قضية العنف ضد المرأة من أكثر القضايا تعقيدا وحساسية ظلت محاطة بسياج من السرية والكتمان وكان يسود الاعتقاد بخصوصياتها وأن لا شأن لأحد بها إلى أن بدأت تتفاقم بفعل جملة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية العرضية وأصبح الجميع يدرك ويستشعر خطورتها وآثارها السلبي
كريمة قاسمي رئيسة الجمعية النسوية لمناهضة العنف ضد النساء بآسفي أكدت في تصريحها لـ " الصحراء المغربية " أن التصدي للعنف الذي يمارس ضد النساء هو مسؤولية يتقاسمها الجميع من مجتمع مدني وكذا المسؤولين الرسميين، كما أفادت بكون خلق قضاء مستقل للأسرة سهل من مأمورية التسريع بمناقشة والحسم في عدد من الملفات المعروضة.
٭خلق جمعية نسوية لمناهضة العنف ضد النساء، إلى ما تهدف هده العملية ؟
-بداية لا بد من الإشارة إلى أن الحديث عن ظاهرة العنف ضد النساء كان يعد خروجا عن التقاليد والاعراف، والموروث الثقافي، بل هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك.
وأعتقد أن الحديث عن حقوق المرأة هو خروج عن الدين الإسلامي، لكن النقاش الذي أثارته فعاليات حقوقية وجمعوية ومنظمات، استطاع أن يكسر ذلك السياج الذي وضع حول قضايا المرأة وغلفها بشيء من السرية والتكتم على ظاهرة العنف ضد النساء بدعوى الخصوصية والحياء والعيب.
فمشاكل المرأة مرتبطة بمشاكل تخلف المغرب ككل، ومن هنا كان دور فعاليات هذا المجتمع المدني بالمغرب في طرح قضايا المرأة التي تعيش واقعا مرا ومعروفا على الصعيد الوطني، فعرف عدد من جهات المملكة ميلاد إطارات قانونية تسمح بالعمل في هذا الميدان، ومن هنا جاءت فكرة خلق جمعية نسوية لمناهضة العنف ضد المرأة، وغايتها الأساسية هي ربط قضايا المرأة بقضايا الرجل والمجتمع حتى نستطيع أن نؤسس أسرة متينة تحكمها قوانين معقولة وتخرج جيلا صالحا للمجتمع.
٭ إلى أي حد يمكن أن تساهم الجمعية في خلق نوع من التوعية بمدى التصدي للعنف ضد المرأة؟
ـ استراتيجية معالجة ظاهرة العنف ضد النساء يتحمل مسئوليتها المجتمع المدني والحكومة
فمسؤولية المجتمع المدني تتمثل في رصد حالات العنف الدي تتعرض له النساء والمطالبة بتنفيذ قوانين للقضاء على العنف ضد المرأة وملاحقة مرتكبيه مع تنظيم حملات إعلامية وبرامج تعليمية وتدريبية لتوعية المجتمع بالآثار الضارة للعنف في الأسرة علاوة على إيجاد مراكز للإرشاد والإنصات مع تقديم المساعدة القانونية والرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية للنساء ضحايا العنف والمساعدة على تأهيلهن في المجتمع مع المشاركة في البحوث المتعلقة بأسباب العنف ضد النساء.
أما على المستوى الحكومي فإن المسؤولية تتمثل في إدانة العنف ضد المرأة من خلال اعتماد وتنفيذ قوانين للقضاء على العنف، وتشجيع وتمويل البحوث والإحصائيات المتعلقة بالعنف الأسري، وتخصيص موارد كافية من ميزانية الدولة للأنشطة المتعلقة بالقضاء على العنف ضد المرأة.
٭ خلق قضاء للأسرة مستقل عن القضاء العادي، إلى أي حد يمكن أن يساهم في إعطاء اهتمام أكبر بالملفات المعروضة؟
ـ أنا أرى أن قضاء الأسرة مكسب مهم لقضايا المرأة، وخصوصا أنه خلال الفترات المنصرمة كنا نعاين أن هناك اكتضاضا وتراكما في الملفات المعروضة جراء عدم مناقشتها بوتيرة سريعة وتعالج ببطء مما ينتج عنه نتائج وخيمة تنعكس على الأسرة.
أما اليوم وبفضل قضاء الأسرة وحسب معاملتنا مع هذا الأخير، هناك تغيير وتحسن في معالجة القضايا المعروضة على هذه الهيئة.
حيث أصبحنا نلامس أن هناك فعلا حسم سريع في عدد من القضايا المعروضة على قضاء الأسرة.
٭ حسب إحصائيات لمركز "فاما" بالدارالبيضاء فإن هناك ارتفاعا في حالات العنف ضد المرأة منذ دخول مدونة الأسرة الجديدة حيز التنفيذ، بالنسبة لآسفي كيف هي الوضعية؟
ـ صحيح أن هناك بعض الإحصائيات للجمعيات النسائية الحقوقية تشير إلى أن ظاهرة العنف ضد النساء لازالت في مجتمعنا متنامية فقد قدمت أرقاما لحالات العنف قبل التعديل بشهرين وبعد التعديل مدونة الأسرة. فمثلا النفقة 55 حالة قبل التعديل و205 بعد التعديل الطرد من بيت الزوجية قبل التعديل 15 وبعده 93، الطلاق قبل التعديل 10 وبعده 81، التطليق قبل التعديل 9 حالات وبعده 33 .
هذا كنموذج، وآسفي لا تخرج عن هده الإحصائيات فحقيقة هناك ارتفاع طفيف في الحالات المعروضة على القضاء والمتعلقة بالوضع الأسري ككل وكذا حالات عنف ممارس على النساء وهناك مسألة أساسية وتتنامى بشكل كبير و هي إهمال الأسرة وكذا عدم الإنفاق، ما يمكن أن أؤكد عليه هو أن ظاهرة العنف لازالت متنامية في مجتمعنا.
٭ منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ما هي الحصيلة؟ وماهي الجهات التي تتحمل مسؤولية مناهضة العنف ضد المرأة؟
ـ تقييم المدونة بعد سنة من دخولها إلى حيز التنفيذ ليس بالأمر السهل فالمدونة مكسب كبير نحو الديمقراطية المغربية، فهي جاءت بعد مسلسل طويل من الكفاح بما كان يعرف بالخطة المغربية لإدماج المرأة في التنمية، لكن ما أريد أن أشير إليه هو أن الطرح الحقوقي غير كاف وحده فالمدونة لازالت في حاجة إلى المزيد من التعريف وهنا تبقى المسؤولية على الإعلام.
فاستراتيجية معالجة ظاهرة العنف ضد النساء يتحمل مسؤوليتها المجتمع المدني والحكومة، من خلال رصد حالات العنف الذي تتعرض له النساء والمطالبة بتنفيذ قوانين للقضاء على العنف ضد المرأة وملاحقة مرتكبيه مع تنظيم حملات إعلامية وبرامج تعليمية وتدريبية لتوعية المجتمع بالآثار الضارة للعنف في الأسرة علاوة على إيجاد مراكز للإرشاد والإنصات مع تقديم المساعدة القانونية والرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية للنساء ضحايا العنف والمساعدة على تأهيلهن في المجتمع مع المشاركة في البحوث المتعلقة بأسباب العنف ضد النساء .
في حين أن المسؤولية الحكومية تتجسد في إدانة العنف ضد المرأة من خلال اعتماد وتنفيذ قوانين للقضاء على العنف، وتشجيع وتمويل البحوث والإحصائيات المتعلقة بالعنف الأسري، وتخصيص موارد كافية من ميزانية الدولة للأنشطة المتعلقة بالقضاء على العنف ضد المرأة.
٭ ما هي نوعية الملفات التي عرضت على الجمعية وكذا حدود تدخل الجمعية في هذا الشأن؟
ـ يوميا تستمع و تتطرق الجمعية النسوية لمناهضة العنف ضد المرأة إلى حالات مختلفة تهم الضرب والسب، والإهانة، والجرح، والاغتصاب، والتحرش الجنسي النفقة، الطرد من بيت الزوجية الطلاق والتطليق وتتراوح أعمار ضحايا العنف ما بين 6 سنوات 60 سنة .
وتتجسد حدود تدخل الجمعية في الملفات المعروضة عليها في تقديم المساعدة القانونية والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية للنساء ضحايا العنف والاعتداءات والانتهاكات والمساعدة على تأهيلهن في المجتمع هذا فضلا عن تتبع الملفات المعروضة على القضاء.
ومن أجل بلورة عمل حقيقي يجسد تحديد النقط المرتبطة بظاهرة العنف ضد المرأة، سبق وأن نظمنا منتدى وطنيا للجمعيات العاملة ضمن حقل المرأة بالإضافة إلى عدد من الندوات تتطرق لهدا الموضوع.