تتواصل في الجديدة، فعاليات الدورة السادسة للأبواب المفتوحة للأمن الوطني، التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، في الفترة الممتدة من 17 إلى 21 ماي الجاري، وسط حضور كثيف للزوار من مختلف الأعمار والفئات.
فمع إعطاء الحفل الرسمي المنظم تخليدا لذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني إشارة بدء التظاهرة، سجلت انطلاقة قوية لهذا الحدث الوطني البارز في يومه الأول، إذ تقاطر أفواج بالآلاف على مركز المعارض محمد السادس، صباح أول أمس السبت، والذين توافدوا من مختلف مناطق المدينة وخارجها، للاطلاع عن قرب على مهام رجال ونساء الأمن، واكتشاف التجهيزات الحديثة والوسائل اللوجيستيكية التي تعتمدها المؤسسة الأمنية في أداء مهامها اليومية، سواء في محاربة الجريمة، أو في ضمان الأمن العام. المواطن يستكشف والشرطة تشرح منذ الساعات الأولى لفتح الأمن أبوابه في مركز المعارض محمد السادس، تحول الفضاء إلى خلية نحل نابضة بالحيوية والحركة.
مواطنون، أطفال، تلاميذ وطلبة، أسر، حجوا بكثافة لاكتشاف مختلف أروقة المعرض، والتفاعل المباشر مع الأطر الأمنية، وطرح الأسئلة حول المهام اليومية التي يقوم بها مختلف عناصر الشرطة، من شرطة المرور، إلى الشرطة العلمية والتقنية، مرورا بالفرق الخاصة ووحدات التدخل السريع. الفضول كان سيد اللحظة. عيون أطفال متطلعة بشغف إلى ما بداخل الممرات والأورقة، وشباب بهواتفهم يوثقون اللحظة، والآباء والأمهات ينصتون باهتمام لشرح رجال الأمن حول المعدات والتقنيات المستخدمة في مختلف المهام الأمنية.
كانت هذه أبرز المشاهد التي تطالع كل من يلج الفضاء، مجسدة مشهدا فريدا لتجربة تفاعلية متكاملة، جمعت بين المعرفة والتقدير، وبين القرب والثقة المتبادلة. رشيد (م)، كان من ضمن هذا الحشد الكبير للزوار. التقيناه قرب الرواق، حيث وضعت دورية "أمان"، وهو يتفحصها بتمعن، للتعرف على هذه السيارة الذكية التي جذبت الأضواء في التظاهرة.
لم يتردد في طرح الأسئلة التي شغلته عن ما يميز هذه السيارة، وطبيعة أحدث التجهيزات التكنولوجية المزودة بها.
فجاءته سريعا الإجابات التي يريدها، قبل أن يجدنا ننتظره ليجيبنا بدورنا ردا على فضولنا حول سر اختياره أن يكون من ضمن أوائل من يلجون أبواب الأمن المفتوحة في الجديدة. في حديثه مع "الصحراء المغربية" بدا مرتاحا للتجربة التي اختبرها. وعبر عن ذلك بالقول "بصراحة، كنت متشوقا لحضور هذه التظاهرة منذ الإعلان عن موعد تنظيمها. ما شاهدته فاق توقعاتي.
فالتنظيم محكم، والعروض ممتعة وغنية بالمعلومات، والأطر الأمنية كانوا في قمة التواضع والصبر في الشرح والإجابة على أسئلتي". وأضاف "هذه الأبواب المفتوحة جعلتني أشعر بأنني أقرب إلى هذه المؤسسة التي كنت أراها دائما من بعيد، والآن أراها بعيون أكثر اعتزازا وفخرا". تلاميذ في حضرة الأمن في هذا من فعاليات الأبواب المفتوحة كانت الملاحظة الأبرز ذلك الحماس الكبير الذي أبداه الأطفال والتلاميذ الذين توفدوا إلى مكان تنظيم التظاهرة عبر رحلات منظمة من طرف مؤسساتهم التعليمية. فمنذ الصباح الباكر، تقاطرت الحافلات المدرسية محملة بفئات عمرية مختلفة، وكلها تتقاسم نفس الفضول والرغبة في اكتشاف عالم الأمن الوطني من الداخل.
وقد جرى استقبالهم بحفاوة من طرف الأطر الأمنية، الذين حرصوا على مرافقتهم وتوجيههم عبر الأروقة المختلفة، وتقديم شروحات مبسطة ومشوقة تناسب أعمارهم ومداركهم، وذلك في وقت بدت على وجوههم ملامح الدهشة والانبهار، وكأنهم يدخلون عالما من الخيال تحول فجأة إلى واقع.
هذا المشهد ليس تفصيل عابر، بل له دلالته. فسابقا، لطاما ارتبطت صورة الشرطي في ذهن الأطفال بشخصية صارمة، أحيانا تستخدم لترهيبهم من خلال لازمة "إلى ما سمعتيش الهضرة نجيب لك البوليس". وتوافدهم الطوعي إلى فعالية الأمن الوطني، بحماسة وفضول، ما هو إلا دليل واضح على تحول عميق في العلاقة النفسية بين الناشئة ومؤسسة الأمن. إنه إعلان أكثر من واضح على أن المؤسسة الأمنية تنتمي إلى الناس، كما ينتمي الناس إليها، وهي موجودة لخدمتهم. وسط هذا المشهد، صادفنا بويميري فتيحة، مديرية تربوية ترافق إحدى الوفود المدرسية القادمة من الدار البيضاء.
بدت منشرحة وهي تتابع كيفية تفاعل التلاميذ مع هذه اللحظة. وعنها، قالت لـ "الصحراء المغربية"، "زيارة الأبواب المفتوحة تشكل امتداد تربوي مهم للمناهج التعليمية، وفرصة لغرس قيم المواطنة، والانضباط، واحترام القانون في نفوس الناشئة"، منوهة، في الوقت نفسه، بـ "صبر الأطر الأمنية في التعامل مع التلاميذ، وبأسلوب تواصلي مبسط ومشجع". وذكرت بأن ذلك "يساهم في ترسيخ تجربة إيجابية ستبقى موشومة في أذهان الناشئة، وتعزز من العلاقة بين المدرسة ومحيطها المؤسساتي"، مؤكدة أن "مثل هذه التظاهرات تترك أثرا عميقا لدى الأطفال". وأضافت "ما لمسناه اليوم في عيون التلاميذ من انبهار، وفي تفاعلهم مع الأطر الأمنية من أسئلة ونقاشات، يدل على تعطش كبير لهذا النوع من التعلم التشاركي، القائم على المعايشة والتجربة"، لتزيد موضحة "في المغرب نعيش تجربة ناضجة في تقريب المؤسسة الأمنية من المواطن، وهذه الأبواب المفتوحة هي أحد تعبيراتها الراقية". فخر واعتزاز هذه السنة اختارت المديرية العامة للأمن الوطني للدورة شعار "فخوون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد"، وذلك كتعبير منها على اعتزاز أسرة الأمن الوطني ببذل الغالي والنفيس في سبيل خدمة الأمة المغربية والعرش العلوي المجيد. وتهدف نسخة هذه السنة من أيام الأبواب المفتوحة مواصلة الرفع من جودة هذا الحدث التواصلي، الذي أضحى تمرينا سنويا تستعد له بجدية كافة مصالح الشرطة، من خلال بناء فضاء عرض مندمج، مجاني ومفتوح في وجه العموم، يقدم لوحة شاملة تعرف بمختلف المهن والتخصصات الشرطية، ضمن قالب يجمع بين متعة التعلم والترفيه والتواصل بين موظفات وموظفي الشرطة والمواطنات والمواطنين من مختلف الفئات العمرية.
تصوير: حسن سرادني