شهد دوارالكوابلية في جماعة سيدي شيكر باقليم آسفي، أخيرا جريمة قتل راح ضحيتها شقيقان، بسبب نزاع حول قطعة أرض فلاحية، مع مهاجر بالديار الفرنسية، الذي أحيل على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بآسفي، وتوبع بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.
منذ مدة تزيد على أربع سنوات، وعند حلول موسم حرث الأراضي الفلاحية، كانت تنتهي فترة الاستقرار لتلوح بوادر التوتر بين عائلتين تجمع بينهما أواصر القرابة، حول من له الحق في استغلال الأرض الفلاحية محط النزاع، وفي كل مرة كان شيخ القبيلة يسعى إلى إنهاء هذا التوتر بين العائلتين، وفي كل مرة يتدخل فيها، تهدأ العائلتين في ظل الاعتقاد السائد لدى أفرادها بحجم السلطة التي يتمتع بها شيخ القبيلة، مما يستوجب على كل فرد داخل القبيلة عدم مخالفة أوامره.
لكن هذا الموسم، وخلال الصيف الماضي، تغيرت جميع الظروف، خاصة عند حضور امبارك إلى القرية، وهو مهاجر بالديار الفرنسية، إذ يعود إلى بلده الأم خلال كل مطلع موسم الحصاد.
فقد عقد العزم على أن يبذل كل جهده لوضع حد لما يسميه بسيطرة جيرانه على بقعته الأرضية، التي يتصارعان حولها أمام القضاء من مدة، عاد امبارك إلى دوار الكوابلية وهو يصر على استغلال الأرض الفلاحية، مهما كان الثمن ولو عرف الأمر إراقة دماء.
حاول شيخ القبيلة مجددا التدخل بين امبارك وأفراد العائلة الأخرى، لكن دون جدوى
فقد أصر الجميع على عدم التهدئة والتصعيد لأجل أن يأخذ كل واحد نصيبه من الأرض
في احدى الليالي، توجه امبارك وعمره يتجاوز 50 سنة، رفقة أربعة من أبنائه وصهره، نحو الأرض المتنازع عليها، وشرعوا في حرثها في غفلة عن باقي أفراد العائلة الثانية
وبعد حرثهم لما يناهز 4 كيلومترات خلال دقائق معدودة، فوجئوا بثلاثة أشخاص ملثمين، لم يتمكنوا من معرفة هويتهم، ومدججين بالات حادة، يحيطون بالجرار وهو يواصل عملية الحرث، ومستعدين لإراقة الدماء.
كان الملثمون الثلاثة، أبناء العائلة الثانية، وهما محمد (57 سنة وأب لخمسة أبناء) وشقيقه المحجوب 48 )سنة وأب لثمانية أبناء اثنان منهم معاقان، اضافة إلى قريب لهما رافقهما نحو مكان الأرض.
تبادل الأشخاص الموجودون فوق الأرض المتنازع عليها، السباب والشتائم، وفي هذه الأثناء وصل بعض أبناء الشقيقين إلى موقع الأرض، ودخلوا بدورهم في النزاع، الذي تطور إلى تشابك بالأيدي وضرب وجرح، لكون الجميع كان مسلحا بآلات تستعمل في الحرث وبهراوات.
وما هي إلا دقائق قليلة حتى سقط أرضا المصابون، ليعطي الباقي العنان لجو من العويل والصياح كان امحمد ساقطا على الأرض وبجانبه شقيقه المحجوب، بعد أن حاولا إيقاف الجرار عن مواصلة ما يعتقدان أنه احتلال لأرضهما الفلاحية، وهو ما زاد من تعنث امبارك الذي لم يتمالك أعصابه، وما أمسك غريماه بالجرار حتى داس عليهما بقوة، وترك الشقيقان خلفه مضرجين في دمائهما.
دهش المتصارعون لهول ما شاهدوه، كما ذهل أبناء المهاجر لما اقترفه والدهم في حق أبناء الجيران، لم يعتقد أحد منهم أن الأمور ستتطور إلى حد القتل استجمع أحد الضحيتين قواه، محاولا الترجل والمشي على قدميه، لكنه سقط صريعا بمجرد سيره لمسافة 500 متر بخطى متثاقلة.
بعد وقوع الجريمة، توجه الجاني نحو منزله ومن هناك إلى مدينة طنجة، في محاولة منه إلى العبور نحو الضفة الأخرى لكن أفراد أسرته اتصلوا به هاتفيا ونصحوه بالعدول عن الفكرة، والعودة إلى الدوار لتسليم نفسه إلى الشرطة، وبهذا لم يجد بدا من تقديم نفسه إلى مركز الدرك الملكي بالمنطقة.
أمام رجال الدرك، تضاربت تصريحات الشهود الذين كانوا متنازعين تلك الليلة، حول من تسبب في مقتل الشقيقين، فمنهم من قال بأن الشقيقان من ألقيا بنفسهما على الجرار الذي كان يسوقه المتهم، ومنهم من قال بأن المتهم دهسهما بعدما اعترضا سبيله
دون رجال الدرك الملكي جميع التصريحات، وأقوال المتهم، وأحالوه على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف لآسفي، لتعميق البحث معه، وتابعوا المتهم بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.