في مقاربة استباقية .. الداخلية تحاصر "شغب الملاعب" بخطة جديدة

الصحراء المغربية
الجمعة 25 يوليوز 2025 - 14:47

باشرت الداخلية تفعيل خطة تجمع بين الاستباقية ونشر وعي جماهيري جديد لضوابط التشجيع، وذلك لمحاصرة ظاهرة الشغب بالملاعب الرياضية، التي كانت في المواسم الكروية الأخيرة وراء أحداث عنف خطيرة، خلفت فواجع إنسانية وخسائر مادية ثقيلة.

وكشف عن معالم هذه الخطة في جواب لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، على سؤال كتابي تقدمت به النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي فدوى محسن الحياني. وذكر عبد الوافي لفتيت، في جوابه، أن مصالح وزارة الداخلية تعمل، بتنسيق مع جميع المتدخلين المعنيين، على ضمان التدبير الأمثل للتظاهرات الرياضية، وذلك عبر اعتماد مقاربة استباقية، مبرزا أنها تعتمد على مجموعة من الترتيبات والإجراءات الأمنية والتنظيمية القبلية، وكذا السهر على تطبيق القانون الجاري به العمل في حق مرتكبي الأفعال المخلة بالأمن والنظام العامين.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الداخلية، في إطار جهودها لاحتواء مظاهر الشغب بالملاعب الرياضية، عملت على تنظيم مناظرات جهوية على مستوى سبع جهات بالمملكة، موضحا أنها عرفت مشاركة مختلف الفاعلين في المجال الرياضي، بالإضافة إلى الجمعيات الرياضية والمشجعين، وذلك من أجل نشر الوعي بضوابط التشجيع الرياضي المسؤول الذي يوزان بين البعد الفرجوي والاحتفالي، من جهة، وبين إلزامية الحفاظ على الأمن العام، من جهة أخرى.

وأجمع المشاركون، في هذه المناظرات، على ضرورة الارتقاء بالتشجيع الرياضي ليكون إيجابيا ويعكس حب الانتماء والهوية المحلية والوطنية. وأكدوا على أن المواعيد الرياضية الدولية التي سيحتضنها المغرب، لاسيما كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، تشكل مناسبة لإبراز قيم الهوية الوطنية، من خلال التشجيع الرياضي المسؤول القائم على قيم حسن الضيافة والانفتاح والتسامح.

وتطرقت المداخلات إلى دور الجماهير في تكريس المكانة الريادية لكرة القدم المغربية، من خلال تعزيز التشجيع الإيجابي، ودور التشجيع الرياضي من خلال استغلال الزخم الجماهيري لتقوية السياحة الرياضية، وزيادة الإشعاع الدولي للمدن المحتضنة للتظاهرات الرياضية العالمية، إلى جانب دور الإعلام في إسناد المناحي الإيجابية في التشجيع.

وفي تعليق حول الموضوع، قال خبير القانون الدستوري، رشيد لزرق، إن الإجراءات المتخذة تعكس مدى اهتمام وزارة الداخلية بمعالجة هذه الظاهرة من خلال اعتماد مقاربة تجمع بين الأمن والتنظيم. وأضاف رشيد لزرق، في تصريح لـ "الصحراء المغربية"، أن المناظرات الجهوية التي عقدت بحثا عن إيجاد حلول للإشكاليات المطروحة شكلت خطوة مهمة، لكنها تبقى غير كافية ما لم تترجم الخلاصات التي خرجت بها إلى إجراءات عملية، تشمل تطبيقا صارما للقانون، وتحميل الأندية مسؤولية التأطير، وإشراك فعلي للجماهير في رسم ثقافة تشجيع مسؤولة تحفظ الفرجة وتحمي الأمن، مشددا على أن "الحد من الشغب يتطلب تفعيل آليات الانضباط داخل الملاعب وخارجها".

وقال رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن "الأمن وحده لا يكفي في مواجهة الظاهرة"، مشيرا إلى أن "المعالجة الحقيقة تمر عبر إصلاح شامل للمنظومة الرياضية، يتقاطع فيه القانون والتربية والإعلام".

يذكر أن النيابات العامة لدى محاكم المملكة عالجت، خلال السنوات الممتدة بين 2019 و2023 ما مجموعه 1473 قضية مرتبطة بشغب الملاعب، نتج عنها متابعة 3028 شخصا منهم 2342 راشدا أطلق سراحهم وتمت متابعتهم في حالة سراح، فيما أحيل 1003 أشخاص آخرين على الاعتقال.

أما بخصوص الأحداث، فجرت متابعة 686 حدثا أحيل 113 منهم على الإيداع بالسجن وخضع 573 حدثا لتدابير أخرى، إما تدابير الحماية أو التهذيب المحددة في قانون المسطرة الجنائية.

وفي ظل استمرار هذه الظاهرة، وضعت وزار التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة آليات العمل الرامية إلى تنفيذ أسس استراتيجيتها في هذا المجال بتنسيق مع عدة قطاعات حكومية متصلة بالموضوع والدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وكذا الجامعات الرياضية وخاصة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بالإضافة إلى جمعيات المجتمع المدني التي تلعب دورا بارزا في الحد من الشغب في الملاعب.

وتتعلق هذه الآليات التي سبق أن أعلنت الوزارة عن وضعها بتنسيق مع قطاعات أخرى بتفعيل مقتضيات القانون رقم 09.09 المتعلق بتتميم القانون الجنائي حول العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، في فصوله من 308-1 إلى 308-18 والذي يتضمن عقوبات ردعية وزجرية لكل من تسبب، بأي شكل من الأشكال المنصوص عليها قانونا في اندلاع أحداث العنف أثناء المباريات والتظاهرات الرياضية.




تابعونا على فيسبوك