صناعة الأمن الجديد .. قرب أكثر من المواطن وريادة دولية

الصحراء المغربية
الخميس 31 يوليوز 2025 - 13:59

لم يعد حضور المؤسسة الأمنية في الفضاء العمومي يقتصر على مهام الضبط والمراقبة، بل بات يتجاوز ذلك إلى شكل من أشكال التمثل الجماعي الإيجابي، الذي يعكسه تزايد التفاعل الشعبي مع أنشطة المديرية العامة للأمن الوطني، وعلى رأسها تظاهرة "الأبواب المفتوحة".

وليس أدل على ذلك من الرقم الاستثنائي المسجل خلال دورة الجديدة (2.4 مليون زائرة وزائر). فهذا الرقم لا يمكن قراءته فقط كمؤشر على النجاح التنظيمي، بل هو في جوهره تعبير رمزي عن تحول عميق في العلاقة بين المواطن وجهاز الشرطة، وهي علاقة شهدت تحولا نوعيا منذ اعتماد سياسة القرب التي راهنت على جعل الأمن شريكا يوميا في حياة المواطن، وليس مجرد جهاز للتدخل في حالات الخطر، وذلك في سياق التحولات العميقة التي شهدتها المؤسسة الشرطية في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

 

 
شرطة أقرب للمواطن
في المغرب، حيث شكلت الثقة في المؤسسات موضوع نقاشات عمومية في مناسبات عديدة، يبرز هذا الحضور الجماهيري اللافت في الأبواب المفتوحة للأمن بدورة الجديدة كدليل ملموس على تنامي الشعور بالثقة والانتماء إزاء جهاز الشرطة. فالانخراط الطوعي لمئات الآلاف من التلاميذ، والأسر، وممثلي المجتمع المدني، وانتقالهم إلى مركز المعارض محمد السادس لزيارة أروقة التظاهرة، لا يمكن فصله عن الشعور المتزايد بأن المؤسسة الشرطية أصبحت أكثر قربا من الناس، وأكثر تفاعلا مع قضاياهم اليومية. وهذا التحول لا يحدث بالصدفة، بل هو نتاج خطة استراتيجية واضحة المعالم لعبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، والتي تحرص على علاقة أكثر قربا من المواطن، من خلال الشفافية، والانفتاح، والتواصل المستمر، سواء ميدانيا أو رقميا.
وهو ما تجسده الأرقام المسجلة في الدورة السادسة. ففي فعاليات هذا الموعد، التي امتدت في الفترة ما بين 17 و21 ماي الماضي، ناهز عدد الزوار مليونين و400 ألف (2.400.000)، لتحقق بذلك هذه التظاهرة المجتمعية رقما قياسيا جديدا مقارنة مع باقي الدورات السابقة.
وتميزت هذه النسخة بمستويات توافد يومية استثنائية، تجاوزت خلال ذروة الحضور الجماهيري يومي 17 و18 ماي الماضي، حصيلة إجمالية فاقت مليونا و180 ألف زائر، تشكلت أساسا من فئة التلاميذ الذين يمثلون 1916 مؤسسة تعليمية عمومية وخصوصية وعتيقة ومدارس لحفظ القرآن الكريم، فضلا عن حضور مكثف لممثلي ما يناهز 1500 من هيئات المجتمع المدني، ومراسلي 187 منبرا إعلاميا وقناة تلفزية ومحطة إذاعية.
وعلاوة على التوافد الجماهيري الكبير إلى فضاء التظاهرة من طرف سكان مدن الدار البيضاء وسطات وآسفي والجديدة، والمدن القريبة منها كالبئر الجديد وسيدي بنور وأزمور ومناطق أخرى، حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على تسخير حساباتها الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي لضمان النقل المباشر لمختلف فعاليات هذه التظاهرة، وهو ما مكن من تحقيق أكثر من 29 مليون مشاهدة، فضلا عن تقديم الشروحات اللازمة وتوفير المعطيات المهنية الضرورية لإنجاز 1256 نشاطا إعلاميًا لفائدة مختلف المنابر الصحفية.

 

 
هندسة التحول.. بتوقيع حموشي
 إن الحديث عن مليونين و400 ألف زائر ليس فقط حديثا عن «حشد»، بل هو في عمقه مؤشر سوسيولوجي على التبدل الذي طرأ على تمثل السلطة الأمنية في الوعي الجمعي المغربي. لقد أصبحت الشرطة «مرئية» بشكل إيجابي، وهذا في حد ذاته مكسب استراتيجي.
فما تحقق في دورة الجديدة لا يجب أن يقرأ فقط من زاوية النجاح التنظيمي أو التواصل الإعلامي، بل من زاوية التحول المؤسساتي الذي يعرفه جهاز الأمن الوطني، من مؤسسة تنفذ القانون إلى مؤسسة تنتجه بالتفاعل مع المجتمع. وما الاحتضان الشعبي المتزايد، كما أظهرته الأرقام، إلا نتيجة مباشرة لهذا المسار الطويل من البناء المؤسساتي المتوازن، حيث الأمن لا يعني الترهيب، بل الطمأنينة، ولا يمارس من فوق، بل ينتج مع المواطنين وبهم. واعتمد عبد اللطيف الحموشي في إصلاحاته الكبرى لمؤسسة الأمن على نهج متكامل متعدد الأبعاد، ساهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الوطني والاستقرار الإقليمي، بفضل ارتكازه على مبادئ الابتكار، والاستباقية، والتعاون، وتبادل المعلومات، وتأهيل الكوادر الأمنية، مع إيلاء أهمية كبرى للقيم الإنسانية كالتسامح والتعايش السلمي.
وتحت قيادته، أصبح المغرب نموذجا رائدا في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وحاز إشادة دولية لدوره الفعال في إحباط المخططات الإرهابية وتفكيك الشبكات الإجرامية. كما جرى تعزيز التعاون الأمني والدبلوماسي مع العديد من الدول، ما عزز مكانة المغرب كقوة أمنية على الصعيد العالمي.
وأعاد حموشي تشكيل صورة الشرطة المغربية بالكامل، من خلال تحديث أنظمتها وأساليب عملها وتعزيز كفاءتها، ثم النهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن، وفتح الباب أمام النساء لولوج أسلاك الشرطة، ناهيك عن إحداث مركز دولي لتكوين الكوادر الأمنية المغربية والإفريقية بإفران.
 


حموشي والرسائل الدولية
لا تنفصل مظاهر الاحتضان الشعبي للأمن الوطني عن إشارات التقدير العميق الذي باتت تحظى به القيادة الأمنية المغربية في المحافل الإقليمية والدولية، وعلى رأسها المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني. ففي ليلة تخليد الذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني بمدينة الجديدة، لم يكن المشهد مجرد احتفال رمزي، بل كان لحظة مشبعة بالدلالات، جسدها توسط حموشي حضورا وازنا لقيادات أمنية عربية وأوروبية، من وزراء ومسؤولين كبار في أجهزة الاستخبارات والشرطة، إلى رؤساء منظمات دولية كالإنتربول ومجلس وزراء الداخلية العرب.
هذا الحضور النوعي، الذي لا ينعقد لمجرد مجاملة بروتوكولية، يعكس مكانة المغرب كفاعل أمني موثوق به، بل ويظهر بوضوح أن عبد اللطيف حموشي لم يعد ينظر إليه فقط كمسؤول أمني وطني، بل كشريك دولي في صياغة مفاهيم جديدة للأمن الإقليمي والدولي، قادرة على الجمع بين الصرامة والفعالية، وبين احترام الحقوق ومتطلبات الحزم.
وقد جاءت توشيحاته المتتالية، سواء من قبل الدول المغاربية والعربية، كما تجسد في وسام الأمير نايف للأمن العربي، أو من دول أوروبية كبرى، كفرنسا التي سلمته ميدالية وبراءة وسام جوقة الشرف من درجة ضابط في 2025، وقبل ذلك ثلاثة أوسمة مرموقة (وسام جوقة الشرف من درجة فارس سنة 2011، وسام جوقة الشرف من درجة ضابط سنة 2025.
وتوشيحه سنة 2024، من وزير الداخلية الفرنسي بالميدالية الذهبية للشرطة الوطنية الفرنسية)، بالإضافة إلى توشيحه من قبل إسبانيا بوسام الصليب الأكبر، (جاءت) لتكرس شرعية دولية مكتسبة عن جدارة وكفاءة، وليقرأ هذا التقدير كرسالة مزدوجة: اعتراف بالكفاءة المؤسسية لجهاز الأمن المغربي، وثقة في المسار الاستراتيجي الذي يقوده عبد اللطيف حموشي ترجمة لرؤية ملكية متبصرة وحكيمة.
وفي هذا الإطار، يصبح من الواضح أن النجاحات الميدانية، والانفتاح المجتمعي، والتقدير الخارجي، ليست عناصر متفرقة، بل تشكل في مجموعها صورة متكاملة لنجاح سياسة أمنية مغربية تقوم على القرب، والتواصل، والاحترافية، دون التفريط في هيبة الدولة أو فعالية أجهزتها. وبتأكيد هذه المكانة الدولية، يستفيد الأمن الوطني من تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة، ما يعزز بدوره من جودة الخدمات الأمنية المقدمة للمواطنين، ويزيد من تفاعلهم الإيجابي مع رجال الأمن، خاصة في ظل سياسة القرب التي تبنتها المديرية العامة للأمن الوطني. وهذا التوازن بين القوة والكفاءة من جهة، والانفتاح والشفافية من جهة أخرى، هو الذي يحول الأمن الوطني إلى قوة مقبولة ومحتضنة شعبيا، وممثلة للمغرب في المحافل الدولية، بقوة، وحرفية، وسمعة طيبة.

 

 

 
الحرب على الإرهاب..الريادة
في جبهة مكافحة الإرهاب، تبرز أيضا حنكة عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، كأحد العناصر الحاسمة في تعزيز فعالية منظومة التصدي للظاهرة.
فقد استطاعت الاستخبارات المغربية، تحت إشرافه، أن تتحول إلى مرجع دولي في مجال الوقاية الاستباقية من التهديدات الإرهابية، من خلال معلومات دقيقة حالت دون وقوع هجمات دامية في بلدان أوروبية مثل فرنسا، وإسبانيا، وبلجيكا، وألمانيا.
هذا التفوق لم يكن ثمرة الصدفة، بل نتاج بنية استخباراتية حديثة، تستند إلى تكوين مستمر للكفاءات، واعتماد آليات تحليل متقدمة، وتعزيز شراكات دولية متعددة الأطراف.
وبفضل هذا التموقع، لم يعد المغرب مجرد بلد يتصدى للتهديدات، بل أضحى شريكا استراتيجيا موثوقا في المعادلة الأمنية العالمية.
وعبر هذا المسار، يؤكد حموشي أن التحديث الأمني والسياسة المبنية على القرب والتعاون الدولي ليست رفاهية، بل ضرورة حتمية لتحقيق الاستقرار وحماية المواطنين داخل الوطن وخارجه.
وفككت السلطات الأمنية أزيد من 40 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بفروع القاعدة أو «داعش» بالساحل الإفريقي، كما أنها رصدت منذ نهاية سنة 2022 مغادرة 130 من المتطرفين المغاربة إلى ساحات «الجهاد» الإفريقية في الصومال والساحل، وهو ما يكشف بوضوح حجم التهديدات المرتبطة بهذه المنطقة على الأمن والاستقرار في المحيط الإقليمي.
وكانت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني سباقة، منذ مدة، إلى تحذير المنتظم الدولي من الاهتمام المتزايد لتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل الإفريقي، والتنبيه إلى أن هذه المنطقة ستتحول إلى قطب جهوي للتنظيمات الإرهابية الدولية. وهذا الاستباق الاستراتيجي يعكس الرؤية الاستشرافية التي تميز العمل الاستخباراتي المغربي، والتي تجعل من التحصين الأمني استثمارا في الاستقرار الجماعي، لا فقط الوطني.
 


كـفاءة بثقل دولي
أصبح اسم عبد اللطيف حموشي مقترنا بالإشادات، سواء وطنيا أو دوليا، حتى بات هذا المسؤول الوطني عنوانا للعمل الدؤوب والمهنية العالية والكفاءة وأيقونة للنجاح.
فوطنيا يعتبر المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني أحد المسؤولين الأكثر شعبية وثقة لدى المواطنين ناهيك عن الاعتراف والارتياح لدى الموارد البشرية العاملة لدى المديريتين اللتين يشرف عليهما.
أما دوليا، فإن حموشي يحظى باحترام كبير واعتراف من طرف نظرائه في الدول التي تجمعها بالمغرب علاقات تعاون في المجال الأمني والاستخباراتي، وهو ما يترجمه توالي الإشادات التي حصل عليها.
وأمام هذه المكانة أصبح حموشي رمزا للثقة، واسمه يردد لسان كل مغربي يبحث عن "الإنصاف" الأمني والعدالة.
وتبقى إحد أبرز تجليات الحضور الأمني المغربي القوي على الساحة الدولية هو اختيار المملكة لتنظيم الدورة الثالثة والتسعين للمؤتمر الدولي للإنتربول، في نونبر من السنة الجارية بمراكش.
وهو شرف كبير لم ينله المغرب إلا بفضل الثقة الدولية المتزايدة في كفاءاته الأمنية. ولم يتوقف الأمر عند التنظيم فحسب، بل توج المغرب أيضا بانتخابه نائبا لرئيس منظمة الإنتربول، ما يعكس اعترافا رسميا عالميا بدوره الحيوي في مكافحة الجريمة والإرهاب.
كما تجسد ذلك أيضا في انتخاب، بمقر منظمة الأنتربول بمدينة ليون الفرنسية، المملكة المغربية ممثلة في شخص عميد الشرطة الإقليمي ليلى الزوين، رئيس مصلحة مكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة بالمديرية العامة للأمن الوطني، لشغل منصب نائبة رئيس الفريق الدولي لخبراء الإنتربول في مجال الجرائم السيبرانية»، التابع للمنظمة.
وجرى انتخاب ممثلة المديرية العامة للأمن الوطني لشغل هذا المنصب القيادي ضمن فريق الخبراء الدوليين في مجال الجرائم السيبرانية، خلال أشغال الاجتماع السنوي الأول لهذا الفريق، التي احتضنته الأمانة العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “أنتربول” بمدينة ليون الفرنسية، يومي 04 و05 يونيو الماضي، وعرفت انتخاب هياكل هذا الفريق الدولي.
ويترجم هذا الانتخاب مدى انخراط المديرية العامة للأمن الوطني في تعزيز قنوات وآليات التعاون الأمني الدولي متعدد الأطراف في المجالات الأمنية والشرطية، كما يؤشر على المستوى المتقدم الذي وصلت إليه البنيات الشرطية المكلفة بمكافحة الجرائم السيبرانية على المستويين الإقليمي والدولي. 
 




تابعونا على فيسبوك