أقامت رابطة الكتاب الأردنيين قبل يومين حفلا بالتعاون مع منشورات البنك الأهلي الأردني، مع الرابطة، لتوقيع الأعمال الكاملة للروائي والقاص سالم النحاس، أحد الأعمدة الكبيرة في الأدب الأردني، وأحد أبرز الوجوه الإبداعية والثقافية والسياسية الأردنية.
وذكرت مصادر صحفية ان النحاس قال في كلمة تلاها بالنيابة عنه، وبحضوره، المدير الإداري لرابطة الكتاب الأردنيين محمد المشايخ، إن التعرف إلى اللغة الأم من خلال الإحساس العميق بها، ومعايشة التجربة الحياتية ومعاناتها واستذكارها واستعادتها، والبحث عن القارئ المناسب للتجربة المناسبة، والبحث عن رسالة الفن، وعن سبيل للنشر، كانت العناصر التي تختصر تجربته الطويلة مع الكلمة.
وأوضح النحاس، الذي أثنى على مبادرة منشورات البنك الأهلي الأردني، وتوجه بالشكر إلى القائمين عليها، أنه بذل عامين من عمره 1965/1967، في التعرف إلى لغته العربية بالإحساس بها، وبالتعرف إلى الأسرار الدفينة للغة في مكتبة الهيئة المركزية للتخطيط في الرياض، حيث كان يعمل مترجما محترفا آنذاك، كما اهتم بالتعرف الى التقاطعات في ما بين لغة أهل الفصحى كما يذكرها لسان العرب والقواميس الأخرى ومقارنتها بمحكية اللهجة المأدبية مدينة الكاتب التي تقع بين الفصحى والبدوية .
ونعى النحاس، الذي رأى أن أدبه كان يتوجه إلى القارئ المنتمي إلى الطبقة الوسطى، العديد من المشاريع الكتابية التي لم تر النور لسبب عدم التفرغ أو بسبب ضبابية أحد العناصر السابقة أو تنافرها معاً وثنائياً.
من جهته، وجه أحمد ماضي رئيس الرابطة في كلمته التي ألقاها في حفل التوقيع الشكر لإدارة البنك الأهلي ممثلة برئيس مجلس إدارته الدكتور رجائي المعشر والمستشار الثقافي للبنك، ناهض حتر، على العناية الملحوظة بالشأن الثقافي الأردني، مشيراً إلى تواصل هذا الاهتمام وتزايده مع مرور الوقت، بما يشير إلى أن الشأن الثقافي غدا محوراً مهماً من المحاور التي تدور عليها سياسة البنك.
وحسب صحيفة الغد. ودعا ماضي المؤسسات الأهلية ولا سيما البنوك، إلى إيلاء الشأن الثقافي قدراً من اهتمامها، وذلك بتخصيص نسبة مئوية من موازنتها السنوية، لدعم هذا الشأن، والارتقاء به، مشيراً إلى إن ذلك يقع في خانة الواجبات الوطنية الملقاة على عاتق هذه المؤسسات.
وتساءل ماضي : "ماذا لو خصص كل بنك مبلغاً من المال لنشر كتاب أو راتباً شهرياً لكاتب يتفرغ لعمله الابداعي لمدة عام ومبلغاً لدعم ندوة او مؤتمر وغير ذلك من النشاطات الثقافية".
واتخذ ماضي من الحفل مناسبة لمخاطبة المؤسسات الرسمية وفي المقام الأول وزارة الثقافة التي لا تعفى بأي حال من الأحوال من مسؤولياتها إزاء الشأن الثقافي لافتاً :الى تعاقب الوزراء عليها في ضوء التغيير السريع للحكومات الأمر الذي انعكس على الرابطة على هذا النحو أو ذاك".
وأشار ماضي إلى ان الرابطة ستواصل العمل من أجل انفاذ التوصيات التي خلص اليها المؤتمر الثقافي الوطني لا سيما تلك التي تخص الرابطة اخذة بعين الاعتبار ما ورد في رد الحكومة الحالية على مناقشات النواب.
وتطرق ماضي الى موضوع اشهار الاعمال الكاملة للكاتب سالم النحاس معتبراً ان الحديث عن النحاس يمكن ان يطول كثيراً ذلك لانه شخص من النادر ان نجد كثرة من امثاله
فهو رجل سياسة محنك واستطاع في عمله السياسي ان يوفق بين الوطني والقومي والانساني لافتاً الى ان السياسة بالنسبة اليه ليست مجرد كلام او تنظير وانما هي عمل ونضال وممارسة.
كما تطرق ماضي إلى ابداعات النحاس في المجال الروائي والمسرحي والقصصي مؤكداً على انه يعد من أبرز روائيي الأردن ومما يدلل على ذلك فوزه بجائزة عرار الادبية وهي احدى الجوائز التي تمنحها رابطة الكتاب الاردنيين وقد حصل عليها في العام 1983
من جهته قال الكاتب ناهض حتر ان الاحتفاء بسالم النحاس أديباً ومناضلاً يأتي من موقع الصداقة، مشيراً الى ان صداقته مع النحاس كانت ملتبسة وتقع بين الصداقة والخصام، وتطرق حتر الى كتابته عن النحاس مبيناً انها كانت احتفائية بالامثولة، امثولة ارتباط الاديب بالصراع الاجتماعي والوطني مشيراً إلى ان هذه الامثولة قد تمظهرت عند النحاس بعد ان تبددت منذ مطلع التسعينيات.
ووصف حتر في كلمته الارتجالية سالم النحاس "بغرامشي" منظم الثقافة لافتاً إلى انه ملأ مكانه بغير تعيين لانه استطاع ايجاد العلاقة بين الادباء وتحويل الادب الى ثقل سياسي.
للإشارة اشتملت الاعمال الكاملة للكاتب سالم النحاس على روايته الاولى "أوراق عاقر" و"أنت يا مادبا" قصص وتلك الأيام قصص والانتخابات مسرحية و"الساحات" مسرحيةوانت بالذات مجموعة شعري.
كما اشتملت الأعمال على دراسة نقدية لـ "حسين جمعة بعنوان "سالم النحاس" كاتباً ومفكراً قال فيها : من يقرأ مقدمة "انت بالذات" من اعمال النحاس الأخيرة يستشعر فلسفته في الحياة والناس ويتيقن من حقيقة بسيطة تؤشر إلى ان حياة الرجل كلها في صباه وحتى تجاوزه الستين انقضت في البحث الأخلاقي الدائم والتأمل دقائق الأشياء الصغيرة والنظر في الحقائق البدهية البسيطة ليلفت بعد ذلك إلى القضايا الكبرى ويتعمق في المسائل المتعددة.
وأشار د جمعة إلى ان النحاس قد نظر إلى الحياة بعيني صقر ولم يخض لمقولة : "اجلس في البيت واكتب ما يخطر ببالك واترك ما عدا ذلك للزمن والتاريخ" بل راح ينده بأعلى الصوتك ايها الإنسان سارع إلى القيام بأي عمل يخدم مجرى الحياة ومصلحة العباد والوطن والامة ولا تتوان عن دفع الثمن لانه يعي أن جوهر الأنسان في نشاطه الإبداعي والعملي.
وتطرقت الدراسة التي قدمها الكاتب ناهض حتر وجاءت بعنوان "دراسة حول البناء الفني في مجموعة سالم النحاس القصصية"وانت يا مادبا "الى قصة الناس مع الطبيعة التي لم تنته بإعادة بناء البلدة بعد ان ضربها الزلزال والحيف والظلم لم ينتهيا بالرحيل عن الكرك"
وتوقف الكاتب حتر عند قصة "أشجار الصنوبر" في بنائها المضموني الفني مبيناً انها تشير لدى القارئ إلى ثلاثة مستويات من التصور والدلالة : الأول لنسيجها اللغوي الفني الذي طابق مساحة القصة ومعمارها والثاني لعملية توزيع المعونة "ستة صاعات قمح لكل عائلة" وعملية التحايل للحصول على حصة اضافة.
والثالث الاشارة الى طبيعة الواقع الاجتماعي الاقتصادي في مادبا في مرحلة تاريخية معينة وتمثل بأقسى صورة وابشعها غارساً في القلب سكينة الحادة الموجعة محركاً في القارئ مشاعر الكراهية والبغض حيال علاقات الواقع القائمة والمستفيدين منها.