الحرب ضد المخدرات

الإثنين 24 مارس 2008 - 10:04

أبرزت واشنطن الاستراتيجية الشاملة، التي تبناها المغرب لمحاربة إنتاج القنب الهندي، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية تجمع في الآن نفسه بين محاربة إنتاج القنب الهندي والتنمية الاقتصادية.

وذكر مكتب شؤون المخدرات وإنفاذ القوانين الدولية، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، في تقريره السنوي حول مكافحة المخدرات وتبييض الأموال، الذي حمل عنوان "تقرير سنة 2008 حول الاستراتيجية الدولية لمحاربة المخدرات"، أن "التقدم المسجل في الجهود المبذولة في ميدان محاربة المخدرات، يبدو أنه ثمرة الاستراتيجية الشاملة، التي تبناها المغرب في هذا الاتجاه، والتي تشدد على ضرورة الجمع بين التطبيق التعاقدي للقانون، والقضاء على زراعة هذه المادة، وبذل جهود لتقليص الطلب، من جهة، والتنمية الاقتصادية بهدف التخلي عن زراعة القنب الهندي من جهة أخرى".

كما أشاد التقرير بجهود المغرب لمحاربة ترويج القنب الهندي، وكذا من أجل مواجهة "المشكل الناجم نسبيا عن ترويج واستهلاك المخدرات القوية، وخاصة الكوكايين".
وفي معرض حديثه عن استراتيجية المغرب، التي تنص على أن الحل على المدى البعيد لمشكل إنتاج القنب الهندي، يبقى رهينا بشكل كبير بمقاربة ترتكز على التنمية الاقتصادية، أشار التقرير إلى أنه، بغرض تكسير "الحلقة المفرغة" لزراعة القنب الهندي في الأقاليم الشمالية للمملكة، شجعت الحكومة الفلاحين على اختيار منتوجات فلاحية بديلة، مع العمل على مكافحة الرشوة، والنهوض بالتنمية الاقتصادية.

التذكير بهذه الاستراتيجية مسألة مهمة بالنسبة للمغرب، الذي يعتبر أن مكافحة تجارة المخدرات تعتبر "أولوية وطنية" بالنسبة للمملكة، وهي "لا تشكل فقط واجبا أخلاقيا، بل أيضا ضرورة يمليها واجب احترام تعهدات المغرب الدولية، المنبثقة من المعاهدات الدولية حول تجارة المخدرات والمواد المهيجة، وتفعيلا لبرنامج العمل، الذي جرى تبنيه في الدورة الاستثنائية العشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة".

وانطلاقا من روح هذه الاستراتيجية، يحرص المغرب على مواصلة التعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة "بروح من الشفافية والمسؤولية"، للحد من هذه الظاهرة، وتحديد الوسائل الناجعة لاستئصالها.

وكان المغرب بادر سنة 2004 إلى إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات، معتبرا أن "هذا المشروع الطموح يسعى إلى إدماج مكافحة المخدرات في السياق الجديد المتميز بالعولمة وفتح الحدود، وكذا بالتهديد الذي يشكله الإرهاب الدولي، والذي أصبحت اليوم علاقته مع أموال المخدرات جلية".

ويعتبر المغرب أن الهدف من هذه الاستراتيجية، التي جرى تفعيلها في انسجام تام مع توصيات الأمم المتحدة، يتمثل في كشف جميع المسائل المرتبطة بمكافحة المخدرات، ومعرفة الانخفاض المطرد والملموس لزراعة القنب الهندي، والتحكم المقبول به والدائم في آفة المخدرات على مستويات تقليص الطلب والتجارة والعرض والإنتاج ووضع تدابير للتقييم الدائم الذي تسمح بتقدير التأثير الحقيقي للإجراءات المتخذة.

وبناء على هذه الاستراتيجية، فإن المراقبة على الحدود تعززت بهدف تأمين فعالية المراقبة وسرعة معالجة العمليات، إضافة إلى إعداد برنامج يقضي بوضع أجهزة سكانير بالموانئ الكبرى للمملكة.

ومن جهة أخرى، تنص الاستراتيجية على تشجيع الاقتصاد المحلي بالمناطق، التي تعاني من الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي، على "مزاولة نشاطات مشروعة تتطلب حلولا بديلة، ومبادرات لفك العزلة وحماية البيئة". وفي هذا الصدد، أطلقت العديد من المشاريع الكبيرة، ذات بعد وطني، في مناطق زراعة القنب الهندي، بيد أن المغرب يشدد على أنه في هذا الميدان بالضبط تعتبر "مساهمة التعاون الدولي أساسية"، ويحذر من أن تطور تجارة وتعاطي المخدرات "سيجعلنا نواجه تهديدا دائما سيصيب مجتمعاتنا أكثر وأكثر"، موضحا أن "الوقائع تظهر أن كسب المعركة ما زال أمرا بعيدا". ورغم بعض المظاهر المشجعة والمبادرات الكبيرة على المستوى الوطني والجهوي والدولي، فإن المغرب يبرز، بانشغال حقيقي، أن "عولمة تجارة المخدرات من طرف شبكات الاتجار بالمخدرات تتوفر على وسائل مالية هائلة وتستعمل تقنيات متطورة وناجعة تهدد بإفشال كل الجهود"، الشيء الذي يجعل من الضروري مضاعفة المجهودات من طرف جميع الدول من أجل إيجاد أجوبة مناسبة في إطار تعاون دولي متضامن ومسؤول، إذ أن التزام كل الدول والمسؤولية المشتركة وتقاسمها بين الجميع ستبقى الدعامات الأساسية لكل مكافحة فعالة لمشكل المخدرات في العالم.




تابعونا على فيسبوك