انتعاش بورصة البترول الأخضر في حقول كتامة

الإثنين 24 مارس 2008 - 09:57

تسبب انخفاض مخزون "الكيف" بمنطقة الريف في انتعاش أسعار الحشيش، وارتفاع الطلب على هذه المادة بداية الشهر الجاري، بعد نفاد احتياطي مناطق بني زروال ومتيوا وبني أحمد إلى الجنوب وجنوب غرب حقول كتامة.

وقال مزارعون، في تصريحات لـ "المغربية"، إن أسعار البترول الأخضر في بورصة كتامة، تواصل ارتفاعها، وأن أثمان مخدر "الشيرا" وصلت، مع مطلع الشهر الجاري، إلى 10 آلاف درهم للكيلوغرام الواحد، فيما تتراوح أسعار الصنف الجيد المسمى "البودرة" أو "الغبرة"، بين ثمانية آلاف درهم للكيلوغرام في كتامة، وثلاثة آلاف درهم ببني زروال، أما الصنف الرديء المسمى "تشليلة" أو "دبانة"، فأسعاره تتراوح بين ألف درهم كحد أقصى، و400 درهم كحد أدنى.

التدريحة بالربع وبالثلث وبالخمس

وحافظت أثمان نبتة "الطابة"، التي تدخل بدورها مع الكيف في تدخين "السبسي" و"التنفيحة"، على استقرارها، بسبب محدودية مناطق إنتاجها، إذ تتراوح، حسب جودتها وطبيعة استعمالها، ما بين 200 و250 درهما للكلغ، بالنسبة لـ "التدريحة بالربع"، وبين 300 إلى 400 درهم للكلغ لـ"التدريحة بالثلث"، وترتفع إلى 500 درهم للكلغ بالنسبة لـ "التدريحة بالخمس".

ويرى المزارعون أن مناطق كتامة مازالت تلعب دور القيادة والريادة في إنتاج وتسويق وتصنيع القنب الهندي، رغم تراجع إنتاج حقولها أمام الكميات الضخمة، التي تضخها المناطق الحديثة العهد بالإنتاج في إقليمي تاونات وشفشاون.
وفسرت المصادر نفسها انخفاض أسعار القنب الهندي، في هذه الأخيرة، بتحكم بورصة كتامة وتجارها في تحديد أثمان الحشيش و"الكيف" بتلك المناطق.

احتكار ومنافسة في الأسواق والأسعار

ويجد هذا الاحتكار تفسيره في تحول كتامة إلى سوق للجملة، ما يدفع تجارها إلى اقتناء معظم إنتاج المناطق الجديدة وتصنيعه وإعادة تسويقه في السوق الداخلية والدولية.
ووفق شهادات تجار ومزارعين، التقتهم "المغربية" في بني زروال واستمعت لآرائهم، فإن أسعار "الكيف" بهذه المنطقة تشهد ارتفاعا ملموسا مقارنة مع ما كانت عليه، في الفترة ما بين شهري غشت ودجنبر من السنة الماضية، ما جعل أثمانها تتراوح ما بين 3 آلاف درهم للكلغ بالنسبة للصنف الممتاز، و400 درهم للصنف الرديء، فيما كانت الأسعار نفسها مضاعفة وتتعدى في معظم الأحيان عتبة 6 آلاف درهم للكلغ، قبل خمس سنوات.
وتجمع الآراء، التي استقتها "المغربية" بالمنطقة، على أن ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن يعود أساسا إلى تراجع العرض وكثرة الطلب، واستنفاد مخزون المنطقة وإنتاجها بسبب ارتفاع الطلب عليه من لدن تجار كتامة.

مضاربة وتذبذب أثمان الكيف

ويخضع ثمن "الكيف" بشكل عام للمضاربة في السوق السوداء، ويرتفع سعره من منطقة إلى أخرى حسب جودته وحنكة مروجيه، وما إذا كان الأمر يتعلق بسوق الجملة أو التقسيط، وبين السوق الداخلية والخارجية من جهة ثانية.

وتضيف المصادر ذاتها أنه رغم ارتفاع أسعار "الكيف" في الوقت الراهن، فإنها تظل مع ذلك منخفضة مقارنة بما كان الحال عليه قبل نهاية عام 2002، إذ أنها سجلت في الآن ذاته حدوث استقرار في أثمان "الكيف" ومشتقاته، منذ خمس سنوات، رغم ظهور تفاوتات بين مناطق الإنتاج وفصول السنة.

وعزت الآراء ذاتها تذبذبات الأسعار في هذه الفترة إلى الحرب، التي أعلنتها الجهات المختصة على تجار ومروجي ومنتجي المخدرات، وما أعقب ذلك من تشديد للإجراءات الأمنية على نشاطات التهريب في هذا المجال منذ الأحداث الإرهابية، التي هزت الدارالبيضاء في 16 ماي 2003، وشل نشاطات "الشريف بين الويدان" و"الرماش"، بالإضافة إلى أباطرة آخرين.

ويرى العارفون بسوق "الكيف" أن توقيف نشاطات بارونات تهريب المخدرات، لم يوقف قنوات ضخ كميات مهمة من الحشيش، وأن مفعول ذلك ظل محدودا في ما يتعلق بإنتاج ورواج هذه السلعة، مشيرين إلى أن ذلك مرتبط بوجود مهربين ووسطاء وتشعب طرق ووسائل عديدة على مستوى الترويج.

وتفيد المصادر ذاتها أن الحرب المعلنة على تسويق الحشيش وازته حرب أخرى على مزارعيه بالمناطق الحديثة الإنتاج، ما جعل الكميات المنتجة سنويا تتقلص تحت تأثير عمليات الإتلاف والجفاف، الذي يضرب المنطقة دوريا.

وعلى حد تعبير مزارعي العشبة في حقول كتامة، فإن السر الكامن وراء انتعاش سوق الحشيش في هذه الحقول، مرده بالأساس، إلى تقلص المساحات المنتجة للقنب الهندي خارج النطاق التقليدي لهذه النبتة "منطقة كتامة"، وإتلاف كميات ضخمة من محصول ومخزون "الكيف" لدى المزارعين بقرى إقليم تاونات وتطوان والعرائش ومناطق من شفشاون.
وفرض تراجع إنتاج الحشيش وتذبذب أسعاره، دخول مناطق إنتاج عديدة في حرب إشهارية، في محاولة منها لتسويق أكبر كمية من مخزون حشيشها، واستقطاب التجار والمروجين بالجملة وبالتقسيط.

السبسي مسرح والكيف مدرح

وفي هذا الإطار، نجد أن سكان قرية بني عيسي يعملون جاهدين على استمالة زوارهم من مستهلكي ومهربي هذه المادة، مستعملين العديد من العبارات الإشهارية، من قبيل "مرحبا بيك عقبا على وجاه العيسي، السبسي مسرح والكيف مدرح"، أو عبارة "الكيف ديال بني عيسي والطابة ديال برنص، غير كمي وتقرنص".

وعلى عكس ذلك، فسكان قرية بني سدات يرددون "كيف بني سدات منها نجيبها بدات"، ما يزيد برأيهم من حدة التنافس بين المناطق التقليدية المنتجة للكيف، وبين هذه الأخيرة والمناطق الحديثة العهد بهذه الزراعة إلى حد لم يعد معه، برأيهم، تمييز الحشيش الجيد من الرديء.

ويمكن بواسطة 90 كلغ من الكيف المجفف و10 كلغ من مسحوق التبغ، الحصول على كلغ واحد من "الشيرا" من النوع الممتاز المعروف برمز الصفر المضاعف.

ويستعمل "السبسي" لاستهلاك الكيف، وهو عبارة عن أنبوب خشبي، قد يبلغ طوله 30 سنتيمترا، يوضع على رأسه غليون من الفخار، يجري ملؤه بمسحوق الكيف، في ما يسمى بـ "التعميرة" وهو ما يكفي لوجبة واحدة من التدخين، التي تستغرق 20 ثانية.
ويستخرج الحشيش من القنب الهندي، وهو خشن الملمس، عبارة عن إفرازات لزهرة هذا النبات ومستخلصات السطح العلوي لأوراقه.

ويجري فصل هذه الإفرازات بطريقة شبه معقدة، أما السيقان عديمة الفائدة، فتجفف لتصبح حشيشا من درجة ثانية.

ويمكن الصنف الرديء من القنب الهندي، الذي يصعب معه استخراج الحشيش، من استخلاص صنف "الدبانة"، وهي الأرخص سعرا، ما يدفع بالمضاربين إلى شراء كميات منه وخلطه بالنوع الجيد من الحشيش، قبل بيعه لزبناء يجهلون طرق الكشف عن أصنافه وجودته.

نانسى عجرم أغلى من هيفاء وهبي

وعموما، ما زال الحشيش المغربي يحتل الصدارة في الترويج والجودة والأسعار بدول أوروبا، وفق ما نشرته وسائل إعلام مختلفة، فالحشيش المصري عرفت أسعاره انخفاضا، إذ تتراوح أثمانه ما بين 40 و 60جنيها.

ومن طرائف عشبة "الكيف" ومشتقاته بأرض الكنانة، إطلاق أسماء فنانين ومشاهير على أسعاره وأسمائه، فالحشيش المرتفع ثمنه يحمل اسم نانسى عجرم، ويباع بـ 150 جنيها، أما حشيش هيفاء وهبى فيباع بـ 120 جنيها، ما يجعل حشيش نانسي أغلى من حشيش هيفاء.




تابعونا على فيسبوك