوص المسودة.
وهو ما أكده بدوره مسؤول من جمعية هيئات بالمحامين بالمغرب، معتبرا أن الرفض التام لمضامين المسودة هو الموقف السائد، لكنها مسودة غير نهائية في انتظار اجتماع مكتب الجمعية للحسم في موقف موحد منها، موضحا أن المسودة تشمل عددا من النقاط الخلافية من قبيل "وضع مجلس وطني للمحامين ودور النيابة العامة..".