أغلقت باب التشكيك في اعتماد توقيت غرينتش +1 بصفة دائمة

"الصحراء المغربية" تنشر تفاصيل دراسة أعدها الفرع المغربي لمكتب الدراسات الدولي

الصحراء المغربية
السبت 10 نونبر 2018 - 23:52

أغلقت دراسة حكومية، حول تغيير الساعة القانونية للمملكة، باب التكهنات والاتهامات، التي ذهبت إلى حد التشكيك في وجود دراسة تبرر التدابير والإجراءات التي اتخذها الحكومة في اعتماد توقيت غرينتش +1 بصفة دائمة.

وبيّنت الدراسة، التي أنجزتها وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، تحت إشراف رئاسة الحكومة، وأعدها الفرع المغربي لمكتب الدراسات الدولي الذي يضم خبراء دوليين ومغاربة، ونشرتها وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية ليلة الجمعة الماضية على نطاق واسع، (بينت) السياق العام والإطار المنهجي المعتمد، ومستخلصات الدراسة المقارنة على عدد من النماذج الدولية فيما يخص التوقيت، والنتائج الأساسية لاستقصاء الرأي وتقييم التجربة المغربية. كما تبيّن خلاصات تقرير المرحلة الأولى من الدراسة مجمل السيناريوهات المحتملة بخصوص الساعة القانونية، إذ ذكرت إيجابيات وسلبيات السيناريوهات المقترحة، وأهم الإجراءات المصاحبة لتنفيذ السيناريوهات المقترحة.

مواقيت شروق وغروب الشمس

كشفت الدراسة أن أقصى فارق زمني لوقت الغروب بين شرق وغرب المملكة خلال فصل الخريف، يكون في نهاية نونبر وبداية دجنبر، هو ساعة وربع بين مدينتي وجدة والداخلة، حيث أن أول غروب للشمس بالمملكة يكون بمدينة وجدة على الساعة 18:04، بتوقيت غرينتش +1، في الوقت الذي يكون فيه غروب الشمس بمدينة الداخلة على الساعة 19:20، ويستمر هذا الحال حوالي أسبوع.

والفارق الزمني على مدار السنة خلال وقت شروق الشمس بين الشرق والغرب يكون ما بين حوالي 30 دقيقة كحد أدنى وساعة و25 دقيقة كحد أقصى بين مدينتي وجدة والداخلة.

وتبرز الدراسة العلمية أن أقصى فارق زمني لوقت شروق الشمس بين شرق وغرب المملكة خلال فصل الشتاء، يكون خلال الأسبوع الأول من يناير، هو 45 دقيقة بين مدينتي فكيك والداخلة، حيث أن آخر شروق للشمس بالمملكة يكون على الساعة 08:45 بمدينة الداخلة، بتوقيت غرينيتش +1، في حين يكون شروق الشمس بمدينة فكيك على الساعة 08:00، ويستمر هذا الحال حوالي أسبوعين.

الأثر السوسيو اقتصادي والطاقي لنظام تغيير الساعة

تسجل الدراسة فيما يخص الأثر السوسيو اقتصادي والطاقي لنظام تغيير الساعة مقارنة مع عدد من الدول، وجود تقاطع كبير مع مختلف الدول التي شملتها الدراسة المقارنة.

وبخصوص الأثر الطاقي، لاحظت الدراسة وجود معدلات متفاوتة من الاقتصاد في الطاقة فيما يخص الاستهلاك السنوي للدول بين 0,03 في المائة و2,5 في المائة، في الوقت الذي يستهلك فيه المغرب نسبة 0,17 في المائة. كما لاحظت الدراسة في عدد قليل من الدول ارتفاع في استهلاك الطاقة خلال فترة اعتماد التوقيت الصيفي.

وبخصوص الأثر الاقتصادي، لاحظت الدراسة، بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، وجود نوع من الاقتصاد في التكلفة اللوجيستيكية بين مختلف

بلدانه، إضافة إلى انتعاش الاستهلاك الداخلي، خاصة خلال الفترة الصيفية. وسجلت وجود ربح مادي متفاوت الأهمية نتيجة الاقتصاد في استهلاك الطاقة، وانخفاض في مؤشر الأسواق المالية خلال اليوم الموالي لتغيير الساعة، وعدم وجود أي أثر على حجم المعاملات التجارية الدولية.

وبخصوص الأثر الاجتماعي والمجتمعي، سجلت الدراسة وجود أثر سلبي، خلال الأيام الأولى التي تتلو تغيير الساعة، على جودة النوم ومستوى التركيز، مما يؤدي لنقص في إنتاجية الأشخاص النشيطين ومردودية التلاميذ والطلاب. كما سجلت تحسن الأمن في المساء بفضل ساعات أطول لأشعة الشمس التي يتيحها التوقيت الصيفي، وارتفاع ملحوظ في خطر حدوث نوبة قلبية وحوادث السير خلال الأيام الأولى التي تتلو تغيير الساعة والتي ترتبط أساسا بظاهرة التغيير وليس بالتوقيت المعتمد.

النتائج الأساسية لاستقصاء الرأي وتقييم التجربة المغربية على عدة مستويات

اعتمدت الدراسة على مدى تأثير زيادة ساعة على الصحة وراحة المواطنين، وعلى القدرة على الإنتاجية والتحصيل العلمي، والأمن والسلامة، والمردودية الاقتصادية، واستهلاك الطاقة وأثرها على البيئة.

التغيير المتكرر للساعة وتأثيره على الصحة وراحة المواطنين

يؤكد أطباء وأخصائيون في المجال الصحي على المخاطر المحتملة للتغيير المتكرر للساعة، أربعة مرات في السنة مثل التجربة التي كانت معتمد في المغرب، حيث أن هذا التغيير يخل بعمل الساعة البيولوجية للمغاربة مما يتسبب في اضطرابات هرمونية.

وسجلت نتائج الدراسة وجود تأثيرات سلبية على الصحة بشكل عام خلال الأسبوع الأول الذي يتلو كل تغيير، لذا فإن التغييرات الأربعة التي كانت تطرأ كل سنة ترهق صحة المواطنين. وأوضحت النتائج العملية للدراسة أن السبب الرئيسي لمعارضة نصف المغاربة للنظام الحالي لتغيير الساعة القانونية هو بلا شك يعود للأثر السلبي المباشر على الصحة، حيث أن 77 في المائة من المغاربة المستجوبين يؤكدون أن تغيير الساعة القانونية يسبب لهم اضطرابات في النوم خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير. وأن أكثر من 70 في المائة يفقدون ساعة إلى ساعتين من النوم بسبب تغيير الساعة، خاصة خلال الأسبوع الأول الذي يتلو كل تغيير. في حين أكد 25 في المائة من المغاربة المستجوبين استفادتهم من الساعة الإضافية في أنشطتهم الثقافية والترفيهية.

وفي مقارنة لنتائج الدراسة التي أجريت على المغاربة، أكد تحليل الدراسات التي أجريت على نطاق عالمي نفس النتائج التي يشعر بها المواطنون المغاربة، وتشير نتائج الدراسات العالمية إلى مخاطر أكثر حدة، منها ازدياد خطر الإصابة بنوبة قلبية بشكل كبير عندما تتغير الساعة القانونية، وفقا للدراسات التي نشرت في كل من الولايات المتحدة وروسيا الفيديرالية. ويتفق العلماء والاخصائيون الأوروبيون على أن التغيير المتكرر للساعة يسبب اضطرابات في النوم والتركيز.

ويستخلص من الدراسة أنه إذا كان نظام تغيير الساعة يتسبب في اضطرابات في النوم، فإن هذا الاضطراب يمكن أن يخلق أيضا اختلالات هرمونية. لذا يحذر الأطباء والأخصائيون المغاربة من أخطار التغيير المتكرر للساعة.

شهادات أطباء مغاربة

"تتحكم الساعة البيولوجية في عمل جسم الإنسان بأكمله، وعندما يختل عملها تحدث اضطرابات على مستوى جميع آليات الجسم، خاصة منها الآليات الهرمونية".

ووصف عدد من الأطباء المغاربة تغيير الساعة القانونية بأنها "فوضى عارمة"، مبررين ذلك الوصف بأن تغيير الساعة أربعة مرات في السنة يساهم في خلق أربعة اختلالات في الساعة البيولوجية في السنة. كما يشكو 30 في المائة على الأقل من المرضى من هذا التغيير خلال الأسبوع الأول من حدوثه.

ويستخلص الأطباء أنه "يمكن أن يستغرق تأقلم الساعة البيولوجية ما بين 8 و15 يوما للعودة إلى حالتها العادية، الشيء الذي لا يمكن أن يمر دون عواقب وخيمة على حياة المواطن".

 

تأثير تغيير التوقيت على الإنتاجية والتحصيل العملي

تعتبر الدراسة أن تغيير الساعة القانونية من التوقيت الشتوي إلى الصيفي يؤثر مباشرة على النوم، وهو العامل الأول المحدد لمستوى الإنتاجية، والذي يسبب عدة تأثيرات. كما أن نظام تغيير الساعة يشكل عاملا غير مساعد على الإنتاجية بالنسبة للأشخاص النشيطين والتلاميذ، كما يؤثر على انضباطهم من خلال التسبب في تأخرات متكررة، خاصة خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير. 

ويعاني 54 في المائة من المغاربة المستجوبين من انخفاض على مستوى التركيز واليقظة، إذ يشعرون بأن مستوى تركيزهم ويقظتهم يتأثر بشكل سلبي خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير.

ويعاني 50 في المائة من المواطنين من تأخيرات متكررة في مواعيدهم خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير لمدة 10 أيام كمتوسط. وتؤكد 64 في المائة من المقاولات المستجوبة أن مستخدميها يتأخرون خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير. كما كشفت الدراسة أن نسبة 57 في المائة من المقاولات المستجوبة تلاحظ انخفاضا في إنتاجية مستخدميها خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير.

بالإضافة إلى ذلك، يؤثر نظام تغيير الساعة على التحصيل العلمي للطلاب والتلاميذ، حيث أن 80 في المائة من أولياء وآباء التلاميذ والطلبة المستجوبين لهم تقييم سلبي حول تأثير نظام تغيير الساعة على تعليم أبنائهم. بالإضافة إلى عدم قدرة التلاميذ والطلبة على الاستفادة من الفصول الصباحية بسبب غياب التركيز واليقظة. ويتأثر التلاميذ أيضا بظاهرة التأخر عن مواعيد التحاقهم بالمؤسسات التعليمية.

وتستخلص الدراسة أن نظام تغيير الساعة يؤثر، سلبا على التلاميذ، خلال الأيام الأولى التي تتلو كل تغيير، حيث يؤدي إلى انخفاض في تحصيلهم بالإضافة إلى فترات تأخر متكررة تتراوح ما بين 30 دقيقة وساعة واحدة.

 

تأثير تغيير التوقيت على الأمن والسلامة

تؤكد الدراسة أن المرور إلى التوقيت الصيفي يزيد من الشعور بالأمان خلال الفترة المسائية، بينما يبدو أن التغيير المتكرر للساعة يسبب زيادة عدد حوادث السير في المغرب كما هو الحال في البلدان الأخرى التي تطبق هذا الإجراء. ويرتبط الشعور بالأمان لدى المواطنين بشكل وثيق بأوقات شروق الشمس وغروبها، حيث يولد المرور إلى التوقيت الصيفي حالة من عدم التزامن بين الوقت القانوني والتوقيت الشمسي مما يؤثر على الأمن في ساعات الصباح والمساء، إذ يؤدي التوقيت الصيفي إلى تأخير ساعة شروق الشمس، مما يقلل من الشعور بالأمان خلال الفترة الصباحية. ويتولد لدى 56 في المائة من المغاربة شعور بعدم الأمان في الصباح بعد المرور إلى التوقيت الصيفي، خاصة خلال شهري مارس وأكتوبر، لكن يزيد شعورهم بالأمان في نهاية اليوم بعدما تنضاف إلى الفترة المسائية ساعة مشمسة.

ووفقا لإحصائيات حوادث السير في المغرب، يعتبر تغيير الساعة عاملا مؤثرا في زيادة عدد الحوادث، إذ شكل أول تطبيق لهذا النظام سنة 2008 مصدرا لتأثير مفاجئ مقارنة مع المعطيات التاريخية المتاحة، حيث ارتفع عدد حوادث السير بنسبة تقدر بـ 10 في المائة في نفس السنة، مقابل متوسط زيادة سنوية يقدر بـ 0.56 في المائة خلال الفترة الممتدة من 2009 إلى 2016.

 

أثر تغيير التوقيت على الاقتصاد

على مستوى العلاقات التجارية الدولية، أكدت الدراسة أن العمليات التجارية الدولية للمملكة المغربية لا تعرف أي توقف خلال 24 ساعة كل يوم، ولا تتأثر بالفوارق الزمنية، بل تتأثر بشكل كبير بجودة الموارد البشرية والبنية التحتية وسرعة تنفيذ الإجراءات.

وكشفت نتائج الدراسة عن وجود أثر إيجابي للطلب الداخلي بعد اعتماد الساعة الإضافية ما بين مارس-أكتوبر، نظرا لبقاء ضوء الشمس إلى ساعات متأخرة من اليوم. كما يساهم، المرور إلى التوقيت الصيفي، في تغيير المنطقة الزمنية للمملكة، وهو ما يجعله يؤثر على جوانب اقتصادية مختلفة على المستوى الماكرو - اقتصادي، إذ تعتبر إطالة ساعات ضوء الشمس خلال اليوم مفيدة للاقتصاد الوطني عن طريق تحفيز الاستهلاك الداخلي، خاصة بعد ساعات العمل التي تتزامن مع ساعات مشمسة. وأكدت 21 في المائة من المقاولات المستجوبة أنها تعرف زيادة في مبيعاتها بعد المرور إلى التوقيت الصيفي. في حين بيّنت نتائج الدراسة تأثر سلبي للتوقيت الصيفي على قطاع الفلاحة، الذي يعد الأكثر معارضة للتوقيت الصيفي، حيث يعيش المزارعون على إيقاع الشمس ويعتقدون أن هذا الإجراء لا يلائم النباتات وبدرجة أقل المواشي والأبقار.

 

أثر التوقيت الصيفي على اقتصاد الطاقة والبيئة

يحقق المغرب اقتصادا في استهلاك الطاقة نتيجة تطبيق نظام التوقيت الصيفي (غرينتش +1). كما يؤثر هذا الإجراء إيجابا على البيئة من خلال الحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبط باستخدام الطاقة الأحفورية.

ومنذ بداية اعتماد نظام تغيير الساعة، شكل الاقتصاد في استهلاك الطاقة السبب الرئيسي لاعتماد التوقيت الصيفي، حيث تسمح ساعة ضوء الشمس الإضافية بتحقيق مكاسب طاقية تم تأكيدها في المغرب، على اعتبار أن مبدأ خلق الفارق الزمني بين المتطلبات السكنية والمتطلبات المهنية يؤدي إلى انخفاض الطلب على الطاقة خلال فترات الذروة، مما يؤدي إلى تقليل حدة الذروة، وبالتالي توفير الطاقة بشكل فعلي. لذا جددت الدراسة التأكيد أن المغرب حقق اقتصادا في استهلاك الطاقة.

 




تابعونا على فيسبوك