انطلقت، اليوم الخميس بالمركز الثقافي "نجوم جامع الفنا" بمدينة مراكش، فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان الكتاب الأفريقي، بمحاضرة افتتاحية تحت عنوان "النساء اللواتي يتحدثن معي"، قدمتها الشاعرة وأستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية الموريشيوسية ناندا ديفي (1957)، تضمنت شهادة حول تجربتها ومؤلفاتها التي ترجم بعضها إلى العربية من قبيل روايتي "غطاء دروبادي" و"حواء تخرج من أنقاضها" والمجموعة القصصية "السفير الحزين".
وتميز اليوم الأول من هذه التظاهرة الثقافية، التي تنظمها جمعية "نحن فن إفريقيا"، الى غاية الثاني من فبراير المقبل، بتنظيم ندوة نقاشية بالمركز الثقافي الفرنسي بعنوان "عندما يعيد الخيال الأنثوي رسم العالم"، خصصت للقصة والخيال الأنثوي في السلطة، والإجابة على الطريقة التي نجحت بها قصص النساء اليوم في خلق خيال مختلف، بما في ذلك إعادة النظر في القواعد المعمول بها في الحياة الجماعية للمجتمعات.
وفي هذا الإطار، أوضحت نجاة فالود بلقاسم سياسية فرنسية من أصل مغربي، أن النساء تعرضن لفترة طويلة للإقصاء من السلطة السياسية وبالتالي لم يتمكن من المساهمة في تشكيل هذه الرواية الجماعية، مؤكدة على ضرورة العمل على جعل أصوات النساء مسموعة أكثر للاستجابة للتحديات الرئيسية في عصرنا.
من جانبها، دعت الروائية وأستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية الموريشيوسية ناندا ديفي، السياسيين إلى الاهتمام أكتر بالنساء، مؤكدة أن الأشخاص في نهاية المطاف يتأثرون بالنساء والضعفاء والآخرين والغرباء كما قالوا عن الأساليب.
بدورها، أوضحت الصحفية فاطمتا ساكنا، التي أدارت هذه الندوة، أن فكرة المهرجان تقوم على حقيقة بسيطة لكنها ملفتة للنظر، وهي أن الأعمال الأدبية لا يتم تداولها بشكل ملائم، كما أن التبادلات بين الأدباء غالبا ما تظل محصورة ضمن المناطق والانتماءات الجغرافية.
وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن المغاربة يتعرفون بشكل أساسي على المؤلفين المغاربة والمغاربيين، في حين أن الأفارقة من منطقة جنوب الصحراء الكبرى يتعرفون بشكل
أساسي على كتاب من منطقتهم"، مضيفة أنه في مواجهة هذا الواقع، قرر المنظمون التحرك، والدعوة إلى تبني رؤية أكثر شمولية واندماجا للثقافة الإفريقية.
وتتميز الدورة الثالثة من مهرجان مراكش للكتاب الافريقي بمشاركة حوالي خمسين كاتبا وفنانا يمثلون أكثر من عشرين بلدا، بهدف تعزيز الاهتمام بالأدب والثقافات الأفريقية وتسليط الضوء على الأصوات الإبداعية التي تعبّر عن قضايا القارة وتاريخها وتطلعات شعوبها، بحسب تصريحات يونس أجراي، المشرف العام على المهرجان.
وتركز هذه الدورة بشكل خاص على أصوات النساء، بهدف إيصال صوت المرأة بطريقة مختلفة، وأكثر قوة، وإلى مدى أبعد، وتتوزع فعاليات هذه التظاهرة الثقافية بين موائد مستديرة ولقاءات نقاشية حول قضايا المرأة في الإبداع الأدبي والفني، إلى جانب الاحتفاء بمرور مائة عام على ولادة المفكر المارتينيكي فرانز فانون (1921-1962)، الذي يعد أحد أبرز رموز حركة التحرر من الاستعمار، بالإضافة إلى فعاليات السينما والموسيقى والعروض الحية.
وتروم هذه التظاهرة الثقافية، الاحتفاء بالأدب والثقافة الإفريقيين، حيث بإمكان الجمهور من مختلف الأعمار المشاركة في فعاليات المهرجان والولوج بالمجان إلى جميع المواقع المحتضنة لأنشطته، من أجل تقريب الثقافة والفن من المشاركين.
ويهدف المهرجان، الذي أسسه كل من الكاتب والفنان التشكيلي ماحي بينبين، والفاعل الثقافي يونس أجراي، والأستاذة الجامعية حنان الصايدي، والصحفية فاطماتا ساكنا، إلى المساهمة في الإشعاع الثقافي والفني لافريقيا مع تسليط الضوء على ثراء آدابها وفنونها، وتشجيع الثقافة والكتابة ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الفن.
وتتخلل هذه التظاهرة، التي تتيح للكتاب والجمهور الفرصة للالتقاء في أشكال ولقاءات يومية مختلفة، مقاهي أدبية، ومناقشات وقراءات وتوقيعات كتب وعروض أفلام وأمسيات، إلى جانب معرض للفنانة الهايتية ماري دينيس دويون، وأعمال للفنانة التشكيلية المغربية نجية مهادجي لرسم ملصق دورة 2025 للمهرجان.
يذكر أن "مهرجان الكتاب الأفريقي" تأسس في مراكش بمبادرة من جمعية "نحن فن إفريقيا" التي تهدف إلى إبراز التنوع الثقافي والفني الذي تزخر به القارة الأفريقية، وتسليط الضوء على مساهمة الثقافة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.