تحتضن مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة مابين 21 مارس الجاري، و15 أبريل المقبل، فعاليات الدورة الثالثة عشرة لفعاليات "زهرية مراكش..موسم تقطير ماء الزهر"، احتفاء بقدوم فصل الربيع، وبتقاليد تقطير ماء الزهر وطقوسها المغربية العريقة، وهي طقوس حضارية ضاربة في جذور تاريخ المدينة الحمراء، وتكرس مراكش عاصمة تقطير ماء الزهر في المغرب الكبير.
وذكر بلاغ للمنظمين، أن دورة هذه السنة من تظاهرة "زهرية مراكش"، التي تنظمها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، تحت شعار "الزهر اللّي ترجى تلقاه فمراكش البهجه"، بشراكة مع العديد من الشركاء، بينهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وزارة الشباب و الثقافة و التواصل، ولاية جهة مراكش ـ آسفي، وجماعة مراكش، والعديد من الجمعيات والمراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية، تروم الحفاظ على هذا التقليد العريق، وتمكين الجمهور من اكتشاف تقنيات تقطير زهر النارنج.
وحسب المصدر نفسه، فإن مراسم تقطير ماء الزهر جرى تسجيلها ضمن قائمة التراث الثقافي الوطني، في يوليوز 2022، و لدى منظمة العالم الإسلامي للتربية و العلوم و الثقافة "إيسيسكو" كتراث ثقافي للعالم الإسلامي، وذلك باقتراح من جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته.
وسطر منظمو الدورة ال13 من هذه التظاهرة الثقافية، برنامجا غنيا ومتنوعا، يمتد على مدى 25 يوما، يتضمن تنظيم دورة تكوينية لفائدة المتعلمين والمتعلمات حول كيفيات تقطير ماء الزهر، وذلك بمقر جمعية منية مراكش بالجبل الأخضر، وكذا مراسم تقطير ماء الزهر في العديد من الفضاءات والمراكز الثقافية بالمدينة الحمراء.
وسيكون جمهور هذه التظاهرة، التي ستحتضنها فضاءات تاريخية بالمدينة الحمراء، على موعد مع جلسة في فن الحكاية الذي يصنف في خانة الثقافة الشفهية والشعبية، بالإضافة إلى وصلات موسيقية في الطرب الأندلسي تحت إشراف الفنان محمد باجدوب، وعروض في ألوان موسيقية عريقة، مثل الملحون والدقة المراكشية.
وأشار المصدر، إلى أن "تقطير الزهر، عبارة عن مجموع مراسم تقطير ماء الزهر احتفالا بقدوم فصل الربيع، في الأوساط الأسرية لأهل مراكش، وهي طقوس حضارية نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة، تتعهدها ربة البيت وتلقنها لبنتها، بعدما أخذتها عن الجدة".
وتقبل نساء مراكش على عملية التقطير، سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية، إبان ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار. وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا أو يزيد، ويظهر في أوجه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس، ويجري اقتناء زهر النارنج (الزنبوع) عادة من سوق العطارين بعد أن يقطفها الغراسون من البساتين.
ويهتم، اليوم، بهذا العنصر، إضافة إلى الوسط النسوي، الذي تعاهده وتحافظ عليه منذ قرون، أوساط حديثة من جامعيين وخبراء وباحثين وصيادلة وعطوريين وتجار وغيرهم.
وأوضح مولاي جعفر الكنسوسي رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، في ورقة تقديمية لهذا الحدث الثقافي، أن جمعيته طورت هندسة ثقافية مبتكرة تحول هذا الاحتفال العائلي والخاص إلى حدث ثقافي واحتفالي كبير يعزز من شأن المدينة الحمراء، مؤكدا أن الهدف من ذلك هو إقامة موسمية في مراكش اقتبالا لفصل الربيع.
وأشار الكنسوسي، إلى أن حفل الزهرية هو مناسبة مواتية تجود بقدرة هائلة على إعادة خلق الصلات الاجتماعية بين الناس داخل الأسرة الواحدة في المجتمع وبين الآخرين، مبرزا أن من شأن موسم "زهرية مراكش" أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة بالمملكة، ويسهم في إشعاع المدينة الحمراء ثقافيا و يعززها اقتصاديا وسياحيا، محليا وعالميا.