عاش عبد الكبير ومنذ نعومة أظافره كشخص محبوب من لدن جميع ساكنة الدوار، فرغم عدم ولوجه المدرسة طيلة حياته فقد عرف بطيبوبته وبجده في العمل الفلاحي
لم يكن بلوغ عبد الكبير سن الرشد إلا بداية لمشوار جديد من حياته، فقد أصبح شغله الشاغل وبالإضافة إلى عمله ال
فكر عبد الكبير مليا في بنات منطقة اثنين لغيات، ومن تصلح أن تكون زوجة صالحة له، وبعد تفكير عميق ومراقبة دقيقة لبنات المنطقة، لم يجد أفضل من عايدة الشابة الجميلة، بالإضافة إلى كونها ابنة أحد كبار فلاحي المنطقة.
تبدد خوف عبد الكبير من الهوة المعيشية بينه وبين أسرة عايدة، مباشرة بعد أن بارك والدها زواجه من ابنته من منطلق ما عرف عنه من تفاني في العمل وتميزه بالطيبوبة وحسن الخلق.
فرح عبد الكبير كثيرا بزواجه الذي سيغير مجرى حياته، فصهره يمتلك العديد من الأراضي الفلاحية، التي ستغنيه عن العمل كمياوم مجددا في الحقول لا سيما وأن صهره قد تكفل بجميع مصاريف العرس ومنحه منزلا بجواره مجهزا بكل حاجيات العروسين.
انتهت أيام الزفاف الأولى، فشمر عبد الكبير عن سواعده وخرج إلى جانب أشقاء زوجته لمساعدتهم في العمل، رغم اعتراضاتهم على هذا الزواج غير المتكافئ، لكن الاحترام الكبير الذي كان يعامل به عبد الكبير من طرف صهره جعله يضاعف من مجهوداته في العمل غير آبه بتربصات ونظرات أشقاء زوجته.
بعد سنتين من زواجه، ألم مرض بصهره ألزمه الفراش لمدة تجاوزت الشهرين، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها، وليتسلم ابنه عمر مهمة تسيير الأملاك الفلاحية
تحول عمر بعد وفاة والده إلى وحش كاسر يوجه اللوم والإهانات المستمرة إلى جميع العمال، وحتى زوج شقيقته عبد الكبير أصبح هو الآخر ملزما بالانصياع لأوامر وإهاناته، بل إن عمر هدد عبد الكبير بطرده من العمل ومن المسكن الذي يقطن به رفقة زوجته
لم يعد عبد الكبير يقبل باستمرار توجيه الإهانات له من طرف شقيق زوجته، فقرر العودة إلى الاشتغال في الحقول، لاسيما وأنه رزق بمولودة اختار لها من الأسماء حنان، لكن همسات الجيران لعمر حول ذهابه إلى الاشتغال في الحقول وترك إرث زوجته، جعله يفكر في الأمر مليا، من منطلق أن نصيب زوجته من الأراضي الفلاحية التي خلفها صهره الحاج عمر قد يجعل منه أحد أعيان المنطقة.
عاد عبد الكبير إلى منزله وفاتح زوجته في الأمر، فلم تمانع وعزمت على أن تفاتح شقيقها في موضوع نصيبها من الإرث، فعجلت بالاتصال به لكنها تفاجأت برفضه القاطع لاقتراحها منحها قطعة أرضية رفقة زوجها، بل هددها شقيقها بأن لا تعاود زيارته ببيته والذي لم يكن إلا بيت والدها المتوفي، فسارعت إلى العودة إلى منزلها وهي تجر ذيول الخيبة، من رد شقيقها لتخبر زوجها بالواقعة محملة إياه مسؤولية الدفاع عن الحصول على حقها في الإرث.
لم يكن عبد الكبير يرغب في خلق مشاكل مع شقيق زوجته، فالتجأ إلى أعيان القبيلة طالبا منهم التدخل لدى صهره كي يمنح زوجته حقها في إرث والدها، لكن عمر واصل منح شقيقته حقها في الإرث رغم الحاح عبد الكبير المستمر عليه لتسوية الموضوع حبيا دون اللجوء إلى المحاكم .
أصبح عمر يتضايق من مطاردات زوج شقيقته له ومطالبته له أمام الملأ بالإرث، فقرر بعد تفكير عميق أن يضع حدا لهذه المطاردات من خلال التخلص من شقيق زوجته
تعود عبد الكبير على أن يستيقظ باكرا لزيارة السوق الأسبوعي بمنطقة اثنين لغيات، ترك زوجته وابنته حنان نائمتين، وما إن سلك ممرا يجانبه من الجهتين نبات الصبار، حتى تفاجأ بشقيق زوجته يترصده موجها له ضربة على مستوى الرأس أسقطته أرضا، واستمر في توجيه الضربات له على مستوى الرجلين واليدين والرأس، وبعد أن أحس عمر بعدم قدرة عبد الكبير على الحراك عمد إلى تكبيله وتركه هناك يصارع الموت في صمت، ثم غادر إلى مدينة آسفي.
عاد عمر بعد يوم إلى منزله فأخبر من طرف الجيران أن شقيق زوجته قد توفي، وأن رجال الدرك يبحثون عنه بالنظر إلى العداوة التي تجمع بين الطرفين وكذا الاختفاء المفاجئ لعمر الذي قرر تسليم نفسه.
بعد إحالته على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بآسفي، أكد عمر أن زوج شقيقته يطارده بشكل مستمر، وأنه تفاجأ باعتراض سبيله ذلك الصباح الباكر طالبا منه مرة أخرى منحه حق زوجته في إرث والدها، وبعد ملاسنة بينهما يؤكد عمر أن عبد الكبير حاول الاعتداء عليه بواسطة عصا، فعمد إلى انتزاعها منه وتوجيه بعض الضربات له، كما أكد أنه قام بتكبيله فقط كي لا يطارده، في ما أكد أحد الشهود أنه شاهد الضحية مدرجا في دمائه ومكبلا بين الحياة الموت.
وبعد أن تابعت النيابة العامة عمر بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، أدانته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بآسفي بثلاثين سجنا نافدا.