يعيش أغلب سكانها على المقايضة وتبادل السلع مع الرحل

كلميمة.. مدينة القصور تعاني الهشاشة

الأربعاء 12 يونيو 2013 - 10:13

كلميمة، منطقة سياحية بامتياز، ولا يمكن أن تزورها لأول مرة، ولا ترغب في تكرار الزيارة، مدينة جميلة تمتاز بطبيعة خلابة، تتوفر فيها جميع المقومات وتزخر بمؤهلات مهمة، إنها مدينة التمور بامتياز، التي تعاني الهشاشة والفقر.

في الجنوب الشرقي، حيث تفوح رائحة أوراق التمر والحناء توجد مدينة كلميمة التي حباها الله بطبيعة خلابة، فهي عبارة عن واحة كبيرة بمنطقة تافيلالت يحدها غربا تيلوين، جنوبا مدينة تنجداد، شمال مدينة الراشيدية، وهي تابعة لإقليم الراشيدية.

مدينة كلميمة تابعة إداريا لقيادة كملميمة وتنقسم إلى جماعتين قرويتين: جماعة غريس العليا وجماعة غريس السفلى، وجماعة حضرية هي بلدية كلميمة، وتضم هذه المنطقة مركزية واحدة هي بلدية كلميمة، وعدد مهم يبلغ حوالي 38 قصرا. ومن أهم القصور: تغزة، وواقة، وواكوز، وسيموحمد والحسن، وقصر كولميمة وحرة، وآيت ايحيا، ومكمان، وايت الكطوو، وتيلوين.

وتشتهر مدينة كلميمة بتسمية غيريس، لكن وقع اختلاف في أصل التسمية، ليجري الاتفاق على أنها كانت عبارة عن واحة تضم أغراسا كثيرة.

منطقة غريس ذات الأغراس الجميلة تنتمي إلى الهضاب الأطلسية، وتعد حوضا كبيرا يحدها جبال الأطلس الكبير الشرقي، شمالا وغربا والأطلس الصغير جنوبا، ويحدها من الشمال الشرقي سهل غريس، الذي يوجد على ارتفاع 1000 متر مربع عن سطح البحر.
ويتخلل هذه المنطقة واد اغريس، الواد الرئيسي، وقد كانت حتى عهد السبعينيات دائمة الجريان لكنها اليوم أصبحت موسمية .

قصر كلميمة ذائع الصيت

من أكثر القصور بكلميمة شهرة، قصر كلميمة، الذي يعرف رواجا تجاريا، عن طرق المقايضة، حيث يأتي التجار الرحل من المناطق الجبلية محملين بسلع من قبيل، الملح، والخضر، مثل الجزر والبطاطس واللفت، ويحصلون مقابلها على التمر.

وتعني كلميمة، وهي اسم أمازيغي، حسب الحسين، أكلو، رئيس جمعية غيريس للثقافة، البناء الذي أسس على الماء، وأن ما يميز المنطقة هو أنه يمر منها الماء من كل الجوانب، وهي عبارة عن حوض مائي.

أما الذي يميز تلك المنطقة، أنها تتخللها أشجار النخيل من كل جانب، وتعطيها جمالا، وفي فصل الصيف تكون المنطقة عبارة عن جهاز مكيف ومبرد، يجلس السكان تحت ظلال أشجارها ونخيلها للاستمتاع بالبرودة.

ومن بين القصور الأكثر شهرة أيضا، قصر ثغزة، الذي يوجد بالجماعة القروية، غرب السفلى، التي يشتغل أغلب سكانها بالفلاحة المعيشية، بينما أغلب النساء يعتمدن أنشطة يدوية يجري تسويقها في السوق المركزي للمدينة.

وحسب رئيس جمعية غيرس، فإن أغلب القصور باتت تعاني هشاشة في البنية التحتية والاجتماعية.

مناخ جاف

يسود مدينة كلميمة مناخ شبه جاف إلى جاف، وحسب سكان المنطقة، فإنهم لا يعرفون فصل الربيع، والخريف، لأن المدينة تعيش غالبا فصلين: شتاء رطب وبارد، وصيف جاف وحار، والتساقطات المطرية تقل عن 200 ملم .كما يشكو السكان من الرياح الشديدة المصحوبة بعواصف وزوابع رملية في فصل الصيف والخريف، والشهيرة برياح "الشاموم"، إذ ترتفع درجات الحرارة إلى 45 درجة.

ومن جانب آخر، يشكو المهتمون بالمجال البيئي من تدمير بعض المواطنين لغابات النخيل نتيجة قطع الأشجار، إذ خلصوا إلى نتيجة أن النساء يستعمل أشجار النخيل كحطب للطهو، والتدفئة، والاستغلال المنزلي.

وحسب المهتمين، فإن قطع أشجار النخيل والزيتون، ساهم في تدهور الغطاء النباتي بالمنطقة، زحف الرمال والتصحر، لكن رغم ذلك حاول السكان التدخل لوضع حد لهطا المشكل باستعمال وسائل بدائية من أجل التخفيف من حدته.

واستعمل السكان أيضا المياه الفيضية لإبعاد وإجلاء الرمال عن الحقول ووضع حواجز عالية، من الجريد والقصب.

قافلة إنسانية تتحدى كل الظروف للوصول إلى كلميمة

كان سكان كلميمة خلال الأسبوع الماضي، على موعد لاستقبال مساعدات إنسانية من طرف الجمعية المغاربية لسباق السيارات بتعاون مع جمعية غيريس للثقافة، إذ استفادت من تلك المساعدات حوالي 300 أسرة، وهي عبارة عن كميات من المواد الغذائية "الدقيق، السكر، الشاي، الزيت، والقطنيات، وأغطية، وألبسة رياضية..." استعدادا لشهر رمضان الكريم، إضافة إلى توزيع 35 دراجة هوائية على التلاميذ.

انطلقت القافلة الإنسانية من الرباط، في اتجاه مدينة كلميمة، بتنظيم من "الجمعية المغاربية لسباق السيارات"، وبتنسيق مع "جمعية غيرس لثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية"، بكلميمة، وبمشاركة خبراء في المجال الاجتماعي، وتنسيقية مؤيدي الحكم الذاتي وإعلاميين، وبحضور عدد من الفعاليات الجمعوية والسلطات المحلية من داخل الرشيدية، ومن المدن المجاورة.

وقدمت المساعدات الغذائية على إيقاع رقصات فلكلورية خاصة بالمنطقة، كما قدمت مجموعة فؤاد التدلاوي للموسيقى الاستعراضية فقرات فنية، شملت أغاني وطنية.
ومن بين الجمعيات المستفيدة من المساعدات الاجتماعية، "جمعية غيرس" و "جمعية أيت موشى للبيئة والتنمية" و جمعية الانفتاح للبيئة والتنمية"، و"جمعية أيت يحيى أعثمان" و"جمعية الوفاق".

نساء كلميمة ومتعة تنظيف الملابس أمام الحوض

تقضي أغلب نساء كلميمة أوقاتهن في تنظيف الملابس أمام حوض يوجد بالقرب بمنازلهن، حوض تشرب منه "البهائم"، وتغسل فيه النساء الملابس.

لاتمل هؤلاء النساء من التنظيف اليومي، في جو حار، وتحت أشعة الشمس الحارقة، بل يجدن متعة في تبادل الحديث والكلام.

وبعضهن يرددن أغاني بالأمازيغية، للتخفيف من همومهن، ولا يهمهن هل الماء الذي تغتسل فيه الملابس نظيف أم لا.

يقول أخمد خويا، ابن المنطقة، إن سكان الحي في الأمد القريب كانوا يشربون من ماء هذا الحوض، ويغتسلون به.

ويرى أحد الزوار، أن ماء الحوض متسخ وفي حاجة إلى إجراء تحاليل على عينات منه، حفاظا على صحة وسلامة السكان ورؤوس الأبقار والأغنام.

وحسب الزائرة ذاتها، فإن المياه التي لا تخضع لمراقبة طبية من طرف مكاتب الدراسة، بصفة مستمرة، من شأنها أن تشكل خطرا على صحتهم.

كرم آهل كلميمة

ما يثير الانتباه، وأنت تتجول بين دروب كلميمة، نداء النساء الصحراويات، بلكنة أمازيغية، تجعل قلبك ينشرح لهم، وتعي جديا أنك في مكان آمن، ووسط قلوب رحيمة.

"مرحبا دخلوا تشربوا أتاي"، "مرحبا بكم عندنا"، "ادخلو تاكلوا التمر وتشربوا اللبن"، هذه العبارات تسمعها كلما مررت بأحياء مدينة كلميمة، نساء بلباس "تاجيرت"، وهو اللباس الرسمي في المنطقة، ينادينك بلهجة ممزوجة بالأمازيغية واللغة العامية، وهن يرددن عبارات "السلام عليكم"، "صباح الخير"، مرحبا بكم في بلاد مولاي علي الشريف".

رغم أن أغلب هؤلاء السكان يعانون الفقر، إلا أن أبوابهم مفتوحة في وجه جميع الزوار، ويمتازون بكرم الضيافة، وحب الناس، إذ يمسكونك من تلابيب ملابسك ويطلبون منك الدخول إلى بيوتهم المتواضعة.

بمجرد ما تطأ قدماك البيت المبني من طوب وحجر، تشدك رائحة التمرالفواحة من أشجار النخيل التي زينت جنبات البيت، ولا يمكن الخروج دون أكل تمر "المجهول"، وشرب لبن البقر أو الجمل الشديد البرودة.

أسماء دواوير المستفيدة من المساعدات

تبعد مدينة كلميمة عن الراشيدية، بحوالي 60 كيلومترا، وتوجد في الجنوب الغربي للإقليم، ويبلغ عدد سكانها 11 ألف نسمة. ومن بين الدواوير التي ستستفيد من المساعدات الغذائية، دوار اخليل، توغرة، وقا، وقصر كلميمة، وأكاوز، وبتونفيت، و محمد أولحسن، وأيت موشى، وأيت يحيى، والخربات، ومكامان.

لحسن كلو: ضعف الإمكانيات وغلاء التكلفة أبرز المشاكل التي تعترض نساء التعاونيات

قال لحسين كلو، رئيس جمعية غريس للثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية، إن أغلب النساء المستقطبات في التعاونيات، هن منخرطات بأنشطة فلاحية معيشية وبعض الأنشطة غير المنتظمة المساهمة في الدخل، موضحا أن أغلب الجمعيات، خصوصا تلك التي تشتغل في المجال الترابي للجماعة الحضرية ذات المواصفات القروية، لم تستفد من أي مشروع في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وأكد كلو، أن من بين المشاكل التي تعترض هؤلاء المستفيدات ضعف الإمكانيات والاشتغال بأدوات بسيطة ومحدودة، و كذلك عدم الانفتاح على السوق الخارجي، وغلاء التكلفة تبقى من أهم المعيقات التي تقف أمام عدم التسويق الجيد.

أين تتمركز أغلب الأنشطة المدرة للدخل؟

عموما تتمركز أغلب الأنشطة المدرة للدخل في منطقة غريس الكبرى، أما في مركز كلميمة والقصور التابعة توجد الأنشطة المدرة للدخل بنسبة ضئيلة جدا.

كيف تم استقطاب هؤلاء النساء؟

أغلب النساء المستقطبات في التعاونيات هن منخرطات، أما الأخريات فيشتغلن حاليا في إطار الجمعيات ولجنها في إطار برامج، مثل محو الأمية وما بعد محو الأمية واللقاءات التواصلية.

هل أغلب النساء استفدن من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟

تشتغل معظم النساء بأنشطة فلاحية معيشية، وبعض الأنشطة غير المنتظمة المساهمة في الدخل، وأغلب الجمعيات خصوصا تلك التي تشتغل في المجال الترابي للجماعة الحضرية ذات المواصفات القروية لم تستفد من أي مشروع في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ما هي المشاكل التي تعترض هؤلاء المستفيدات؟

من بين المشاكل التي تعترض هؤلاء المستفيدات ضعف الإمكانيات والاشتغال بأدوات بسيطة ومحدودة، وكذلك عدم الانفتاح على السوق الخارجي، وغلاء التكلفة تبقى من أهم المعيقات التي تقف أمام عدم التسويق الجيد، إضافة إلى عدم الاندماج في المحيط السوسيو-اقتصادي، وعدم تأطير أغلبهن وتكتلهن في تعاونيات وتكتلات منظمة، ثم غياب التمويل وقلة المشاريع والأنشطة وهشاشة البنية الاجتماعية.

بماذا تهتم الجمعية التي ترأسونها؟

جمعية غريس للثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية تسعى لأن تكون مؤثرة في المشهد التنموي لكلميمة عبر مجموعة من البرامج والأنشطة كبرنامج محو الأمية ، حيث تسهر الجمعية، خلال هذا الموسم على محو أمية 240 مستفيدة من محو الأمية بشراكة مع نيابة وزارة التربية الوطنية، و75 امرأة في برنامج ما بعد محو الأمية، بشراكة مع شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي، كما تؤطر 87 فتاة في برنامج المواكبة التربوية للمدمجين بشراكة مع وزارة التربية الوطنية، بالإضافة إلى المهرجانات الثقافية بشراكة مع بلدية كلميمة، والقوافل الطبية بشراكة مع جمعيات وطنية أهمها: قوافل مع جمعية القافلة الجراحية بالدارالبيضاء، بشراكة مع جمعية واحة فركلة للبيئة والتراث بتنجداد، بالإضافة إلى ذلك تؤطر الجمعية 4 أفواج للتعليم الأولي بالإمكانيات والتأطير الذاتيين. كما تنظم الجمعية قوافل اجتماعية، بتنسيق مع شركاء وجمعيات إقليمية ووطنية، وتساهم في تنشيط المشهد الجمعوي، عبر برنامج تكويني مكثف لفائدة الفاعلين الجمعويين المحليين حيث فاق عدد الدورات التكوينية التي نظمتها الجمعية، خلال هذا الموسم 15 دورة تكوينية، كما جهزت الجمعية بشراكة مع شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي مركزا للتعلم المجتمعي يحتضن أنشطة ونقاشات الفئات المستهدفة، خصوصا النساء وتلاميذ الدعم المدرسي، كما جهزت الجمعية ورشة لتعليم الفصالة والطرز والنسيج على آلة التريكو تستفيد منها نساء القصر والمحيط.




تابعونا على فيسبوك