باحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات قال إن الصندوق يندرج ضمن مخطط شامل للإنعاش الاقتصادي

رشيد أوراز: صندوق محمد السادس آلية استباقية وازنة لتحقيق تطلعات الاقتصاد المغربي

الصحراء المغربية
الأربعاء 17 فبراير 2021 - 20:29

أكد رشيد أوراز، باحث رئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، وهو باحث اقتصادي مغربي مختص في تأثير التعليم والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على الدينامية الاقتصادية في حوار لـ "الصحراء المغربية" أن إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار يندرج في سياق استراتيجية عمومية لا بد منها في ظل وضعية اقتصادية صعبة يخيم فيها هذا الوباء على الاقتصاد العالمي كله.

وقال في هذا الإطار "لقد رأينا دولا أخرى، بما فيها الدول المتقدمة تدعم النشاط الاقتصادي خلال الأشهر القليلة الماضية مخافة أن تقع في ركود عميق ينتج عنه".

واعتبر أوراز أن المغرب اختار آلية استباقية وازنة تتمثل من خلال هذه المبادرة في دعم الإنتاج والاستثمار أساسا، موضحا أن دعم الاستهلاك سيؤدي إلى تبذير الموارد من دون أن يستفيد سوق الشغل والمقاولات التي تشكل الفاعل الرئيسي في خلق الثروة والنمو. وقال "من هذا المنطلق، يعد إحداث صندوق يتولى تمويل الاستثمار مسألة حيوية للاقتصاد المغربي في الأشهر القادمة"

 

*“صندوق محمد السادس للاستثمار” أحدث بأوامر ملكية سامية سيكون له بكل تأكيد تأثير إيجابي واستراتيجي في تحريك عجلة الاستثمار خصوصا، وعجلة الاقتصاد على العموم، كيف ذلك؟

جاء إحداث الصندوق في سياق خاص، بعد رفع الحجر الصحي الذي طبق لمواجهة انتشار فيروس كورونا، والذي يعرف الجميع أنه ألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد المغربي قدرها وزير المالية بحوالي مليار درهم يوميا خلال الأشهر الثلاثة للحجر الصحي بين شهري مارس ويونيو. وبعد أن قامت الدولة بدعم استهلاك الأسر الفقيرة وكذا الأجراء، اختارت استراتيجية دعم الاستثمار فيما بعد، لأن الاستثمار هو وحده الكفيل بخلق مناصب الشغل والثروة والنمو الاقتصادي.

لقد كان الأمر إذن عبارة عن استراتيجية عمومية لا بد منها في ظل وضعية اقتصادية صعبة، يخيم فيها هذا الوباء على الاقتصاد العالمي كله. ولقد رأينا دولا أخرى، بما فيها الدول المتقدمة تدعم النشاط الاقتصادي خلال الأشهر القليلة الماضية مخافة أن تقع في ركود عميق ينتج عنه، ويكون ذلك من خلال دعم الإنتاج والاستثمار أساسا، لأن دعم الاستهلاك سيؤدي إلى تبذير الموارد من دون أن يستفيد سوق الشغل والمقاولات التي تشكل الفاعل الرئيسي في خلق الثروة والنمو. ومن هذا المنطلق، يعد إحداث صندوق يتولى تمويل الاستثمار مسألة حيوية للاقتصاد المغربي في الأشهر القادمة.

الصندوق يندرج ضمن مخطط شامل للإنعاش الاقتصادي، والذي يُعتبر من أولويات هذه المرحلة، ويهدف أساسا إلى إعادة الحركية الاقتصادية بالبلاد ودعم المقاولات الوطنية، وتوفير فرص الشغل، مع التذكير أن الحكومة قررت أواخر 2020، في مجلس سابق لها إحداث هذا الصندوق وتخصيصه بمبلغ مالي له يبلغ 15 مليار درهم.

 

* كيف سيساهم في نظركم ضمن الالتقائية مع باقي المبادرات في بلوغ الغايات المأمولة؟

يعد دعم الاستثمار وتوفير الشروط المناسبة له في نظري أهم سياسية اقتصادية يمكن أن يتم اتباعها في هذا الظرف الخاص والصعب بالنسبة للاقتصادات النامية، ولا يمكن الاستمرار في دعم الاستهلاك ما يعتبر سياسة دفاعية في مواجهة الأزمة الصحية ونتائجها الاقتصادية. أظن أن أية سياسة اقتصادية أخرى لا تدعم الاستثمار الخاص والاستثمار الأجنبي لن تنجح في الحد من تأثيرات هذه الأزمة، وقد كانت الأزمات الاقتصادية السابقة مليئة بالدروس في هذا الباب.

بالإضافة إلى أن الاستثمار، وخصوصا الاستثمار الخاص والاستثمار الأجنبي، سيوفر فرصا للعمل فهو أيضا يخلق النمو ويوفر العرض، وفي إطار منافسة حقيقية سيؤدي ارتفاع العرض إلى بقاء الأسعار في مستويات معقولة نسبة إلى القدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنين، والتي تتأثر لا محالة بسبب الأزمات الاقتصادية الطارئة مثل الأزمة الحالية.

أظن أن بقية السياسات التي قامت بها الحكومة، ستكون ذات فائدة أكبر لو نجحت السياسة الخاصة بدعم الاستثمار، كما ستبقى محدودة لو بقيت هذه السياسة من دون تفعيل.

 

*سيساهم الصندوق، بصورة مباشرة، في رأسمال المقاولات العمومية والخاصة الكبرى الناشطة في المجالات التي يرى الصندوقُ أنها ذات أولوية، وذلك عن طريق وضعِ أدوات مالية مناسبة من قبيل منحها تسبيقات وقروض قابلة للإرجاع، وتمويلها بأموال شبه ذاتية، ما هي في نظركم القطاعات ذات الأولوية في هذا السياق ولماذا؟

أظن أن القطاعات ذات الأولوية هي القطاعات الصناعية، وعلى رأسها قطاع النسيج. يعتبر هذا القطاع سوقا مهمة على الصعيد المغربي وبإمكانه أن يتحول إلى قطاع مصدر أيضا. ولهذا يجب أن يكون إحداث هذا الصندوق فرصة لإعطاء دفعة جديدة وقوية لقطاع النسيج المغربي. لدى العامل المغربي في السابق ما يكفي من التجربة في هذا المجال، وهناك اقتصادات ناشئة مثل تركيا كانت إلى عهد قريب في نفس مستوى الاقتصاد المغربي، وطورت خلال أقل من عقد واحد قطاع الألبسة، مما يعني أنه يمكننا أن نحدو حدوهم ونتعلم منهم الشيء الكثير.

كما أظن أن تحديث الاقتصاد الرقمي المغربي أيضا ورش مهم، هناك كفاءات مغربية كثيرة في هذا المجال، ويجب استثمار معارفها وتكوينها لتحديث الاقتصاد المغربي ورقمنته، لن يتم ذلك طبعا دون وجود مقاولات ذات وسائل وإمكانيات بشرية ومادية للقيام بذلك. ما يزال هناك كثير من العمل للقيام به على هذا الصعيد.

لا يمكنني أن أعرف تفاصيل النشاط الاقتصادي المغربي أكثر من الدولة، لكن أظن أن تنويع القطاعات الاقتصادية والدفع أكثر في اتجاه دعم التصنيع، وخصوصا الصناعات الموجهة للتصدير يجب أن يكون من أولى الأولويات.

 

*من المقرر أن يعتمد الصندوق في تدخلاته على صناديق قطاعية أو موضوعاتية، أين تتجلى أهمية هذا التدخل؟

إنه مشروع طموح جدا، وأظن أن العالم الذي نعيش فيه توجد فيه فرص كثيرة وعلى المسؤولين اقتناصها، سواء فيما يتعلق بالدعم الذي تقدمه المؤسسات المالية الدولية أو بعض الحكومات التي تجمع المغرب معهم شراكات سياسية واقتصادية، وأيضا من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة عن طريق تحسين أكبر لمناخ الأعمال وجاذبية البلد.

تعتبر المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الفاعل الأهم، ليس فقط في الاقتصادات النامية، ولكن حتى في الاقتصادات المتقدمة، فهي تخلق عددا مهما من فرص العمل وتساهم في الثروة الاقتصادية، وأظن أن دعمها وعصرنتها وتقديم تكوينات في مجالات معينة يعد عاملا مهما لتأهيل نسيجها على مستوى الاقتصاد المغربي. ويستحسن أن تعطى الأولوية للمقاولات التي تعمل في المجال الصناعي وكل المجالات الصاعدة على المستوى العالمي.

 




تابعونا على فيسبوك