تعيش مدينة تورّي باتشيكو، التابعة لإقليم مورسيا الإسباني، منذ عدة أيام على وقع توتر اجتماعي غير مسبوق، وذلك إثر اعتداء مجموعة من الشبان المنحدرين من أصول مغاربية على رجل إسباني يبلغ من العمر 68 سنة، الأمر الذي أثار موجة من ردود الأفعال المتشنجة، من بينها تحركات عنيفة نفذتها جماعات من اليمين المتطرف، استهدفت ممتلكات أفراد من الجالية المغربية.
ووفق ما أفادت به صحيفة Murcia Plaza، فقد شهدت عطلة نهاية الأسبوع أعمال عنف وفوضى تخللتها هجمات على محلات تجارية، من بينها محل للأطعمة السريعة يديره مواطن مغربي يدعى حسن، والذي تعرّض لمحاولة اقتحام عنيفة من قبل أشخاص ملثمين، استعملوا فيها الحجارة والأسلحة البيضاء، إضافة إلى قنابل غاز الفلفل. وتمكن حسن وزوجته من الفرار إلى منزل إحدى الجارات الإسبانيات التي وفرت لهما الحماية.
الشرطة الوطنية والحرس المدني كثّفا من حضورهما في أحياء المدينة، خاصة في منطقة "سان أنطونيو" التي تعرف تواجدًا كثيفًا للجالية المغربية، وسط مطالب بتهدئة الوضع وتفادي الانزلاق نحو مواجهة مجتمعية شاملة.
المثير في هذه الأحداث أن جزءا كبيرا من أبناء الجالية المغربية في المدينة وُلدوا ونشأوا في إسبانيا، ومع ذلك يواجهون اليوم تحديات تتعلق بالاندماج والهوية، وسط تزايد خطاب الكراهية العنصري، وتداول رسائل تهديد على منصات التواصل الاجتماعي.
من جهة أخرى، أعرب عدد من الشباب المغاربة عن إدانتهم للاعتداء الذي تعرّض له المواطن الإسباني، مؤكدين أنهم يرفضون أي شكل من أشكال العنف، كما طالبوا بعدم التعميم أو اتخاذهم شماعة لما قام به أفراد معزولون.
السلطات المحلية أكدت أنها تتابع الوضع عن كثب، وأن عددًا من المعتقلين أُحيلوا على العدالة في ارتباط بالاعتداءات المرتكبة، سواء ضد المواطن الإسباني أو ضد ممتلكات الأجانب. كما دعت إلى تفادي نشر الإشاعات التي تزيد من تأجيج الاحتقان، خاصة أن بعض الأخبار الزائفة ساهمت في تضخيم المواقف ودفع الشارع نحو التصعيد.
الجدير بالذكر أن مدينة تورّي باتشيكو تضم أكثر من 68 جنسية، ويُشكّل المهاجرون حوالي 30% من مجموع سكانها، ما يجعل منها نموذجًا مصغرا للتنوع الثقافي في إسبانيا، غير أن هذا التعايش يبدو اليوم مهددًا بتنامي خطابات العنف والرفض المتبادل.