اختبار طبي بسيط يحمي المرأة من سرطان عنق الرحم

الثلاثاء 28 مارس 2006 - 13:32
فوزي حبيب

يتسبب السرطان عبر العالم في وفاة ما يقارب 410 آلاف في السنة، 99 % من حالات الإصابة بسرطان الثدي موجودة لدى النساء، إذ يمس هذا النوع من المرض امرأة من أصل ست نساء مغربيات، وبذلك يعد أول سرطان، انتشارا في العالم وداخل الأوساط النسائية.

ويبقى سرطان عنق الرحم إلى جانب سرطان الثدي، من أكثر أنواع السرطانات التي تصاب بها النساء، حيث يتسبب في وفاة أزيد من 300 ألف امرأة كل سنة، ويصيب بشكل كبير الفئات الأكثر فقرا.

ويشهد المغرب سنويا ظهور ما بين 2500 و3000 حالة إصابة بسرطان عنق الرحم، أغلبها في المراحل المتأخرة من المرض، "الصحراء المغربية" حاورت فوزي حبيب، رئيس فدرالية مراكز الأنكولوجيا للقطاع الخاص، ليطلعنا على المزيد من المعلومات حول الموضع وآخر الابتكارات الطبية في علاج الداء.

٭ كشف اللقاء الطبي الذي عقد أخيرا بالدار البيضاء والصخيرات حول أمراض السرطان عند المرأة، عن انكباب الباحثين والمختصين على إخراج لقاح ضد سرطان عنق الرحم
ما هو هذا اللقاح وأين تتجلى أهميته؟
ـ من المنتظر أن يصل اللقاح إلى المغرب نهاية سنة 2007، إذ سيطرح للبيع بمختلف الصيدليات عبر تراب المملكة واللقاح الجديد يعتبر وسيلة جديدة تضمن الوقاية من سرطان عنق الرحم.
وهو للإشارة الثاني من نوعه بعد لقاح مرض التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب"
واللقاح الجديد موجه أساسا للشابات المراهقات قبل بداية حياتهم الجنسية، على اعتبار أن الشباب ناقلون محتملون للفيروس المسؤول عن سرطان الرحم عند المرأة
فعرض اللقاح في السوق المغربية من شأنه أن يقي مجموعة من الشابات والنساء ممن يعرفن حياة جنسية نشطة، من الإصابة بهذا النوع من السرطان، ولهذا الغرض، ينصح الأطباء المختصون بإخضاع الفتيات للقاح ما بين السن السادسة والثامنة من العمر.

٭ لكن هذا السن لا تكون فيه عادة الفتيات نشطات جنسيا؟
ـ صحيح، لكن هناك مغزى من تلقيح الفتيات في هذا السن، فسرطان عنق الرحم لا تظهر أعراضه عند المرأة المصابة إلا بعد عشر سنوات من دخول الفيروس، لذلك فمن الأجدى استباق المرحلة التي يمكن أن تصبح فيها الفتاة متزوجة ونشطة جنسيا، تجنبا لحدوث سرطان على مستوى عنق رحمها وتقاس أهمية اللقاح، في كون عنق الرحم، الجزء الذي يؤدي إلى المهبل، منطقة تتسم بالتغير السريع للخلايا، يمكن أن ينتج خلايا خبيثة بشكل محتمل، ويعد ثالث أنواع السرطانات لدى النساء التي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و49 سنة

٭ هل يشكل سرطان عنق الرحم مشكلة صحة عمومية؟ ـ أكيد، خصوصا إذا علمنا أن سرطان عنق الرحم إلى جانب سرطان الثدي، من أكثر الأمراض السرطانية انتشارا سنويا عبر العالم.

أما في المغرب فتظهر سنويا ما بين 2500 و3000 حالة إصابة بسرطان عنق الرحم
ويتسبب المرض في وفاة 80 % من المصابات في الدول النامية خاصة في المناطق الأكثر فقرا بآسيا الجنوبية وإفريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية، في الوقت الذي يمكن فيه علاج المرض بنسبة 100٪ في حالة الكشف المبكر عنه، وهنا تكمن أهمية وضع استراتيجية محاربة سرطان عنق الرحم عن طريق حملة حقيقية للتشخيص.

٭ كيف يمكن إذن التشخيص المبكر عن سرطان عنق الرحم؟
ـ أحسن وسيلة في نظري لمحاربة سرطان عنق الرحم بالمغرب، إجراء تشخيص منتظم لعنق الرحم، أو ما يسمى بالفرنسية (FROTI) "الفروتي"، وهو تشخيص مخبري سهل لا يتطلب بذل كثير من الجهد، اختبار يستغرق دقيقتين على الأكثر، يجرى عبر إدخال ما يشبه عود منظف الأذنين المتضمن للقطن COTTON TIGE، تأخذ بواسطته عينات من خلايا عنق الرحم تخضع لاختبار مجهري، يمكن من خلاله رصد الخلايا غير الطبيعية بشكل مبكر.

وينصح إجراء هذا النوع من الاختبار مرة واحدة في السنة خاصة لدى النساء اللاتي يتوفرن على حياة جنسية نشطة وأذكر أن الاختبار يتراوح ثمنه ما بين 80 و180 درهما بحسب العيادة أو المختبر الطبي المجرى به.

٭ هل هناك أعراض بارزة يمكن من خلالها القول بوجود سرطان عنق الرحم؟ ـ من أهم هذه الأعراض، ظهور إفرازات مهبلية غير عادية عند المرأة، قد لا يكون لها لون أو تكون مصحوبة بدماء، وفي أحيان أخرى تكون من مؤشرات الإصابة بسرطان عنق الرحم، حدوث نزيف دموي بعد الممارسة الجنسية لذلك ندعو إلى التشخيص المبكر عن المرض، لأن اكتشافه مبكرا يسمح بأخذ العلاج المناسب وتفادي إخضاع المرأة المصابة لعملية جراحية، يستأصل خلالها مبيضاها ورحمها، فتصبح عقبها امرأة في مرحلة اليأس، قبل أن تصل فعليا إلى هذه المرحلة

٭ هناك ابتكارات جديدة لعلاج سرطان الثدي، حدثنا عن الطرق العلاجية، ومدى صعوبة استعمالها في المغرب؟

ـ بالفعل عرف علاج الأمراض السرطانية عموما تقدما باهرا عبر العالم بفعل الأبحاث الجارية ومن الأمثلة على ذلك العلاج التكميلي لعلاج سرطان الثدي عن طريق تناول عقار "الهرسبتين" الذي أظهر فاعلية الدواء في علاج سرطان الثدي لوحده أو عند إضافته إلى العلاج الكيميائي.

ـ وأذكر أن جراحة الثدي في المغرب تنظمها قوانين صارمة، تشترط في الجراح أن يكون ذا خبرة كبيرة، متمرسا ومحترفا في جراحة الثدي المصابة بداء السرطان.

ـ وعموما هناك خمس تقنيات علاجية لمعالجة الداء، وهي الجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي.

ـ إلا أن هذه الوسيلة (العلاج الكيماوي) تعتبر مكلفة ماديا، غالبا ما تثقل كاهل المصابات أو تعيقهن عن إتمام العلاج، ناهيك عن قلة مراكز الأنكولوجيا عبر مدن المملكة

ـ هناك طرق علاجية أخرى حديثة يتم تطويرها في المختبرات، كالتي يطلق عليها علميا اسم immunothérapie أو المضادات الجسمية، وتستعمل في علاج بعض حالات الإصابة بالسرطان أما الطريقة الثانية المعروفة ب antiangiogenèse، تمنع أي تكوين للمركبات الدموية التي تقوم بتغذية الورم.

ـ كما تتوفر مضادات VEGF التي أثبتت فعالية كبيرة في علاج الحالات المتقدمة لسرطان الثدي والاستعانة ب Bevacizumab و rhuMAb-VEGF بعد عملية العلاج الكيماوي، لكونه يحسن بشكل كبير النجاة من دون تطور المرض لدى النساء المصابات بسرطان الثدي في مرحلة "الميتاستاز" الذي لم يسبق أن تمت معالجته
ـ وما أريد شد الانتباه إليه هنا، هو أن العديد من العلاجات الطبية المبتكرة غير مشمولة بالتغطية الصحية الإجبارية ونظام المساعدة الطبية التي يتحدث عنها الجميع حاليا

٭ وما السبب في نظركم؟ ـ ببساطة، لأن الأشخاص الذين وضعوا لائحة الأدوية المشمولة بالتغطية الصحية، لم يستشيروا المختصين في علاج الأمراض السرطانية من أجل تحديد الأدوية المستعملة، علما أن الطرق العلاجية الجديدة تضمن علاجا مهما
وأشير إلى أنه رفعت مذكرة في الموضوع إلى وزارة الصحة، ومن المرتقب عقد اجتماع لمناقشة الموضوع مع المختصين، وحمل المسؤولين على الأنظمة الصحية بالمغرب على إعطاء الأولوية للمرضى المصابين بالسرطان، والانخراط في الأهداف التي تسعى إلى تسهيل ولوجهم إلى الأنظمة العلاجية الجديدة والمبتكرة والفعالة.




تابعونا على فيسبوك