الدار البيضاء مهددة بأنفلونزا الطيور

سوق أقرب لحظيرة خنازير يباع فيه الدجاج النافق للمطاعم

الثلاثاء 07 فبراير 2006 - 15:15
أنفلونزا الطيور تقع على مشارف معتقل درب مولاي الشريفالسري

صباح السبت الماضي، إسفلت الشوارع في مدينة الدارالبيضاء شبه الفارغة مبلل بزخات مطرية والأشجار في شارع المولى إسماعيل بدت نظيفة بعد أن غسلت أوراقها المياه من شحوم وأدخنة السيارات.

على مشارف أمتار من معتقل درب مولاي الشريف السري سابقا توقفت السيارة، يمينا ثمة لوحة خشبية كتبت عليها عبارة "ولاية الدار البيضاء الكبرى، المجموعة الحضرية، سوق الدواجن".

وفوقها تشويرة مرورية تفيد عبارة "ممنوع المرور"، تجاوزنا بوابة نصف حائط يسيج السوق بالداخل انتشرت رائحة نتنة والشاحنات، كما "الهوندات" تعبر فوق أرضية السوق الأشبه بمستنقع نفايات عائم زادت الأمطار جنباته عطانة وقذارة. من هنا يجري تسويق لحوم الدجاج الموجه للاستهلاك في مدينة ممتدة عمرانيا وبشريا

حظيرة خنازير
"نحن هنا منذ تسع سنوات نعيش الذل اليومي ذاته، جرى ترحيلنا من "المارشي القديم" وقدمت لنا وعود كثيرة بشأن تنقيلنا للسوق الجديد بحي الهراويين المتاخم لمجازر المدينة قبل أن يحول ساجد هذه البناية لسوق السمك، نحن كتجار ندفع ثمن أخطاء المسيرين السابقين، في إشارة لملفات الفساد المالي والإداري التي يتابع فيها مسؤولون بالإدارة الترابية وتدبير المرافق العمومية.

متلصصين تجولنا بين أقفاص خشبية، أكد مهنيو السوق أن سعة القفص الواحد مابين 45 و50 دجاجة، الإسفلت اختفى تحت طبقة لزجة من التربة المشبعة بالنفايات، في الوسط تشكلت بركة ماء آسنة، تتدفق مياهها نحو الراجلين كلما مرت عجلات شاحنة فوقها
تحت سقف هيكل بناية قديمة تجري عملية تفاوض بين التجار حول الأقفاص في ما يعرف بـ "الدلالة".

وفي زاوية تطل على موكب الشاحنات نصبت طاولة يبيع صاحبها كأس شاي صغير بدرهم ساخنا والسجائر وحلويات، تحت الطاولة بقايا بيض مكسور وعلب غارقة في الوحل
بدت الطاولة أشبه بمقهى اضطرارية في زمن سوق الدواجن للجملة بمدينة الدار البيضاء
رغم الفوضى يحاول التجار أن يشكلوا "أروقة" لعرض الدواجن، في أحد الأروقة شاهدنا ديكا روميا يقف على رجل واحدة كمالك الحزين.

تحت سقف ممر طويل نشط أشخاص في إزالة ريش الدجاج المذبوح بعد غمره في الماء الساخن، بينما تنتشر في المكان رائحة كريهة تشعرك بالرغبة في القيء، وعلى الأرض نترت أرجل الدجاج ممتزجة بمخلفات الأحشاء.

لحوم فاسدة للمستهلكين
في الخارج اتسعت حلقة المتجمهرين حول المصور الفوتوغرافي للجريدة، وتعالت الحناجر مرددة "لقد نسانا المسؤولون هنا منذ سنوات ونشكو تعدد السرقات تحت التهديد بالسلاح الأبيض ونطالب بحل لوضعنا".

وشدد آخر على كون قائد المقاطعة 43 بدرب مولاي الشريف استغل غياب التجار في عطلة عيد الأضحى وأتى بجرافة على "محلات تجارية" والحق أن السوق عبارة عن "حطة" حولها مكاتب مخصصة لموظفي المجلس الجماعي المحترم للعاصمة الاقتصادية للمغرب
يتدخل بوعزة هاسيك، أمين تجار السوق، محاولا تبرئة السلطة المحلية بدعوى تلقيه لـ "أوامر عليا"، على حد قوله، مشددا على أن السلطات على علم بترويج لحوم الجيف من الدجاج النافق في السوق بشكل مضطرد.

ويؤكد أمين التجار أن المهنيين يشتكون من تنامي ظاهرة السرقة ووجود عصابات مدججة بالسلاح الأبيض تتاجر في لحوم الجيف الفاسدة مدعومة بأشخاص مكلفين بـ "سلق الدجاج" في الماء الساخن ممن يعمد بعضهم إلى تزويد الزبون بـ "دجاجة مضروبة" عوض التي تسلمها توا من الزبون.

لا مجال لطرح سؤال حول المراقبة البيطرية وزيارات لجن حفظ الصحة بعمالة مقاطعات الحي المحمدي عين السبع أو على مستوى الولاية، فالتجار أجمعوا على عدم وجودها وأقسم شيخ وقور بأغلظ الأيمان بوجود تلاعبات في تسيير السوق وتمتم بصوت متحشرج قائلا "والله أولدي إيلا محنونا وكرفصونا بزاف في هذا السوق".

ويصف هاسيك أمين التجار السوق بـ "المنسي"، الذي لايزوره أحد من المشرفين على تدبير الشأن الترابي والمحلي لمدينة الدارالبيضاء بمن فيهم المراقبون البيطريون ولجان حفظ الصحة، مشددا على أن أزيد من 500 شخص يعملون في ظل وضع ينعدم فيه الأمن داعيا إلى إعادة فتح مخفر الشرطة الذي غادره أفراده منذ أزيد من سنة ونصف السنة، تاركين المنحرفين يفرضون قانونهم الخاص في السوق.

وذهبت تصريحات المهنيين بسوق الدجاج بالجملة للتأكيد على وجود ممونين لأسواق بالبيضاء خصوصا محلات بيع الأكلات الخفيفة و"السندويتشات" يتبضعون كل صباح من الساحة المواجهة للسوق كميات من لحوم الجيف وصفتها مصادرنا بـ "المهمة"، مشيرة إلى أن سيارات فارهة وأخرى مخصصة لنقل السلع تفد يوميا على سوق يرتاده أيضا تونسي يملك مطعما مشهورا بالمدينة، في وقت تبذل فيه الجهات الحكومية مجهودات لتفادي انتقال مرض أنفلونزا الطيور للمغرب، يظل المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء والسلطات المحلية غير مكترثين للوضعية التي يعيشها سوق الجملة لبيع الدواجن.

تحدثت مصادر مهنية لـ "الصحراء المغربية" عن ما أسمته بـ "الإهمال الشديد" لهذا المرفق العمومي، مشيرة إلى أن توصيات لجنة تقنية بعمالة مقاطعات الحي المحمدي دأبت على عقد اجتماعاتها كل أسبوع لم تعرف طريقها للتنفيذ من طرف المشرفين على تدبير الشأن المحلي للمدينة.

وعزت المصادر ذاتها انتشار الأزبال بشكل لافت في السوق كونه "غير معني بعقد التدبير المفوض لقطاع النفايات الصلبة المبرم مع شركات النظافة".




تابعونا على فيسبوك