في ظل التحولات السريعة التي يشهدها سوق السيارات العالمي، وتعاظم موقع المغرب كقطب صناعي بارز في القارة الإفريقية، تبرز أسئلة متعددة حول مستقبل حضور العلامات الدولية الكبرى في المملكة.
وفي هذا السياق، التقت "الصحراء المغربية" جوردي فيلا، المدير الإقليمي لنيسان، في حوار تطرق فيه إلى موقع المغرب في إستراتيجية الشركة، وإمكانية إقامة مشاريع صناعية مستقبلية، فضلا عن رؤية نيسان للتحول الكهربائي وحلولها التكنولوجية الجديدة. وكشف فيلا عن نظرة واقعية ومنفتحة تجاه السوق المغربية، مبرزا أهميتها ضمن "الأربعة الكبار" في إفريقيا، ومؤكدا أن “"نيسان عادت" إلى الواجهة بفضل نجاح طراز "ماغنايت".
كما تحدث بإسهاب عن رهانات الإنتاج، وسلسلة الإمداد، والفرص المستقبلية، إلى جانب توضيحه لموقع المغرب في مسار اعتماد السيارات الكهربائية.
نص الحوار كاملا:
بداية، هل تعتقدون أن نيسان قد تمتلك يوما ما مصنعا أو وحدة تجميع في المغرب، خاصة مع التطور الكبير الذي يشهده القطاع هنا مع مجموعات عالمية أخرى؟
جوردي فيلا: سأكون مباشرا… نعم، أنا منفتح جدا على ذلك. على المدى الطويل كل شيء وارد، لكن على المديين القريب والمتوسط لا يوجد أي مشروع من هذا النوع مخطط له حاليا. نحن ندرك أن المغرب سوق مهمة جدا وتشجع على الاستثمار الصناعي. ومن الصحيح أن أغلب المشاريع الصناعية القائمة في البلاد تهدف أيضا إلى التصدير نحو أوروبا.
لكن في المقابل، نيسان تتوفر اليوم على مصانعها داخل أوروبا، وهذا معطى واقعي. في المرحلة الحالية، تركيزنا منصب على ترشيد طاقات الإنتاج في إطار برنامج "النهضة" ، والذي يشمل خصوصا العمل على خفض نقطة التعادل break-even point.
أي نقطة تحديدا؟
ما أريد توضيحه هو أن موضوع المصنع غير مطروح الآن، دون أن يعني ذلك أن المغرب خارج دائرة اهتمامنا… بالعكس، السوق المغربية تهمنا جدا. هل يمكن أن ندرس خطوات مستقبلية؟ نعم، كل الخيارات تبقى ممكنة مستقبلا. كما يجب ألا نحصر التفكير في تجميع المركبات فقط، بل أيضا في سلسلة الإمداد: الموردين، الشبكة، وكل ما يرتبط بتطوير منظومة الصناعة. وهذا مجال قد يكون جذابا نظرا إلى موقع المغرب، كلفته التنافسية، والمعرفة التقنية المتنامية في السوق.
أين يندرج المغرب تحديدا في استراتيجية نيسان داخل القارة الإفريقية؟
يحتل المغرب مكانة بالغة الأهمية، فهو من ضمن الأسواق الأربعة الأولى الأساسية لنيسان في إفريقيا. تاريخيا، كان لنا حضور قوي في البلاد عبر موديلات حققت نجاحات كبيرة. لكن خلال السنوات الأخيرة تراجع تواجدنا قليلا، خاصة بعد توقف إنتاج كاشكاي ديزل (Qashqai Diesel)، الذي كان يلائم بشكل كبير متطلبات السوق المحلية. ويمكن القول إن حضورنا وصل حينها إلى أدنى مستوياته. عملنا مع شركائنا في المغرب، المستورد "أوطوهول"، وقررنا الاستمرار بشكل منطقي في تشكيلة تضم جوك (Juke)، كاشكاي (Qashqai) وموديلات أخرى. إلا أن التحول الأبرز كان مع إطلاق نيسان ماغنايت (Nissan Magnite). هذه السيارة، المطروحة حديثا هذا العام، أظهرت أداء قويا من حيث التجهيزات، والسعر، وتفاعل الوكلاء والأساطيل والزبناء، ما جعلها تحقق نجاحًا كبيرا جدا في السوق. لهذا نقول اليوم بكل وضوح: “Nissan is back… نيسان عادت”. صحيح أن حجم مبيعاتنا يعتمد في الوقت الراهن بدرجة كبيرة على "ماغنايت"، لكننا ندرس إضافة ركائز جديدة لتعزيز حضورنا في المستقبل.
كيف تواكب نيسان. التوجه المغربي والعالمي نحو السيارات الكهربائية والتحول الأخضر؟
نيسان من الرواد عالميا في التحول الكهربائي. للتذكير، كنا أول من أطلق سيارة كهربائية بإنتاج ضخم عالميًا: نيسان ليف (Nissan Leaf)، وذلك قبل 2010. كانت تجربة رائدة وتم تسويقها في معظم الدول التي تمتلك بنية تحتية مناسبة. ومنذ ذلك الوقت، واصلنا تطوير موديلات جديدة، ولدينا اليوم استراتيجية واضحة للتحول الكهربائي. نركز بشكل أكبر على السيارات الكهربائية الكاملة 100 في المائة في الأسواق الأكثر استعدادا على مستوى السياسات والحوافز والبنية التحتية للشحن. السيارات الكهربائية متاحة أيضا لإفريقيا، لكننا ندرك أن هناك طريقًا يجب قطعه قبل اكتمال البنى التحتية الضرورية. كما تحتاج الدول في البداية إلى دعم حكومي ومزايا ضريبية لتسهيل تبني الأساطيل للمركبات الكهربائية. وبمجرد وصول السوق إلى مستوى معين من الاعتماد، يصبح العميل غير مستعد للعودة إلى الوراء.
وهذا ما رأيته شخصيًا في دول شمال أوروبا. فالمركبة الكهربائية توفر عزمًا كبيرًا، متعة في القيادة، أمانًا أعلى، وصيانة أقل. وبين المركبة الحرارية البحتة والمركبة الكهربائية البحتة، نقدّم حلاً فريدًا هو نظام إي-باور (e-Power). هذا النظام ليس هجينا تقليديا، لكنه يلبي نفس الاحتياجات، مع قيادة أكثر سلاسة وأداء أفضل. ومع الجيل الثالث من كاشكاي، والجيل الثاني من إي-باور، وصلنا إلى ما نسميه الخطوة الثانية (Step 2): تحسينات كبيرة في التكنولوجيا، استهلاك يصل إلى 4.5 لتر لكل 100 كلم، وانخفاض بنحو 20 غراما من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذه الأرقام تضعنا عند مستوى يتفوق على الهجينة التقليدية، مع تجربة قيادة كهربائية بالكامل تقريبا، وهو ما يمنح نيسان ميزة تنافسية واضحة.