مؤسسة "بيتي" تستعرض حصيلة مشروع "لنتعبأ من أجل وقاية وحماية الأطفال"

الصحراء المغربية
الجمعة 14 نونبر 2025 - 14:36

في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز منظومة حماية الطفولة بالمغرب، وتماشيا مع التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال الوقاية من الهشاشة الاجتماعية، نظمت مؤسسة "بيتي"، يوم الأربعاء، ندوة لعرض حصيلة سنتين ونصف من العمل الميداني في إطار مشروع "لنتعبأ من أجل وقاية وحماية الأطفال"، المنجز بكل من الدارالبيضاء والصويرة والقنيطرة.

وشكل اللقاء مناسبة لتقاسم التجارب والممارسات الفضلى في مجال حماية الأطفال في وضعية صعبة، وإبراز التحديات التي تواجه الفاعلين في الميدان، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.

حصيلة المشروع

وفي هذا الصدد، قدمت يامنة تالتيت، مديرة مؤسسة "بيتي"، عرضا مفصلا حول المشروع، مبرزة أنه جاء ليعزز التحول في منهجية تدخل المؤسسة، بالانتقال من منطق الإيواء المؤقت إلى العمل الوقائي والتنموي المندمج، الذي يقوم على مقاربة متعددة الأبعاد تراعي المصلحة الفضلى للطفل.
وأكدت يامنة تالتيت، أن هذا المشروع تمكن خلال فترة تنفيذه من تحقيق نتائج بارزة عكست عمق تأثيره الإيجابي على الفئات المستهدفة، مشيرة إلى أن 873 طفلا استفادوا من مواكبة شخصية ومستمرة، من بينهم 80 طفلا تم إيواؤهم بمركز سيدي البرنوصي، و58 شابا تلقوا تكوينا مهنيا في المهن الفلاحية بمزرعة "بيتي" التعليمية.
وأضافت المتحدثة ذاتها أنه في إطار هذا المشروع تم تنظيم 335 جلسة دعم نفسي للأطفال وأسرهم، مع إحالة 81 طفلا على خدمات متخصصة في علاج الإدمان والطب النفسي، ومواكبة 386 أسرة في أداء أدوارها التربوية والاجتماعية، ما أسفر عن إعادة إدماج ناجحة لـ40 حالة عبر برامج الوساطة الأسرية.
كما أبرزت تالتيت أن المشروع تمكن، من خلال ورشات التوعية بالصحة الجنسية والإنجابية، وبرامج الوقاية، والتربية عبر الرياضة، من توعية أكثر من 2000 طفل وشاب وأسرة، فضلا عن تكوين 10 شباب قادوا لاحقا برامج لتدريب 80 من أقرانهم حول حقوق الطفل والمساواة والمشاركة المجتمعية، ما أطلق دينامية شبابية مستدامة للدفاع عن الحقوق.
وأشارت تالتيت في السياق ذاته إلى أن 33 فاعلا من المجتمع المدني والمؤسسات العمومية، استفادوا من دورات تكوينية تهدف إلى تعزيز التنسيق بين المتدخلين وتقديم الدعم للأطفال الأكثر هشاشة.

الوقاية والتتبع الميداني

أوضحت تالتيت أن فرق المؤسسة المتنقلة اعتمدت مقاربة ميدانية تقوم على الرصد المبكر للأطفال المعرضين للخطر في الشوارع والأحياء الهامشية ومحيط المدارس، كما تم إنشاء نظام معلوماتي لتتبع الحالات الفردية، بهدف ضمان استمرارية المواكبة وتنسيق التدخلات بين المتخصصين في المجال الاجتماعي والنفسي والتربوي.
كما نظمت "بيتي" في إطار المشروع ذاته ورشات داخل المدارس للتوعية بمخاطر التسرب المدرسي والعنف، مستهدفة التلاميذ والمدرسين وأولياء الأمور، ما ساهم في ترسيخ ثقافة الوقاية والتربية على قيم الاحترام والحماية.

الحماية والإيواء والتأهيل

أكدت تالتيت أن مؤسسة "بيتي" تعتمد مقاربة شاملة ومندمجة في التكفل بالأطفال، تشمل الإيواء المؤقت، والدعم النفسي والاجتماعي، والتأهيل التربوي والمهني، مشيرة إلى أنه خلال فترة المشروع تم احتضان عشرات الأطفال في مراكز المؤسسة بكل من الدارالبيضاء والصويرة، حيث تلقوا مواكبة نفسية مكثفة ودعما تعليميا مكن عددا منهم من العودة إلى الدراسة، كما تم إعادة إدماج أكثر من 40 طفلا داخل أسرهم الأصلية بعد مسار من الوساطة والإصلاح الأسري.
وفي المجال المهني، أبرزت مديرة المؤسسة أن 53 شابا وشابة استفادوا من برامج التكوين المهني في تخصصات الفلاحة، الحلويات، الحرف اليدوية، والمهن الصغيرة، ما مكنهم من تحقيق استقلال اقتصادي نسبي، وتابع فريق المؤسسة هذه الحالات بعد الإدماج لضمان استقرارها داخل محيطها الأسري والاجتماعي.

التحسيس والمرافعة

أبرزت تالتيت أن المشروع تميز كذلك بمكون قوي للتحسيس والمرافعة، حيث نظمت المؤسسة لقاءات تكوينية لفائدة الأسر والفاعلين الجمعويين والمؤسساتيين، لتعزيز قدراتهم في مجالات التربية الإيجابية وحماية الطفل من العنف، حيث شاركت "بيتي" في حملات وطنية ودولية للتوعية بحقوق الطفل ومناهضة الاستغلال، وساهمت في إعداد مذكرات ترافعية تهدف إلى تطوير التشريعات الوطنية ذات الصلة بحماية الطفولة، وفي هذا الإطار تم تكوين 10 شباب قادة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل، الذين أصبحوا بدورهم سفراء لقيم الحماية والمواطنة المسؤولة داخل مجتمعاتهم المحلية.

توصيات وآفاق مستقبلية

اختتمت يامنة تالتيت عرضها بالتأكيد على أن حماية الطفولة مسؤولية جماعية تتقاسمها الأسرة، والمدرسة، والمجتمع المدني، والسلطات العمومية، وشددت على ضرورة تعزيز التنسيق بين المتدخلين، وتطوير آليات المراقبة والتبليغ، ودعم المبادرات المحلية الرامية إلى محاربة الهشاشة والفقر، باعتبارهما من أبرز مسببات تفكك الأسرة وخروج الأطفال إلى الشارع.
وقالت تالتيت إن التجربة أثبتت أن أي مشروع لحماية الطفولة لا ينجح إلا بتقاطع الجهود وتوحيد الرؤى، لأن الطفل ليس مسؤولية مؤسسة واحدة، بل مسؤولية الجميع، معتبرة أن مشروع "بيتي" يمثل تجربة رائدة يمكن الاستفادة منها لتطوير السياسات العمومية في مجال الطفولة، خاصة في ما يتعلق بالوقاية الاستباقية، والإدماج الأسري، والتكوين المهني الموجه للأطفال والشباب في وضعية هشاشة.
وشهدت فعاليات الندوة عرض شريط فيديو وثائقي يستعرض مراحل التكوين المهني للأطفال والشباب المستفيدين في المزرعة التعليمية التابعة لمؤسسة "بيتي"، موثقا جهودهم وإنجازاتهم العملية، كما قدم الأطفال المستفيدون عرضا مسرحيا أبدعوا من خلاله في تجسيد تجاربهم الاجتماعية ومواقفهم اليومية، وهو ما أتاح للحاضرين فرصة الاطلاع المباشر على أثر المشروع في حياتهم.




تابعونا على فيسبوك