كسرت القنوات الفضائية العربية جدار التعتيم الذي كان مارسا بدون سابق إشعار على المشاهد العربي والمغربي أيضا، فظهور هذه القنوات ومقاربتها لقضايا الساحة اقتصادية كانت أم اجتماعية أم سياسية.
أتاحت الفرصة للمتتبع العادي، بتنمية مداركه وإغناء معلوماته في أمور كان يعتبرها زائدة، ولا قيمة لها في ما يقض مضجعه من مشاكل ويشغل باله من هموم توفير زاد يومه ومتطلبات أبنائه.
وساهم في انتشار وتوسيع دائرة الاهتمام بما تعج به الفضائيات من أخبار، طبيعة القضايا التي ميزت العالم العربي، كمخلفات حرب الخليج وحصار الشعب الفلسطيني واحتلال العراق وغيرها من الأحداث التي أصبحت جميع شرائح المجتمع تتتبعها عن كتب وتواكبها بنهم.
وقد ساهم أيضا ارتفاع عدد المتتبعين وتنوعهم، على بروز قنوات تختلف اختصاصاتها، ويتنوع مجال اشتغالها، فإلى جانب ظهور فضائيات تهتم بآخر إنتاجات الفيديو كليب، وتتسابق فيما بينها من أجل كسب حقوق البث الحصري، لاحت في الفضاء قنوات متخصصة في الأفلام وأخرى مهتمة بنقل الدوريات الرياضية وأخرى ركزت على مجال عرض السلع وبيعها عبر العمليات الإليكترونية، وغيرها من الفضائيات السائرة في طريق سبر أغوار الفضاء، وبدون شك أصبح لكل منا طقسا خاصا به في متابعة الإنتاج الإعلامي السمعي البصري، ويبقى الشباب، الشريحة الأكثر تعاطيا معه، لنتعرف عن رأيه بخصوص ذلك، محاولين من خلال الورقة الأسبوعية هذه، استقراء آراء ثلة من الشباب، حيث اعتبر أحمد الوافي، أن أهم ما لقي استحسانه، تعدد القنوات الرياضية، "إذ أصبح بالإمكان الإطلالة على مجريات المقابلات، بمجرد الضغط على الأزرار"، فيما رأى إسماعيل الفرزدق، "أن مسألة التعدد والتنوع، تصيب المشاهد بحيرة، حيث يضيع أكثر وقته في البحث عن القناة التي من الممكن أن تشبع فضوله، لكن يجد نفسه (يضيف إسماعيل) بعد وقت طويل من البحث قد استهلك الزمن بدون أن يصل إلى ذروة ما يتمناه"، وبخصوص القنوات الشبابية، أكد خالد مقداد، على أنه "توجد بعض قنوات تثقيفية بمعنى الكلمة، إذ أن معظم الفضائيات تجنح إلى الترفيه".
وبدوره أبرز سعيد موعاد، "أن ظهور القنوات وإتاحة إمكانية التفرج للجميع، غير شيئا ما من سلوك البعض إلى ماهو سلبي، عبر ركوب موجة تقليد بعض الحالات الشاذة، فيما ساهمت فضائيات أخرى في إطلاع المتفرج العادي على مجريات قضايا وأحداث ما كان ليتعرف أصولها وفصولها، لو لم تعرف ثورة الإعلام اكتساحا وتغلغلا لجميع البيوت في مختلف المناطق والمداشر".
وإلى ذلك، شدد خالد الوادي، على ضرورة أن لا يترك المتفرج الشاب لحاله، يواجه هذه الثورة الإعلامية، "بل يجب أن تفعل الجهات الوصية على المجال التربوي، دور التوجيه والمراقبة والتتبع وذلك مخافة أن تجرفه بعض الإنتاجات الفاسدة والمسيئة للأخلاق، وأكد بهذا الخصوص على أن المسؤولية يتحملها أولا الآباء، بتقنين اختيار نوعية البرامج التي ينصحون أبناءهم بتتبعها، وشرح أسباب رفض أخرى.
ومن جهة ثانية، ومن أجل أن تكون لهذا التوجيه الأبوي دور المؤثر، على المؤسسات التعليمية القيام بدورها في تزكية طروحات الآباء والتأكيد على ضرورة الاستجابة لها، وبهذا نكون (يقول خالد) قد ساهمنا في حماية الشباب من ثورة الإعلام في جانبها الجارف".
ومن جهتها أبرزت خديجة العطواني، "أن الفضائيات تساهم بشكل كبير في استهلاك الوقت وبث روح الخمول والتقاعس في نفسية الشاب والكبير أيضا، وهذا راجع إلى ما سبق أن أكده زميلي، خالد، إلى غياب مناهج تثقيفية وتربوية من شأنها تنظيم كيفية الاستمتاع بما تزخر به القنوات بدون أن يكون ذلك، ضد السير العادي للدراسة والشغل وغيرها من المهام التي نقوم بها، لأن الشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده".