مغاربة يحتفلون بـ سان فالانتاين

هدايا تبدأ بوردة حمراء وتفوق 3700 درهم

الأحد 12 فبراير 2006 - 12:03
المناسبة استحضار للحب كقيمة إنسانية رفيعة

يحتفل العالم يوم 14 فبراير المقبل بعيد الحب أو ما يعرف بـ "سان فالانتاين"، عدد من المغاربة يجعلونها مناسبة ليس للعشاق المتيمين بل لإشاعة الحب وسط العائلة
تتحدث ثلاث فتيات من أوساط متباينة عن المناسبة.

يأخذ "سان فلانتاين" أو عيد الحب عند انتصار، 24 سنة بعدا مختلفا عن مجرد احتفاء بالحب بينها وبين حبيبها "منذ وعيت ونحن في المنزل نحتفل بهذه المناسبة، كنا نجعل من 14 فبراير ذكرى للفرح، يقدم أبي الهدية إلى أمي ونعد طعاما خاصا بالمناسبة" تقول الشابة البيضاوية، وكانت هي الأخرى تقدم هدية لأمها "أكتفي بقطف زهرتين، ليستا بالضرورة حمراويين، أهدي واحدة إلى أبي والثانية إلى أمي".

أضحت المناسبة بالنسبة للطفلة انتصار حدثا سعيدا، لم تكن تعي أبعاد هذه الذكرى مرت السنوات ولا أعرف شيئا عن الذكرى، لما بدأت أشتغل وأصبح بإمكاني شراء هدايا، كنت أقتني علبتين للسجائر واحدة لأمي والثانية لأبي".

لا تنتمي انتصار إلى طبقة ميسورة "كان لنا ما نعيش به، لسنا أغنياء، إذ تعد أمي الطعام يكون مختلفا عن الأيام العادية ونجتمع في المنزل ونستمتع بالموسيقى أو نشاهد برامج تلفزيونية، وننهي الاحتفال بالغناء جماعة".

مع تقدم السنين وعت انتصار معاني هذا العيد "في سن 18 تلقيت أول هدية في عيد الحب، كانت من شاب في سني، كان "مجنونا علي" وللتعبير عن هذا الحب منحني باقة ورد حمراء، كان ذلك أول اعتراف بالحب في هذه المناسبة".

بدأ العيد يأخذ معنى آخر عند انتصار "صرت أتلقى الهدايا كان اللون الأحمر دائم الحضور تنوعت من الشوكولاتة إلى الدعوات إلى المطعم لتناول العشاء خلال ليلة 14 فبراير" وتتذكر الشابة العاملة في قطاع التواصل أن آخر هدية تلقتها كان عبارة عن "هاتف محمول أحمر اللون"، بينما منحت الحبيب "ربطة عنق حمراء أو دعوة إلى مطعم"
"السان فلانتان موعد للاحتفال، أمام مشاغل الدنيا ومشاكلها لا نجد يوما للاحتفال بالحب، وهذا اليوم مناسبة لهذا الأمر، أنا لن أنس هذا 14 فبراير ما حييت، خلاله تلقيت أول اعتراف بالحب من حبيبي".

باستحضار كل هذه الذكريات وبعد أن رحل أبوها إلى دار البقاء، تستمر انتصار في الاحتفال بالذكرى "الآن أفكر في الهدية التي أقدمها لحبيبي، ستكون جميلة، وأفضل أن أفاجأه بها".

وتؤكد أن عيد الحب لا يرتبط بالتأكيد بممارسة الجنس "الاحتفال، منذ أن وعيت لم يكن مرتبطا بالجنس، إنني أحتفل بهذه المناسبة لاستحضار الحب كقيمة إنسانية رفيعة"
وتؤكد أن صديقاتها تحتفلن بالعيد، في المقابل تؤكد أن الرجال أقل اهتماما بالمناسبة "صديقي السابق لم يكن يكترث بهذا العيد، بل لم يقبل حتى الفكرة".

لا يقتصر الاحتفال بـ "سان فلانتاين" على طبقة انتصار، بل يشمل جميع طبقات المجتمع وفئاته، فإكرام الصحافية، التي تبلغ نفس عمر انتصار، درست في مدرسة تابعة لإحدى البعثات الأجنبية في المغرب، تحتفل بعيد الحب منذ السادسة عشر من عمرها "علمت بوجود هذا العيد في المجلات الأجنبية، الفرنسية بشكل خاص وبعض القنوات التلفزيونية، في سن السادسة عشر، كنت أدرس في الدار البيضاء.

كيف نشأ عيد فالانتاين شفيع العشاق؟
يحتفل العشاق يوم 14 فبراير من كل سنة بعيد الحب "سان فالانتاين" من خلال تبادل باقات الزهور والقلوب الذهبية او الشوكولاتة إحياء لذكرى الأسقف الذي مات شهيدا في القرن الثالث لقيامه سرا بعقد زيجات ليصبح في ما بعد شفيع المحبين.

وفي الحقيقة هناك ثلاثة فالانتاين لكن الأسقف يعتبر الأكثر مصداقية كشفيع للعشاق
ففي العام 268 قرر الامبراطور كلود الثاني الملقب بـ "القاسي" حظر الزواج على جنوده لكي يستمر هؤلاء في الذهاب للدفاع عن أطراف الامبراطورية بدلا من البقاء في منازلهم مع نسائهم واطفالهم.

فقام فالانتاين الذي كان يعرف عنه بأنه محب للسلام بتزويج الشبان سرا وتوسعت حركته إلى درجة تأثر بها التجنيد الى حد كبير، عندئذ استدعى الامبراطور الاسقف وحكم عليه بالموت، وكان ذلك في شباط سنة 270.

وبعد قرنين تقريبا من ذلك كانت روما قد اعتنقت الديانة المسيحية وأرادت الغاء طقس وثني تكريما لإله الريف لدى الرومان الذي كان يشكل ذريعة لممارسات جنسية لم تكن تستسيغها الكنيسة.

فتقرر عندئذ إحياء ذكرى الاسقف "رسول الزواج" فنشأ عيد "السان فالانتاين" لكن التاريخ لا يبين في أي وقت اصبح هذا العيد مناسبة لتبادل الهدايا، ويبدو ان تقليد تبادل بطاقات المعايدة بعيد الحب او العشاق كان موجودا بالفعل في القرن الخامس عشر لأن المتحف البريطاني يعرض بطاقة أرسلها دوق أورليانز إلى زوجته في العام 1415 فيما كان أسيرا في لندن.

وكانت البطاقة تحمل رسما لزوجين شابين يقدمان لنفسيهما أزهارا فيما يحلق "كوبيد" إله الحب وهو معصوب العينين فوقهما، وفي البلدان الانغلوساكسونية التي ينتمي معظم سكانها الى البروتستانتية يحتفل بالسان فالانتاين باندفاع وحماسة أكبر من العالم اللاتيني.

لكن في الولايات المتحدة حيث أصبح "فالانتاين داي" في 14 شباط يضاهي عيد الميلاد بأهميته، لم يعد العيد محصورا بالعشاق، بل اتخذ بعدا أكبر إذ بات تبادل الهدايا والأمنيات يشمل الأصدقاء والأهل و"جميع من نحب" على حد قول كيث غاغنر الذي لا ينسى أبدا إرسال بطاقة معايدة إلى والدته لأن الأم هي "أول سيدة نحبها" على حد قوله.

كان لي صديق "بوي فراندس" يدرس معي في القسم، فاقتنيت له علبة حمراء بها ورود باللون نفسه بالإضافة إلى قارورة عطر، منذ تلك الفترة دأبت على الاحتفال بهذا العيد"
حرصها على الاحتفال بهذه الذكرى دفعها إلى تغيير هداياها خلال هذه المناسبة "بدأت أدعو صديقي إلى العشاء في مطعم أو الاقتصار على عشاء رومانسي وجها لوجه أو أدعوه إلى قضاء نهاية أسبوع في مكان بعيد".

تتذكر هديتها للحبيب بقضاء نهاية أسبوع في مدينة حالمة "أتذكر أن أحسن ذكرى بهذه المناسبة كانت نهاية أسبوع بالبندقية بإيطاليا، مدينة الحب والرومانسية، كنت آنذاك أدرس في العاصمة الفرنسية باريس".

وتتذكر هدية أخرى غالية قدمتها لصديقها، كان عشاء رومانسيا على نهر "السين" بباريس "تناولنا السومو وسلاطة بالكروفيت والخمر والشوكولاتة، كان نزهة رومانسية"
لم تتوقف إكرام عن الاحتفال بالمناسبة حتى عندما فقدت الصديق، كنت أحرص على الاحتفال بهذه المناسبة، لكن رفقة صديقاتي اللواتي لا تتوفرن على "بوي فرانس"، كان عشاء "العزاب الوحيدين".

إذا كانت الإمكانيات المادية قد سمحت لإكرام وانتصار من تقديم هدايا في هذه المناسبة إلى الحبيب، فإن ضيق ذات اليد لم يمنع الطالبة سناء، القاطنة بعين الشق في الدار البيضاء، من استحضار هذه المناسبة والاحتفال بها "بدأت الاحتفال بـ "سان فلانتاين" منذ أن نشأت علاقة حب بيني وبين أحد زملائي في الدراسة، فقدم لي هدية في هذه المناسبة عبارة عن وردة حمراء، كان تأكيدا لحبه لي".

سناء وصديقاتها من الحي أو في الجامعة تحرصن على الاهتمام بهذه المناسبة "ما يهمني هو أن يذكرني بحبه خلال هذه المناسبة"، على خلاف انتصار وإكرام فإن سناء تحتفي على طريقتها خلسة "طبعا لا أحد من العائلة يعلم أن لي صديق فكيف سيعرفون أنني أحتفي بهذا العيد، في العائلة، الأعياد الدينية هي التي تستحق أن نحتفي بها"
لذا فهي لا ترى حبيبها إلا نهارا يوم 14 فبراير "أقضى معه ساعات داخل الجامعة أو في إحدى المقاهي القريبة منها، ثم أدخل إلى المنزل قبل السابعة ليلا"، صديقات سناء تحتفلن بالمناسبة بالطريقة نفسها، وخلال ليلة العيد تستطيع سناء الاختلاء في إحدى غرف المنزل لتتحدث لدقائق مع "البوي فراندس".

عيد الحب عيد تجاري تؤكد الصحافية إكرام أن الاحتفال بعيد الحب لا علاقة له بالدين، وإن حمل اسم "القديس فالانتاين" "إنه عيد تجاري صرف"، هذا الوجه يظهر بشكل جلي في المحلات التجارية بالمدن المغربية الكبرى.

وتستغل مجموعة من الماركات المناسبة بنشر إعلانات لماركاتها على صفحات الصحف
كل الهدايا ترتدي "جبة عيد العشاق" من الشوكولاتة حتى الملابس النسائية والرجالية الداخلية مرورا بالملابس والديكور واللوحات والهواتف المحمولة و"إي بود"، فالمجلة العائلية "فادي أكتيال" في عددها الأخير خصصت في عددها لشهر فبراير خمس صفحات لمساعدة العشاق على اختيار الهدايا وتسهيل المامورية، وحرصت على وضع ثمن كل ماركة والمحلات التي تتوفر عليها، وهذا يعكس إقبال المغاربة على هدايا عيد الحب
من الهدايا المرتبطة بعيد العشاق "الشوكولاتة" و"الورود الحمراء".

حمزة صاحب متجر لبيع الشوكولاتة البلجيكية "فالانتين"، أوضح أن الأمر لا يقتصر على الأغنياء ولا على فئة عمرية معينة "يزورنا خلال أيام عيد الحب كل الفئات العمرية من 16 سنة وما فوق، ومن جميع الطبقات الفقيرة والمتوسطة والغنية" ثم يستطرد "هناك حضور نسبة كبيرة من أبناء مدارس البعثات الأجنبية في المغرب والمدارس العليا" في جميع الحالات يختار العاشق أو العاشقة بمفرده الهدية التي يقدمها إلى محبوبته أو محبوبه
حمزة صاحب المحل المتواجد بحي بوركون في الدار البيضاء، بدأ قبل عشرة أيام في الاستعداد للحدث "هذه الفترة كافية لإعداد المحل لهذا العيد، إذ نهيئ الشوكولاتة لجميع الأذواق والجيوب، إذ تبدأ لعبة للشوكولاتة من مائة درهم وقد تصل إلى 1400 درهم"
في هذه المناسبة تكون الشوكولاتة على شكل قلب الأكثر انتشارا "كل ألوان القلوب تحظى بإقبال كبير أيام السان فالانتاين".

إذا كان حمزة قد تأخر في إعداد متجره فإن محلا ثانيا للشوكولاتة "نوهاوس 1857" أعد للمناسبة، قلوبا حمراء وأنواعا وأشكالا وألوانا من الشوكولاتة في تغليف للهدايا
هذه الماركة الراقية من الشوكولاتة باهضة الثمن، إذ يصل ثمن 125 غرام 85 درهما، أما العلب الصغيرة على شكل قلوب فتتجاوز 200 درهم، وهو ثمن "يين يانغ" الذي يجسد تلاحم المرأة والرجل حسب الثقافة الشرقية، يقدم المحل أثمنة لجميع الطبقات كل حسب استطاعته.

الورد والشوكولاتة يهيمنان على الهدايا يقبل العشاق كثيرا على الورد خاصة الأحمر "أمام الإقبال الكبير على الورود خلال عيد الحب يرتفع الثمن" يقول بائع بسوق "المركز" في الدار البيضاء.

غالبية مقتني الورود من المغاربة "يوما 13 و14 فبراير ترتفع مبيعاتي من الورود بشكل كبير، وأحقق رقم معاملات يفوق 20 في المائة مقارنة بالأيام العادية" يضيف البائع
ويوضح أن الإقبال على هذه الورود لا يقتصر على الطبقات الميسورة والمتوسطة "كثير من الشباب يكتفي بشراء وردة حمراء وإعدادها كي يقدمها هدية في هذا العيد إلى حبيبته" يقول البائع.

في عيد العشاق ليس هناك وسيلة أكثر تعبيراً من وردة حمراء يقدمها الحبيـب لحبيبته محملا إياها مشاعره، ولدت "لغة الأزهار" في القسطنطينية في بداية القرن السابع عشر، ودخلت انجلترا في العام 1716، ثم انتشرت بعدها في فرنسا حيث ولد كتاب "لغة الأزهار" الذي حمل 800 رسالة تنقلها الأزهار عبر ألوانها المختلفة وأنواعها المتعددة إضافة إلى طرق تقديمها.

من ضمن هذه الرسائل، نذكر ما يلي: الوردة الحمراء المتفتحة الأوراق تشير إلى الجمال، إتحاد اللونين الأحمر والأبيض في باقة واحدة يشير الى الرغبة في الاتحاد مع الآخر.

س الورد الأصفر تعبير عن الغيرة، فيما يعبّر الإيريس الأصفر عن الشغف البراعم البيضاء تحذر الآخر من أنه لا يزال صغيرا للوقوع في الحب، وردة من دون أشواك تقول للحبيب "معك لا أخشى شيئاً". للراغـبين بالتقدم بعرض للــزواج، فليضعوا ورودهم في باقة من اللبلاب IVY.

للعازبات فقط في القرن السابع عشر، درجت العادة ليلة عيد العشاق أن تتناول الفتيات العازبات الراغبات في الزواج وجبة مسائية قوامها البيض المسلوق، وأن يضعن خمسة أوراق من الغار تحت الوسادة قبل النوم، اعتقادا منهن بأن ذلك سيجعلهن يحلمن بزوج المستقبل.




تابعونا على فيسبوك