منظمة التعاون الرقمي تطلق مقياس نضج الاقتصاد الرقمي 2025 وتبرز ريادة المملكة في البنية التحتية والابتكار

الصحراء المغربية
الثلاثاء 11 نونبر 2025 - 12:15

أعلنت منظمة التعاون الرقمي (DCO)، المنظمة الدولية المعنية بتطوير الاقتصادات الرقمية الشاملة والمستدامة، عن إطلاق الإصدار الثاني من مقياس نضج الاقتصاد الرقمي 2025 (Digital Economy Navigator 2025 – DEN 2025)، وذلك خلال أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة.

ويقدم هذا التقرير نظرة شاملة على مستوى تطور الاقتصاد الرقمي في العالم، إذ يغطي 80 دولة تمثل 94 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و85 في المائة من سكان العالم، ما يجعله أداة أكثر شمولاً لقياس نضج الاقتصادات الرقمية عالميًا. ويستند المقياس إلى 145 مؤشرا وإلى دراسة استطلاعية شملت أكثر من 41 ألف شخص، مقدماً تحليلا دقيقا يعتمد على البيانات حول جهود الدول في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتحفيز الابتكار، وتعزيز الحوكمة الرقمية، وتنمية الأعمال، ودعم الشمولية.

المغرب نموذجٌ للابتكار والبنية التحتية  الرقميـــــــة فـــــي إفريقـــــــــيا

سلّط تقرير DEN 2025 الضوء على التقدم الملحوظ الذي أحرزه المغرب في مجالات البنية التحتية الرقمية، وتكنولوجيا التعليم، والابتكار، مشيراً إلى أن الاستثمارات الاستراتيجية التي تبنّتها المملكة عزّزت من تنافسيتها داخل منطقة شمال إفريقيا، وجعلتها نموذجاً في التحول الرقمي المستدام.
فقد سجّل المغرب تحسناً كبيراً في سرعة الأنترنيت الثابت وتوسيع شبكة الألياف البصرية، مدعوماً بخطة وطنية طموحة تهدف إلى ربط 5.6 ملايين أسرة بشبكة الأنترنيت عالي السرعة بحلول عام 2030.
كما أن الاستثمارات الوطنية في البنية التحتية الرقمية وسّعت من نطاق الوصول الموثوق إلى الأنترنيت في المناطق الحضرية والقروية على حد سواء، ما أسهم في بناء مجتمع أكثر اتصالاً وتمكيناً رقمياً.
وأبرز التقرير أيضاً تقدم المغرب في رقمنة بيئة العمل والتدريب المهني الرقمي، وهي خطوات تُزوّد العاملين بالمهارات اللازمة للنجاح في الاقتصاد الرقمي العالمي المتطور. كما أشار إلى نمو النظام البيئي للابتكار في المملكة، المدعوم بحاضنات التكنولوجيا وبرامج ريادة الأعمال، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الشركات الناشئة والمقاولات الصغيرة لدخول الأسواق الرقمية.

رؤية منظمة التعاون الرقمي: من القياس إلى التسريع

وفي تعليقها على نتائج التقرير، قالت الأستاذة ديمة بنت يحيى اليحيى، الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي «يُبرز مقياس نضج الاقتصاد الرقمي 2025 ما تحقق من تقدم عالمي، ويُظهر في الوقت ذاته الفرص الواعدة المقبلة. وتؤمن منظمة التعاون الرقمي بمستقبل تشارك فيه جميع الدول بفاعلية في بناء الاقتصاد الرقمي، ليس فقط كمستهلكةٍ للخدمات، بل كمبتكرةٍ ومطوّرةٍ لها أيضاً».
وأضافت أن «تقرير DEN 2025 يذكّرنا بأن تقدمنا الجماعي يعتمد على التحرك الحاسم. علينا الانتقال من قياس التحول الرقمي إلى تسريعه، عبر سياسات حكومية مرنة، واستثمارات مسؤولة من القطاع الخاص، ومجتمعات منفتحة على الابتكار. فالتكلفة الحقيقية للجمود هي الإقصاء، بينما التعاون عبر الحدود والقطاعات والمجتمعات هو الطريق إلى مستقبل رقمي شامل وآمن ومستدام».

التحول الرقمي رافعة للنـمو والتنـمية

بحسب التقرير، أصبح التحول الرقمي محركاً رئيسياً للنمو في مختلف فئات الدخل، حيث تصل خدمات الأنترنيت إلى أربعة من كل خمسة أشخاص في الدول المشمولة بالمقياس.
وسجلت الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى أعلى معدلات التحسن، ما يؤكد أن التقدم الرقمي قابل للتحقيق من خلال السياسات الفعالة والاستثمار الموجه. كما يُقدّر التقرير أن ربط المجتمعات غير المخدومة قد يمكّن أكثر من 1.3 مليار شخص من الاستفادة من الخدمات المصرفية الرقمية والخدمات الإلكترونية، بما يعزز الدمج المالي والاجتماعي ويحفّز النمو المستدام. وأظهر التقرير أيضاً أن التحول الرقمي أسهم في توسيع التجارة عبر الحدود، حيث تعتمد 66 دولة من أصل 80 بوابات إلكترونية متكاملة للخدمات الحكومية، في حين تعمل عشر دول إضافية على تنفيذها. ومع ذلك، دعا التقرير إلى إزالة القيود المفروضة على تجارة منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لضمان توافر الأجهزة الرقمية بأسعار مناسبة للجميع.

الذكاء الاصطناعي والاستدامة والمساواة الرقمية

يرصد التقرير تقدماً متسارعاً في مجال الذكاء الاصطناعي، وإن كان غير متكافئ، إذ تواصل الاقتصادات المتقدمة تعزيز ريادتها، بينما تُظهر مناطق مثل جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء إمكانات قوية لتحقيق قفزات نوعية في هذا المجال.
كما يبرز تحسناً مطّرداً في مشاركة النساء في المجال الرقمي، إذ بلغ معدل المساواة الرقمية العالمي 70.8 في المائة، بينما لا تتجاوز نسبة الخريجات في تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 3.1 في المائة فقط، ما يستدعي استثمارات إضافية في التعليم الرقمي وتنمية المهارات لتحقيق مساواة أكبر في وظائف المستقبل.
ويعرض التقرير ركائز جديدة تحت عنوان «الرقمنة من أجل الاستدامة»، تسلط الضوء على فرص الاقتصادات الصاعدة لتجاوز الأنظمة القديمة المعتمدة على الموارد الثقيلة، من خلال تبني التقنيات النظيفة والمتجددة مباشرة. وتُظهر مناطق مثل أمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى وجنوب آسيا إمكانات كبيرة للتحول نحو اقتصادات رقمية مستدامة. من جانبها، أوضحت آلاء عبدالعال، رئيسة ذكاء الاقتصاد الرقمي في منظمة التعاون الرقمي، أن هذا الإصدار يمثل نقلة نوعية مقارنة بالإصدار الأول عام 2024، مؤكدة أن التطور السريع للاقتصاد الرقمي يتطلب تطوير أدوات القياس لمواكبة التغيرات وفهم الأبعاد الجديدة للتحول الرقمي. وقالت «نسعى من خلال التعاون مع الحكومات والشركاء حول العالم إلى تعزيز الإصدارات المقبلة من المقياس وتطويرها باستمرار، بما يساعد صناع القرار وقطاع الأعمال على اتخاذ قرارات قائمة على البيانات الدقيقة». واختتمت منظمة التعاون الرقمي بالتأكيد على أن العمل المشترك بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية هو السبيل لتحقيق تحول رقمي شامل ومستدام. ودعت المنظمة صناع السياسات والباحثين والمؤسسات الدولية إلى استخدام تقرير DEN 2025 كإطار استرشادي لصياغة السياسات وتعزيز الشراكات، مشيدةً بـ تجربة المغرب كنموذج إقليمي رائد في الاستثمار الرقمي، والابتكار، والتعليم، والبنية التحتية الذكية التي تُمكّن المواطن من أن يكون شريكاً فاعلاً في بناء المستقبل الرقمي.




تابعونا على فيسبوك