المغرب ينتصر لـ"القفطان" ويُحصن تراثه من السطو

الصحراء المغربية
الأربعاء 16 أبريل 2025 - 16:08

يعيد المغرب بناء سياسته الثقافية على أسس صلبة، تراهن على الهوية كأصل استراتيجي، وتؤمن بأن الثقافة ليست ترفا، بل شرطا من شروط السيادة.

ووفق ذلك، أنقذت المملكة المغربية الزي التقليدي "القفطان" من محاولات السطو الثقافي، ونجحت في تسجيله ضمن قائمة التراث اللامادي لمنظمة "اليونيسكو"، بفضل ترافع منظمات المجتمع المدني ووزارة الثقافة والشباب والتواصل.

إذ أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بجلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية لمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، أن الوزارة تضع حماية وتثمين التراث المغربي، المادي وغير المادي، في صلب أولوياتها، وذلك تنزيلا للرؤية الملكية الشاملة التي تعتبر الهوية الوطنية بمثابة ركيزة استراتيجية لبناء مغرب متوازن ومتصالح مع تاريخه، مشيرا إلى أن "القفطان" المغربي كان في واجهة معركة ثقافية رمزية مع دولة الجزائر، التي حاولت نسبه لنفسها، قبل أن يُحسم الجدل لصالح المغرب، بفضل يقظة المجتمع المدني وتدخل الدولة في الوقت المناسب".

وقال بنسعيد "الحمد لله، وبقوة المجتمع المدني الحاضر دوما في هذه المجالات، تمكنا من حماية التاريخ المغربي وهويتنا الجماعية من محاولات السطو أو التشويه".

كما أكد الوزير أن هذا النوع من المعارك لا يُحسم فقط داخل أروقة منظمة "اليونيسكو" وعبر المنابر الثقافية أو السياسية، بل يتطلب أيضاً آليات قانونية دولية أخرى. لذلك، تعمل وزارة الشباب والثقافة والتواصل، حسب بنسعيد، على توسيع نطاق الحماية من خلال الانخراط في برامج المنظمة الدولية للملكية الفكرية، بهدف توفير الحماية القانونية اللازمة للرموز والعناصر التراثية المغربية، وحمايتها من القرصنة وضمان عدم استغلالها تجاريا أو نسبها إلى جهات أجنبية.

وإلى جانب حماية الزي التقليدي المغربي "القفطان"، أشار الوزير إلى أن المغرب نجح في تسجيل مجموعة من العناصر التراثية الأخرى ضمن قوائم "اليونيسكو"، في إطار تنفيذ التزاماته الدولية، مبرزا أن هذا التراكم في الاعتراف الدولي بالتراث المغربي هو نتاج عمل مشترك بين الدولة والمجتمع المدني والخبراء المغاربة في مجالات التراث، التاريخ، والفنون.

 

التحول الرقمي خيار استراتيجي لتوسيع قاعدة الاستفادة من الثقافة المغربية

وبخصوص التحول الرقمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، كشف بنسعيد أن الوزارة منخرطة في مسار التحول الرقمي للقطاع الثقافي، كخيار استراتيجي يهدف إلى توسيع قاعدة الاستفادة من الثقافة المغربية، خصوصاً في صفوف الشباب.

ومن بين الإجراءات المعتمدة في هذا السياق، أشار بنسعيد إلى رقمنة مسطرة الدعم المخصص للمشاريع الثقافية والفنية المقدمة من طرف الجمعيات، وإحداث مسطرة رقمية للحصول على "بطاقة الفنان"، إلى جانب إطلاق منصة رقمية للتسجيل في المعاهد الموسيقية، إضافة إلى إطلاق برنامج جديد للتعليم عن بعد في المجال الموسيقي، "يُمكّن فئات واسعة من الاستفادة من التكوين الفني دون قيود جغرافية، وذلك في إطار تفعيل مبدأ الحقوق الثقافية للجميع، الذي يُعد أحد أسس العدالة الثقافية المنشودة"، يقول بنسعيد.

وفي ما يخص تثمين الموروث الثقافي وتسهيل الولوج إليه، أعلن الوزير عن رقمنة تذاكر المواقع الأثرية، وإحداث مكتبة افتراضية تتيح متابعة الأحداث الثقافية الكبرى، إلى جانب التعريف بالموروث الثقافي المغربي في بعديه التاريخي والرمزي، مبرزا تعزيز الوزارة لمجهوداتها في مجال حماية التراث بإطلاق أول نظام معلوماتي جغرافي خاص بالتراث المادي وغير المادي، يضم أكثر من 150 مبنى وموقعاً أثرياً عبر التراب الوطني، مع إتاحة الخرائط الأثرية المغربية أمام الباحثين والمهتمين، في خطوة تكنولوجية غير مسبوقة تهدف إلى توثيق وتثمين الذاكرة الجماعية المغربية.




تابعونا على فيسبوك