الزواج بالوشم والطلاق بماء النار

الأربعاء 22 فبراير 2006 - 14:28

انتشرت ظاهرة الوشم في أوساط الشباب في الآونة الأخيرة، وأصبحت تتطور بصورة تتلاءم مع الموضة والأزياء، كما امتدت أهمية الوشم عند البعض ليصبح رباطا سميكا بين المحبين يشبه رباط الزواج، إذ يكتب المحب اسم حبيبته وأحيانا يرسم صورتها على جسده كدلالة على حبه لها وو

ويعتمد الوشم على الإبر لإدخال مادة من الحبر تحت الجلد لكتابة رموز وكلمات أو رسم رسومات ذات دلالات خاصة بصاحبها، تقول منى فؤاد، التي جاءت رفقة خطيبها محمد ثابت إلى المركز لكتابة اسمهما بالوشم على كتفيهما "فكرنا في هذه الصيحة كدلالة على حبنا وارتباطنا الشديد، وأن الموت هو الشيء الوحيد الذي سيفرقنا، وإن كتب علينا الفراق فلتكن ماء النار هي التي تمحو ذكرياتنا".

ماء النار لمحو اسم الحبيب
تقول نهى إسماعيل إحدى المختصات على عمل الوشم بمركز تجميل في أحد ضواحي القاهرة، والتي رفضت بشدة تصويرها: "الوشم معروف منذ آلاف السنين حيث استخدمته الشعوب القديمة، وكان يستخدم كتعويذه ضد الموت في الديانات الوثنية، وضد الروح الشريرة، وللحماية من السحر، بينما استخدمه العرب كعلاج يمنع الحسد بين القبائل، وكذلك للزينة والتجميل".

وتُعَرف نهى الوشم بأنه ثقوب يتم تحديد مكانها في الجسم بقلم دوار في مقدمته إبرة تحمل الصبغة إلى الجزء المخصص في الجلد والمراد الرسم عليه، وهذه العملية تتطلب دقة متناهية، وتستغرق من ساعة إلى ساعتين تقريبا حسب مهارة الواشم.

وتضيف نهى: "هناك أنواع عديدة من رسومات الوشم أغلبها رسومات من الطبيعة فالبعض يختار الرسومات التي تعبر عن القوة والصلابة، وأحيانا القوة الشخصية مثل رسومات الجماجم والأفاعي وغيرها، والبعض وهم كثيرون يختارون الرسومات التي تعبر عن الحب الجارف، أو العرفان بالجميل لشخص بعينه، وبعضهم يقلد مشاهير النجوم في رسوماتهم المجنونة، سواء كانت من فروع الشجر أو الورود في مناطق ظاهرة من الجسد" وعن أعمار زبائنها وجنسهم تقول نهى: "الشباب من الجنسين يقبلون على دق الوشم وإن كان الذكور أكثر من الفتيات، كما أن الكتف أكثر أماكن الجسد التي يوشم فيها وأحيانا البطن والصدر، وتتراوح أعمار زبائننا من 14 إلى 35 سنة، أغلبهم من الطبقة الغنية بالمجتمع، ممن يلهثون وراء الموضة".

وأوضحت نهى، أن الموضة المنتشرة الآن بين الشباب من الجنسين هي رسومات الحب الجارف وكتابة اسم الحبيب للتأكيد على الارتباط الأبدي ، فالوشم لايمكن إزالته إلا بماء النار أو من خلال عملية جراحية يتم بها إزالته باستخدام الليزر.

وشم الأفعى يشعرهم براحة نفسية
ويقول يوسف عبد الله طالب بالجامعة الأميركية وأحد الشباب المولعين بالوشم: "الأمر طبيعي ولا أعرف لماذا يرفضه بعض الناس، فالوشم له معنى في نفسي حتى ولو لم يره الآخرون، كما أنني أعبر به عن شيء لطالما رغبت فيه وهو القوة الخارقة من خلال صورة الأفعى، وهذه الصورة تشعرني براحة نفسية".

ويضيف يوسف "التقدم العلمي سهل عملية إزالة الوشم بأشعة الليزر الأمر الذي ييسر علينا تغيير رسوماته على عكس مامضى"، يقول د عصام شلبي أستاذ الأمراض الجلدية بمستشفى الحوض المرصود: "الوشم من أخطر التقليعات التي يؤذي بها الإنسان نفسه، حيث أن أغلب المواد الكيميائية المستخدمة في الحبر هي صبغات صناعية صنعت في الأصل لأغراض أخرى مثل طلاء السيارات، أو أحبار الكتابة فضلا على تلوث دم الإنسان عند ثقب الجلد واختلاط الدم بالتراب والملوثات، خلال تعرض الجلد لجرح فيترك ندبة أو أثر فيكون الإنسان عرضه للإصابة بفيروسات خطيرة مثل فيروس ـ H ـ المسبب للإيدز أو الإصابة بفيروسات الالتهاب الكبدي والإصابات البكتيرية الناجمة عن تلوث الإبر المستخدمة في الوشم والتي قد تسبب هي الأخرى سرطان الجلد والصدفية والحساسية بالإضافة إلى انتقال عدوى بعض الأمراض خاصة عند الكتابة بالوشم".

الوشم يعرض دم الإنسان للتلوث
ويضيف د شلبي "هناك حالات مرضية يستخدم فيها الوشم كأسلوب للزينة بغرض إخفاء آثار الجروح والحروق في أماكن معينة، أو كالذي يستخدم لإخفاء بعض المناطق البيضاء المصابة بالبقع، أو لإخفاء بعض العيوب عند بعض النساء كتلك المستخدمة في رسم الحواجب وغيرها، ويستخدم فيها الوشم بتقنية معينة يندر فيها احتمالات التلوث، كما يكون الطبيب على معرفة تامة بالألوان المستخدمة".

ويحذر د أحمد عمر أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية الطب جامعة القاهرة من خطورة الأمراض التي تنتج عن دق الوشم وإزالته، حيث تصيب الجلد ببقع أو ما يعرف بأكسدة الخلايا فضلا على احتمالية الإصابة بأمراض عديدة ونبهت الكثير من الدول عن خطورة الوشم.

ويضيف د عمر "هناك ثلاثة يمارسون الوشامة وهم (هاوي أو محترف أو طبي) وأخطرهم الهاوي والمحترف لأنه لا يتجنب التلوث واحتمالات انتقال العدوى من الأدوات المستخدمة في الوشم، كما أن أكثر الحالات التي لجأت إلى الوشم والتي أشرفت على علاجها نادمة على ما أقدمت عليه بسبب تغير لون الجلد وإصابته بالحساسية، وبسبب ما أصابهم من الوشم كنفور المجتمع منهم أو تقلص فرص العمل أمامهم".

وتقول د عزة كريم أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي بالبحوث الاجتماعية والجنائية: "الوشم أصبح ظاهرة خطيرة انتشرت بين الشباب في محاولة للتقليد الأعمى لأهل الفن سواء كانوا من المطربين أو الممثلين المحليين أو العرب أو الأجانب".

وأرجعت د عزة سبب لجوء الشباب إلى الوشم إلى أسباب عدة من بينها الفراغ القاتل، وعدم إحساسهم بالثقة والأمان من حولهم، بالإضافة إلى عدم وجود ثقافة قومية ودينية، وعدم شعورهم بقيمة الحياة، ولهذا فالمسؤولية تقع على الآباء قبل الأبناء، لانشغالهم عن أبنائهم وعدم متابعتهم ومراقبة سلوكياتهم.

كما اعتبرت د عزة أبشع أنواع الوشم هو الزواج بالوشم، وهو ما رصدته بعض الأبحاث، حيث ابتكر شباب هذا الجيل طريقة غريبة للزواج بأن يقوم بكتابة عقد الزواج بالوشم على جسد الزوجين، أو يرسمون صورهم وبالتالي فهم يطلقون بماء النار عند إزالة الوشم، وهذا استخفاف برباط الزواج، وأعتقد أن هذا هو النتاج الطبيعي لحالة الفراغ الفكري والثقافي الذي يعاني منه بعض الشباب.

في حين اعتبرت د سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، الوشم تقليد أعمى أصاب الشباب من الجنسين، خاصة المصابون بأمية ثقافية ودينية، اللاهثون وراء التقاليع والموضة في غياب دور التنشئة الاجتماعية والمدرسة والجامعة والمؤسسات التربوية.

وأضافت د سامية أن الدراسات الحديثة ربطت بين الوشم والاضطرابات النفسية والسلوكية، إذ وجدت أن غالبية الأشخاص الذين يقدمون على الوشم مصابون باضطرابات سلوكية وانحرافات ومشكلات نفسية.
عن موقع عربيات بتصرف




تابعونا على فيسبوك