شباب محروم من نعمة السفر واكتشاف تراث مدن بلده في الواقع

الأربعاء 22 مارس 2006 - 12:11

قد يوجد الكثير بيننا، من لم يسبق له أن زار عددا من مدن المغرب، وتعرف على طبيعتها وعمرانها، ونمط عيش أهلها، إذ أن هناك من هؤلاء من لم تبرح رجله قط المدينة التي ولد وترعرع فيها، بالطبع هناك أسباب قد تكون قاهرة حالت دون تجول الكثير منا في أجزاء بلده، وهذه ال

وتبقى فئة الشباب هي الشريحة الأكثر فضولا وتطلعا لمعرفة ما تختزنه ما وراء محيط مدينة مقامها، وكثيرا ما يشد الشباب حنين هذا الانسلاخ عن موقعه، في اتجاه تغيير الأجواء وتبديل المنازل ولو على سبيل النزهة والاستجمام، ويكون فصل الصيف أحد الفصول الأكثر إغراء لخوض غمار المغامرات وقطع المسافات من أجل رؤية الوطن من موقع مغاير وفي ظروف وأجواء مغايرة.

لكن رغم هذا الحماس الشبابي، تبقى قلة الوسائل ونذرتها، عائقا حقيقيا بدون أن يتجاوز تجوال الشباب مدنا بعينها، فيما يظل جاهلا للمخزون التراثي لبلده ومآثره الضاربة في عمق التاريخ، وتتحمل في ذلك الجهات الوصية على التراث والسياحة الوطنية المسؤولية في عدم إيجاد المنافذ التي يمكن أن تسهل مأمورية الشباب والمواطنين.

بصفة عامة في صلة الرحم بأجزاء من ربوع بلادهم، ولعل دخول هذا المشوار والمبتغى من باب تشجيع السياحة الداخلية، وتنظيم رحلات مضبوطة الأهداف والمرامي، لمن شأنه أن يكسر جدار التعتيم الممارس عنوة وبدون سابق إشعار على المواطن، لعدم قدرته على تجاوز محيط مسكنه.

لنتعرف أكثر على نظرة الشباب لدور السياحة الداخلية المنظمة لتجاوز إكراهات التكاليف والمتطلبات، ونقترح عليكم، وجهات نظر لثلة من الشباب يمتلكها حب السفر واكتشاف مخزون العمران والطبيعة، وبهذا الخصوص أكد لنا، سعيد برودي، على أنه، يشعر حقيقة بمضاضة في كونه رغم ما يكابده من جهد من أجل توفير ميزانية خاصة للسفر، إلا أنه لا يستطيع أن يتجاوز بعض الخطوات التي تقاس بما في حوزته من مصروف، الذي بأي حال يكفي بالكاد لرحلة أو رحلتين، بالنظر إلى غلاء المبيت وارتفاع تكلفة النقل وصعوبة الاستسلام للجوع من الحرارة المفرطة لفصل الصيف.

ومن جانبه يبرز خالد التناني، أنه لم يتعرف لحد الآن، إلا على طبيعة خمسة مدن لا غير، ولم يتسن له، فرصة اكتشاف تراث وأجواء مدن أخرى وقرى بسبب انعدام الإمكانيات الكافية والضرورية لركوب هذا التحدي، وصب جام غضبه على غياب الرحلات الثقافية المنظمة التي من شأنها، تجسير الهوة التي تفصل الشباب بدون التعرف عن كتب على أهازيج وتراث وثقافة باقي المدن المغربية التي ينتمي إليها.

ومن جانبها شددت ثورية المعروفي على ضرورة أن تهتم الجهات الوصية بالسياحة الداخلية، بتخفيض تكاليفها، وتذليل الصعاب أمام المواطنين ومنهم الشباب، للارتباط أكثر بجمال مدنهم وتراثها التاريخي الأصيل، وطالبت من جهة أخرى أن "تنكب المؤسسات التعليمية على تنظيم زيارات ورحلات ثقافية، لمحو أثار جهل التلاميذ بخصوصيات مدن بلدهم"، وأضافت سليمة وسير، أن ضعف ميزانية الأسرة الواحدة، "حائل دون تجاوز الجهات والنواحي المجاورة.

فيما تظل أشياء من حتى، عالقة في حلقوم المواطنين المغاربة، لم يتعرفوا عليها ولم يكتشفوها، ولم يجدوا سبيلا لبلوغها، وحتى عندما رفعت وزارة السياحة شعار "كنوز بلادي" بهدف تشجيع المواطنين على السياحة الداخلية، لم تكن التعريفات والأسعار المتفق عليها في متناول أسرة من أربعة أو خمسة أفراد، وما يتبعها من نقل وأكل ومبيت".

وبدوره يؤكد خالد صبور، أن " لا أحد من شبيبتنا ولا من آبائنا على اطلاع تام وشامل، بما يزخر به بلده، وسنبقى كذلك ما لم يتم إبداع استراتيجيا سياحية، بثمن أقل، لجعل أمر السفر والتجوال في متناول الجميع"، واستغرب في السياق ذاته، "أيعقل أن السياح الأجانب يعرفون الشيء الكثير عن بلدنا، فيما نحن نظل ندور في حلقة ضيقة، لا تتجاوز بالكاد حد نظر العين؟ ".

إن السياحة الداخلية والتجوال في ربوع البلد، مكون أساسي للمواطنة، التي تستمد قوتها من الانتماء وعشق الخصوصيات المحلية والارتباط بها، كمكون أساسي لشخصية المواطن في أحضان الوطن الواحد، فمتى تعي الجهات الوصية، أن حب الأوطان بما في ذلك كل مكونات الوطن من طبيعة ومعمار وتراث وثقافة من الإيمان؟، فالانتماء يتطلب أن تكون منغمسا في صلب الوطن.




تابعونا على فيسبوك