أراد الانتقام من غريمه فقتل شقيقه

خرج من السجن وعاد إليه بجريمة قتل

الأربعاء 26 يوليوز 2006 - 12:05

أحالت الشرطة القضائية لأمن مدينة آسفي، أخيرا على أنظار محكمة الاستئناف بالمدينة ذاتها، شابا في مقتبل العمر، ارتكب جناية قتل في حق شاب يعمل حارسا ليليا، إذ فاجأه في ساعات متأخرة من الليل، ووجه إليه العديد من الطعنات، أردته قتيلا، وتوبع بتهمة القتل العمد مع

عبد الرحيم، شاب في ربيعه العشرين، يقطن بالمدينة القديمة، أحد الأحياء العتيقة بمدينة آسفي السياحية, رغم صغر سنه، إلا أنه، كان مشاغبا جدا، يهابه جميع أبناء الحي، فهو أدمن جميع أنواع المخدرات والخمور منذ سنوات، كما كان شديد الغضب، إذ يعتدي على كل من يصادفه، خاصة عندما تلعب الخمر أو المخدرات بعقله.

في الفترة الأخيرة، أدمن عبد الرحيم نوعا جديدا من المخدرات لثمنه البخس ولمفعوله القوي في التخدير، إنه كحول الحريق "لانكول"، الذي أصبح يشربه بشكل مستمر، أفقده التمييز، بل وزاد من غطرسته واعتداده بقوته.

إذ يتشاجر بشكل دائم مع أبناء الحي من هؤلاء هناك جعفر وشقيقه محمد، يعملان معا حارسين ليليين للسيارات بالحي ذاته، فقد تشاجر مع جعفر في إحدى الليالي، واعتدى عليه بالسلاح الأبيض، اضطر جعفر إلى اللجوء إلى القضاء، وعلى اثر ذلك اعتقل عبد الرحيم من طرف الشرطة، وأحيل على العدالة، وحكم عليهه بالحبس لمدة سنة نافذة
مرت سنة كاملة، ارتاح فيها سكان المدينة القديمة من شغب عبد الرحيم، وتناسى الجميع ولو لفترة إدمانه وصراخه الدائم كل ليلة.

لكنه خرج من جديد، وظن الجميع أن السجن سيكون رادعا له وسيغير من تصرفاته، لكنه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد زاد عبد الرحيم من عربدته وطيشه، بل وازداد حقدا على من تسبب في دخوله السجن.

خلال حبسه، وبعد خروجه، كان عبد الرحيم يفكر ويخطط للانتقام من جعفر الحارس الليلي لكنه لم يتمكن من ذلك، لدخوله السجن مرة ثانية، لقضاء عقوبة حبسية مدتها ثمانية أشهر، حكم عليه بها لعدوانيته الشديدة اتجاه أحد أبناء الحي، الذي اعتدى عليه أيضا بالسلاح الأبيض.

غادر عبد الرحيم السجن المدني لآسفي، قبل قضاء مدة العقوبة، فقد حصل على عفو، وعاد من جديد إلى الحي، لكن هذه المرة، بدا أكثر هدوءا، وأخبر العديد من رفقائه، أنه نادم على مافات من عمره الذي قضاه في السجن.

خلال الأسبوع الذي تلا خروج عبد الرحيم من السجن، التقى مجددا جعفر وشقيقه محمد، فاستيقظت في نفسه الرغبة في الانتقام منهما، فهما السبب الأول حسب اعتقاده في دخوله السجن أول مرة.

ظل عبد الرحيم مباشرة، بعد خروجه للمرة الثانية من السجن يضمر في نفسه ضرورة الانتقام من غريمه بأي ثمن، وعزم الثأر يوم الحادث، كان من يعتبره غريما له جعفر لا يزال في عمله، لكنه لم يتمكن من مواجهته.

فهرول نحو صديقه لحسن تاجر المواد الغذائية بحي جنان الفسيان، المحاذي للدائرة الأمنية الأولى، حيث يجد لذته الدائمة المتمثلة في قنينات كحول الحريق ذات الثمن الرخيص والمفعول القوي.

هيأ الجاني كل الظروف التي ستساعده في تنفيذ مخططه الإجرامي، انزوى إلى ركن بعيد عن المارة لاحتساء أكواب من الكحول، متحينا الفرصة كي يوقع بغريمه.

انتصف الليل وكان عبد الرحيم قد أخذ منه التخدير ما يكفي ليمنحه قوة الإقدام على ارتكاب الجريمة، ولم يكن سكون الليل والفراغ القاتل الذي تعيشه الأزقة الضيقة لحي المدينة القديمة، إلا دعما آخر لعبد الرحيم كي يواصل التشبث بقرار الإيقاع بغريمه.

كانت الساعة قد وصلت إلى حدود الثالثة صباحا، تسلل عبد الرحيم إلى المكان الاعتيادي لجلوس جعفر، بعد أن أيقن أن المكان خال من المارة استل السكين من بين ثيابه، وسارع إلى مباغثة من كان يظنه غريما له، بطعنة من الخلف في العنق ثم بطعنة ثانية في الصدر التي تسببت له في ثقب في الرئة وطعنة ثالثة في الفخذ الأيمن، حين سقط الضحية صريعا على الأرض، تفاجأ الجاني وهو يمسك بالسكين الملطخ بالدماء، أن من أقدم على قتله لا يعدو أن يكون محمد شقيق جعفر، الذي لم يوجد تلك الليلة في عمله الاعتيادي، وشغر شقيقه الضحية مكانه، ليتلقى الطعنات القاتلة عوضا عنه.

أمام صرخات الضحية، لاذ الجاني عبد الرحيم هاربا قبل حضور بعض المارة الذين تعرفوا عليه، وتكفل بعضهم باستدعاء الأمن وسيارة الإسعاف، وتكفل الآخرون بمطاردة الجاني الذي أطلق ساقيه للريح نحو مركز تكوين الأساتذة حيث رمى بسكين الجريمة خلف القضبان.

نقل محمد على وجه السرعة نحو مستشفى محمد الخامس بآسفي، لكن الطعنات القاتلة كانت كافية لتوقعه صريعا في الحين، في وقت تجندت فيه مصالح الشرطة لإلقاء القبض على المجرم، برفقة بعناصر الشرطة الحضرية للأمن، التي تمكنت بعد ساعتين من وقوع الجريمة من إلقاء القبض على الجاني، وهو يتجول بمحاذاة المحطة الطرقية متحينا فرصة السفر نحو مدينة أخرى.

لم يجد الجاني حرجا من أن يسرد و ببرودة دم، فاجأت المحققين ما أقدم عليه، كما لم يجد حرجا من أن يعترف بإزهاق روح الضحية محمد، الذي خلف وراءه ابنا في السادسة من عمره وزوجة مكلومة، تتحدث مصدومة وكما الجيران عن الأخلاق العالية للضحية الذي سرعان ما أدى صلاة العشاء واتجه صوب عمله، منتظر قدر عمل صبياني لشاب طائش، اعترف بما اقترفه دون أن يعي ما يمكن أن ينتظره من حكم سيكون كافيا ليقضي من خلاله أغلب فترات عمره.




تابعونا على فيسبوك