أحيل، أخيرا، على المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء القطب الجنحي متهمين الأول مغربي والثاني فرنسي من جنسية جزائرية، بعد متابعتهما بتهم التغرير بقاصر، وهتك عرضها وإعداد محل للدعارة.
واعتقل المتهمان، بعد شكاية تقدم بها والد الضحية القاصر، التي كانت على علاقة غير شرعية مع المتهم الأول، وبعد إلقاء القبض عليهما، اكتشفت الشرطة أن المتهم الثاني صديق الأول يعد منزله للدعارة.
جلست حنان، ذات الخامسة عشر ربيعا، رفقة مجموعة من صديقاتها بالمقهى المجاور للثانوية، يرتشفن مشروبات غازية، وبدأت كل واحدة منهن تحكي عن صديقها أو عن حبيبها، فمنهن من يتقاسم حبيبها معها مقاعد الدرس في الثانوية ذاتها، ومنهن من التقته صدفة ومنهن، كل واحدة تحكي عن مغامراتها، والتزمت حنان الصمت، فهي لا تجد ما تحكيه لصديقاتها، لأنها لم تخض أية تجربة حب، ولم يطرق هذا الأخير بابها يوما، وكادت تموت خجلا عند طلب زميلاتها منها أن تحكي عن تجربتها، لم تجد مخرجا سوى الكذب واختلاق قصص وهمية.
عادت حنان إلى المنزل حزينة ومغتاضة، وبعد العبرات الحارة التي ذرفتها، قررت أن تدخل غمار الحب مع أول شاب يصادفها أو يطلب منها إقامة علاقة عاطفية معه.
لم تنتظر حنان طويلا، فبعد أيام فقط، وهي عائدة من الثانوية ومتوجهة نحو المنزل، أحست بخطى متسارعة تلاحقها، نظرت خلفها لتجد شابا وسيما، يطلب منها التوقف للحديث معها، رفضت حنان في البداية، واخترقت مخيلتها قصص صديقاتها وتجاربهن العاطفية، فتوقفت، اقترب منها الشاب وأخبرها أنه يدعى كمال وبكلمات معسولة أقنعها بربط علاقة عاطفية معه، مؤكدا لها إعجابه الشديد بجمالها وأنوثتها.
كاد قلب حنان الصغير يخرج من بين ضلوعها فرحا، فقد كان كمال شابا وسيما جدا، وهو يكبرها بخمس سنوات، كما أنه أول شاب يقول لها كلاما جميلا ويعبر لها عن إعجابه وحبه
أصرت حنان على أن يكون اللقاء الأول بكمال، أمام باب الثانوية، لتشهره لجميع صديقاتها وتغيضهن كما أغضنها آخر مرة بالمقهى.
حضر كمال في الموعد المناسب، وأقنع حنان بالذهاب إلى أحد المقاهي لاحتساء القهوة، ولكي يتعارفا على بعضهما بشكل جيد .
تعددت اللقاءات بين حنان وكمال، بعدما أحبته حبا جنونيا، ولم تكن ترفض له طلبا، وتفعل كل ما يطلبه منها ليستمر في حبه لها، وبين الفينة والأخرى، كانا يختلسان القبلات، وهما جالسان بأحد المقاهي أو بأحد الأماكن العمومية، ولم تكن حنان تمانع في ذلك
في أحد الأيام، اقترح كمال على رفيقته الذهاب إلى منزل والدته، ليمارسا الحب بكل حرية، امتنعت عن ذلك ولكنه أصر على دعوته مبررا طلبه بانزعاجه الشديد من تقبيلها أمام الملأ في المقاهي والأماكن العامة.
تطورت العلاقة العاطفية بين الحبيبين، إلى علاقة جنسية سطحية ثم إلى ممارسة عادية بعد أن افتض بكارتها، ، بعد أن وعدها حبيبها كمال بالزواج وطلب يدها من والدها في أقرب فرصة.
بعد مرور سنة ونصف السنة على علاقتهما العاطفية، قرر كمال السفر إلى الديار الإسبانية، لمتابعة دراسته والعمل هناك، لم تجد حنان الكلمات لتعبر عن حزنها لفراق حبيب قلبها، بكت بحرقة فراقه كما بكت مصيرها المجهول الذي ستواجهه لوحدها بعد فقدانها لعذريتها، حاول كمال التخفيف عنها بكونه سيتزوجها بمجرد العودة إلى المغرب، وصدقته مرة أخرى وانفصلا في يوم ماطر من أيام الشتاء الباردة.
مر شهران كاملان على سفر كمال، فانقطعت أخباره، ولم يعد يتصل بها، ونسيها كما نسي وعده لها.
حاولت أن تتصل به أو تعرف عنوانه من أصدقائه ووالدته، لكن دون جدوى فتأكدت حنان من ضرورة مواجهتها لمأساتها بمفردها.
أصبحت شاردة الذهن وتفكر كثيرا، أهملت دراستها وتراجعت علاماتها كثيرا، تراجع لاحظه بوضوح والداها، فهي ابنتهما الوحيدة، ولم تكن يوما بهذا الحزن والانطواء.
حاولا أن يعرف منها السبب لكنها أكدت عدم إصابتها بشيء وأنها ستغير من تصرفاتها
بعد فترة ليست بالقصيرة، لاحظ والد حنان تغيرا بمائة درجة على تصرفات ابنته الصغيرة، خروج متكرر من البيت بدعوى الذهاب عند إحدى صديقاتها، دخولها المنزل من غير الأوقات المعتادة، التحدث بالهاتف بغير العادة ولساعات طويلة، عدم التركيز في الدراسة، ولم يعرف بالضبط ماذا يحدث معها.
ودون أن يخبرها بالأمر، قرر تعقب خطواتها لمعرفة أين تذهب وماذا يحصل لها، فبعدما كانت طفلة خجولة ومجتهدة في دراستها، أصبحت فتاة وقحة وكثيرة الكذب.
في أحد أيام الربيع الجميلة، خرجت حنان كالعادة، مرتدية أجمل الثياب ورائحة العطر تفوح من تلابيبها، ظنت أن والدها ذهب إلى عمله، وأنه لايوجد من يراقبها، لكن والدها كان متربصا بها، في أحد المقاهي القريبة من المنزل، وما ان خرجت حتى تبعها بخطوات حذرة.
لم تنتبه حنان لمراقبة والدها، وأسرعت الخطى إلى أن وصلت إلى باب إحدى العمارات بحي المعاريف، وعند محاولتها الاتصال عبر الأنترفون، ضبطها والدها طالبا منها تبرير وجودها بهذا المكان، ارتعبت حنان من هول الصدمة، وبكلمات مثلعتمة أوهمته أنها تقوم بزيارة إحدى صديقاتها، لكنه لم يصدقها وطلب منها هاتف صديقتها ليتصل بها، فأخبرته هذه الأخيرة أنها زميلة ابنته، لكنها لا تسكن بالعمارة السالفة الذكر. تملك الأب أعصابه الثائرة، أمسك بمعصم ابنته بالقوة، وعاد أدراجه إلى البيت، كان حزينا وكئيبا على المشهد الذي رأى ابنته فيه وتناسلت إلى عقله العديد من الأسئلة حول ما وصلت اليه من انحلال أخلاقي.
بمجرد وصولهما إلى البيت، لم يستطع الأب كتم غيضه فانهال عليها بالضرب والشتم، فانهارت أمامه واعترفت بكل شيء وبكونها امتهنت الدعارة من مدة، بعدما فقدت عذريتها، وأنها ذهبت إلى العمارة لتلتقي صديقا لها هناك في الشقة التي يمتلكها صديقه وهو من جنسية فرنسية ومن أصل جزائري، لتمارس معه الجنس.
توجه الأب المكلوم برفقة ابنته، وهو يستشيظ غضبا لهول ما سمع منها، نحو مصلحة الشرطة القضائية، وقدم بلاغا في حق صديق ابنته.
وباتفاق مع عناصر القسم القضائي الثالث عشر بالشرطة القضائية بولاية الأمن بالبيضاء، قامت حنان بالاتصال هاتفيا بصديقها تحت المراقبة، وعند قدومه راكبا سيارته من النوع الفاخر، بهدف نقلها ومرافقتها كالعادة إلى شقة صديقه، اعتقلته العناصر المحققة ووضع رفقة حنان رهن الحراسة النظرية لتعميق البحث معهما.
اعترفت حنان القاصر لعناصر الشرطة، وبحضور والدها كون صديقها صاحب السيارة، من تسبب في فقدانها لعذريتها، كما أفادت بجميع المعلومات عنه وعن صديقه الفرنسي، لكن وبعد بحث تفصيلي وبمواجهتها بصديقها الذي أكد أنه تعرف عليها واكتشف في أول ممارسة جنسية بينهما أنها فاقدة لبكارتها، تراجعت عن أقوالها، وحكت لعناصر الأمن عن قصة حبها مع كمال الذي هاجر إلى الديار الأوروبية، والذي تسبب في وصولها إلى هذا المأزق وامتهانها للدعارة بعدما وعدها بالزواج وتخلى عنها.
اعتقلت الشرطة صديق حنان وصديقه الفرنسي، وأحالتهما على المحكمة الابتدائية بالبيضاء، وتابعت المتهم الأول بتهمة التغرير بقاصر وهتك عرضها وتابعت المتهم الثاني بتهمة إعداد محل للدعارة داخل شقته، وحررت مذكرة بحث في حق صديق حنان الأول.