في ليلة استثنائية مضيئة بالحضور والدلالات، وقف عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، محاطا بكوكبة من المسؤولين والشخصيات الوطنية والدولية، من بينهم وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ورئيس الإنتربول أحمد ناصر الريسي، والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد كومان، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، عبد المجيد بن عبد الله البنيان.
كانوا ضيوفه في الحفل الرسمي لتخليد الذكرى الـ 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، والذي أقيم مساء أمس الجمعة في الجديدة، إيذانا بانطلاق الأبواب المفتوحة للمؤسسة الشرطية، التي تنظم فعالياتها في مركز المعارض محمد السادس بالمدينة، تحت شعار "فخورون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد"، وذلك خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 21 ماي 2025.
نسخة أكثر بريقا
لم تكن هذه اللحظة بروتوكوليه، ولم تمر كذلك. فالليلة شهدت احتفاء مبهرا بالمناسبة، جسد قمة الاحترافية في التنظيم والعروض، مجددة التأكيد على أن الأمن الوطني بلغ مستوى من التميز يصعب مجاراته، بعدما تفوق في إخراج كل دورة أكثر تميزا من سابقاتها، وقدم إشارات لاحت من مدخل الفضاء على القدرة على ابتكار نسخة أكثر بريقا.
وهكذا، وأمام أعين مشدودة إلى كل التفاصيل، انطلق الحفل وكأنه عرض سينمائي فريد، معلنا أن هذه الذكرى لن تمر مثل غيرها.
وتميزت البداية باستعراض مختلف التشكيلات والوحدات الأمنية والوسائل اللوجستيكية والعملياتية للأمن الوطني، قبل أن يفتح المجال للعميد الإقليمي، رضا اشبوح، لإلقاء كلمة للمديرية العامة بالمناسبة.
كانت في هذه الكلمة، شهادة على مسيرة التطور المتواصلة للأمن الوطني. فقد أشار رضا اشبوح فيها إلى أن تاريخ 16 ماي يشكل موعدا سنويا متجددا تستحضر فيه أسرة الأمن الوطني شذرات من تاريخ المملكة المغربية التليد، كما يعد مناسبة لـ"تقييم مخططات العمل، واستعراض ما تحقق من منجزات لخدمة الأمن الوطني والمواطنين، واستشراف ما يواجهنا من تحديات، وما نتطلع إليه من انتظارات".
وأضاف "ولأن هذه الذكرى هي جزء من تاريخنا الجماعي، الذي يتقاسمه المواطن وجهاز الأمن الوطني، فقد قطعنا العزم على أن يكون تخليد هذه الذكرى منطلقا للأبواب المفتوحة للأمن الوطني في ضمان التفاعل المباشر مع المواطنين، والتجاوب الفوري مع انتظاراتهم وتطلعاتهم من المرفق العام الشرطي".
وقال اشبوح إن النسخة الحالية لتظاهرة الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تتطلع لتعزيز مكتسبات الدورات السابقة، لاسيما توطيد آليات التواصل المؤسساتي وتدعيم الانفتاح المرفقي وتعزيز مؤشر الثقة بين المواطنين ومؤسستهم الأمنية.
وذكر أن هذه الدورة تروم تقييم مستويات الطلب العمومي على الأمن، من خلال استقراء انتظارات المواطنين بشكل مباشر وآني ومعرفة تطلعاتهم بغرض تجويد الخدمة الأمنية وبلورة مخططات عمل تستجيب لاحتياجات المواطنين والمواطنات.
تناغم بصري وجمالي
كما سبق وأشرنا إلى ذلك، الموعد شكل مناسبة للبصم على احترافية بجرعة، عكست تفوق البوليس على جميع المستويات. وتجسدت هذه السمفونية الإبداعية في تناغم بصري وجمالي، ميز اللوحات والفقرات التي قدمت.
وتابع الحضور عرضا لشريط فيديو حول تاريخ المديرية العامة للأمن الوطني، أعقبه استعراض الوسائل اللوجيستيكية والعملياتية التي تشهد على سنوات من العمل في خدمة أمن الوطن والمواطنين، منذ تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني.
لوحة استعراضية أخرى كانت في انتظار المدعوين وهي لكوكبة الدراجين وشرطة الخيالة. أتحفوا من خلالها بلوحات وتقاطعات هندسية تبرهن على براعة وكفاءة هذه التشكيلات.
مقر جديد لإدارة الأمن
في برنامج هذه الليلة الفريدة، حضرت كذلك زيارة افتراضية عن بعد إلى المقر الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني. ونقل فيها الضيوف من خلال شريط الذي قدم نبذة موجزة عن هذا المجمع الأمني المندمح، المصمم برؤية استشرافية تستجيب لمتطلبات العمل الأمني العصري، والذي سيشرع في الاشتغال به قريبا.
ويمتد هذا الصرح على أرض مسحتها 20 هكتارا في العاصمة الإدارية الرباط، وقد صمم بعناية ليوفر بيئة عمل مثالية. واستلهمت هندسته من التراث المغربي الأصيل، إذ يزين ممراته زليج تقليدي وكذا نقوش على الجبس والخشب وثريات نحاسية.
إثر ذلك، جرى تقديم لوحة استعراضية لتقنيات الدفاع الذاتي (المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني)، وعرض فيديو حول البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، ولوحة استعراضية لحملة السلاح وشرطة الخيالة.
كما عاش الحاضرون أيضا لحظات توثق الكفاءة العالية لرجال القوات الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في سبيل حماية الوطن. وهذا من خلال استعراض شريط تضمن مشاهد حيقيقية من عمليات الاقتحام والتدخلات الميدانية، التي أسفرت عن تفكيك "خلية الأشقاء" بحد السوالم، و"أسود الخلافة في المغرب الأقصى"، والتي أحبط مخططها التخريبي الإرهابي، بعد الإطاحة بأفراد وضبط محجوزات بعدة مدن.
وللمرة الثانية بعد دورة أكادير، كانت من أبرز لحظات هذه الليلة وأكثرها إمتاعا، تقديم عرض فني رائع بـ "الدرون"، والتي رسمت من خلالها لوحات غاية في الدقة والجمالية، زادت من جرعة إبهار المشاركين في الحفل.
وسام آخر للحموشي
في قمة هذه الأمسية المبهرة، وشح حموشي بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى والدرع الخاص به، من طرف الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد بن علي كومان، ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، عبد المجيد بن عبد الله البنيان.
وجاء ذلك تقديرا لمجهوده في تدعيم مسيرة العمل الأمني المشترك، وتعزيز الحضور العربي في المحافل الدولية بفضل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقد سلمت، بالمناسبة أيضا، أوسمة ملكية على عدد من موظفي الشرطة الموشحين.
الأمن يفتح الأبواب
دشن الحفل الأبواب المفتوحة للأمن الوطني في دورتها السادسة، وهي محطة تروم دعم انفتاح مؤسسة الأمن الوطني على محيطه
تصوير: حسن سرادني