مظاهر عيد الأضحى في الدار البيضاء تغيرت

دكاكين الأكباش في الأحياء الشعبية تنافس سوق إفريقيا والمساحات الكبرى

الخميس 28 دجنبر 2006 - 12:52

لم تعد "رحبة الغنم" تحتكر، وحدها، بجلبتها، سوق أضحيات"العيد الكبير" في العاصمة الاقتصادية

وأضحى ينافسها في ذلك دكاكين الأحياء الشعبية التي تتكدس فيها الأكباش
كما لم يفت بعض المراكز التجارية الكبرى، أو ما يعرف بالأسواق الممتازة، الانخراط في هذا النوع من التجارة، بصورة أرقى، بعيدة عن الفوضى والصخب
ليس هذا إلا واحدا من المظاهر الجديدة لعيد الأضحى في الدار البيضاء، وهي المظاهر التي ترافقت مع تغير العديد من العادات المرتبطة بهذه المناسبة الدينية، وما يحيط بها من طقوس واحتفالية تجعلها في بؤرة اهتمام مختلف شرائح المجتمع
ففي الماضي القريب، كانت أجواء العيد، في الدار البيضاء، تسبق الاحتفال به بمدة قد تزيد عن الأسبوعين

وما إن تحل غرة شهر ذي الحجة، حتى تتراءى للناظر علاماته الواضحة في الأسواق وعلى جنبات الطرق، المتمثلة في المديات والسواطير والقضبان والشوايات وأكياس الفحم وكل لوازم طقس العيد، فضلا عن الأكباش المحمولة على الأكتاف أو العربات المجرورة باليد يلاحقها الأطفال مرددين، في غبطة عفوية، بعبعة الكبش وهو يساق إلى مصيره الأخير
أما اليوم، فإن هذه الأجواء باتت تتأخر عن موعدها المعتاد، ولم تعد أصوات الأكباش تسمع إلا مع اقتراب يوم العيد، وحتى الأطفال، لم تعد تلك الأصوات تغريهم وتثير فضولهم، فقلما ترى بعضهم يركض وراء وسائل النقل الصغيرة التي حلت محل العربات المجرورة

ويرى بعض المواطنين، أن تأخر أجواء العيد، لايعني أن المغاربة لم يعودوا يكترثون به، وإنما ظروف الحياة الجديدة ساهمت في هذا التأخير، بسبب الصعوبات المعيشية التي باتت تثقل كاهل العديد من الناس، وخاصة في المدن الكبرى كمدينة الدار البيضاء
وبرأي هؤلاء، فإن هذه الظروف دفعت الكثيرين إلى التريث حتى تستقر أسعار الأغنام التي غالبا ما تبدأ مرتفعة قبل أن تتراجع بعد ذلك مع اقتراب يوم العيد، فالمواطن لم تعد لديه القدرة على اقتناء خروف مع إطلالة تباشير العيد، خاصة وأن ثمنها، غالبا ما يزيد مقارنة مع العيد السابق بمعدل 200 إلى 300 درهم
لكن صعوبات المعيشة، لا تلقي بظلالها على الأجواء المبكرة للعيد فقط، وإنما أيضا على طريقة تدبير ثمن الأضحية

لقد ولى زمن كان فيه رب البيت يستعد للعيد ابتداء من العيد الذي سبقه، فكان يوفر من مدخوله، على بساطته، قدرا يسيرا من المال على مدى السنة كلها، وما إن يبدأ العيد يطل حتى تجده وقد جمع ما يكفيه من شراء الأضحية وما يلزمها من مصروفات موازية تجعل من هذه الشعيرة الدينية مناسبة يلتئم حولها أفراد الأسر وأقاربهم القادمين من كل صوب وحدب

وحاليا فإن شرائح عريضة من الناس، وخاصة الموظفين ومن ذوي الدخل المحدود، يلجأون إلى شركات القروض التي تستعر المنافسة في ما بينها، بهذه المناسبة، لتقديم قروض بطرق وإعلانات وشعارات مغرية، وساذجة أحيانا
وفي الوقت الذي كان الناس فيه يوفرون لأضحية العيد سنة قبل حلوله، أضحى كثير منهم يؤدون أقساط ثمنه سنة أو أكثر بعد انقضائه
وسواء تعلق الأمر بـ رحبة الغنم« أو الدكان، فإن »الكساب« أو تاجر الغنم، لا يقبل »البيع بالمصارفة« في الأغنام
ولذلك تنشط مؤسسات القروض في هذه المناسبة
لكن الدكاكين تقدم خدمة لا تقدمها رحبات الغنم

فالمواطن الذي لم يعد بإمكانه، في نمط العيش الجديد في المدن الكبرى، نقل كبش العيد إلى فضاء البيت للتعايش معه بضعة أيام قبل النحر لضيق سعته، أصبح يجد في دكان الحي الذي يبيع الغنم هذا النوع من الخدمة المتمثلة في إبقاء الكبش داخل الدكان، مقابل سعر متفق عليه، إلى أن يحين صباح العيد، ليؤتى به للنحر في البيت
ولاشك أن هذا الوضع يوفر الكثير من المتاعب على ربات البيوت، لكنه بالمقابل يحرم الصغار من فرصة ملاحقة الأكباش في طريقها إلى بيوت أصحابها وترديد أصواتها، وكذا المرح معها أياما قبل ذبحها، وهذه واحدة من صور العيد التي بدأت مدن، كالدار البيضاء، تفتقدها




تابعونا على فيسبوك