من المرتقب أن تصل من البرازيل والأوروغواي البواخر المحملة بالأبقار المخصصة للذبح في غضون 10 أيام "ما سيسهم في وقف مسلسل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء".
وما فتئ الخط البياني لأسعار اللحوم الحمراء يتجه نحو الارتفاع في الآونة الأخيرة، وبحسب عدد من مهنيي قطاع اللحوم الحمراء فإن الظرفية الحالية التي يعيش على إيقاعها هذا الأخير تسير بأثمنة اللحوم نحو تجاوز سقف المائة درهم قريبا، ويرى آخرون، أيضا، أن شهر رمضان وعيد الأضحى سيشهدان ارتفاعات غير مسبوقة.
وأعلن محمد كريمين، رئيس الفدرالية البيمهنية للحوم الحمراء في تصريح لـ "الصحراء المغربية" أن وقف وتيرة ارتفاع هذه الأسعار سيبدأ بعد حوالي عشرة أيام، وقال "سيتوصل مهنيو القطاع بحمولة البواخر القادمة من البرازيل والأوروغواي من الأبقار الموجهة للذبيحة، وهذا أمر جيد، سيمكن من ضمان بعض التوازن".
واعتبر المتحدث أن الإجراءات الحكومية المتمثلة في قانون مالية 2023، التي نصت على تخفيض التعريفة الجمركية بالنسبة لسقف حدد في 200 ألف رأس من الأبقار الموجهة للذبيحة، أي ما يعادل 25 في المائة من حجم المواشي المعدة للحصول على اللحوم الحمراء بالمغرب سنويا، كان مفعولها ضعيفا لأن الأسواق التقليدية التي يتم الاستيراد منها تعاني عجزا كبيرا على مستوى العرض.
وبخصوص أسباب الارتفاعات المسجلة حاليا، صرح كريمين أنها تعود أساسا إلى ارتفاع ثمن تركيبة الأعلاف التي تمثل 80 في المائة من كلفة اللحوم الحمراء، وقال "إن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية نجم عنها تطور أسعار الأعلاف المستوردة بنسب تتراوح بين 100 و150 في المائة".
وأوضح في هذا السياق أن سعر الشعير، على سبيل المثال، قفز من 2.8 درهم إلى 6 دراهم، والأمر ذاته بالنسبة للصوجا والذرة وغيرهما من المواد الواردة في تركيبة الأعلاف.
وعزا بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك في تصريح لـ "الصحراء المغربية"، هذه الموجة من الغلاء إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بـ 40 في المائة، والنقل بـ 100 في المائة، وهو ما أثر على تربية المواشي وإنتاج الحليب واللحوم الحمراء.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ "الصحراء المغربية" أن من بين أسباب هذا الارتفاع هناك، تقلص العرض في المجازر العصرية والحضرية، بـ 5 في المائة نتيجة منع ذبح الأبقار الحلوب، و9 في المائة بسبب الاستعداد لرمضان، و36 في المائة بالنظر إلى الاستعداد لعيد الأضحى، حيث أفاد أن مربي المواشي يفضلون في هذه الظرفية الاحتفاظ بقطيعهم في انتظار افتتاح أسواق عيد الأضحى، وأكد الخراطي أن مجموع هذا النقص في العرض يبلغ حاليا 50 في المائة من حجم ما تشهده الأسواق في الظروف العادية.
وأوضحت تقديرات رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك أن معدلات الإنتاج تراجعت بـ 24 في المائة، في حين ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء جراء ذلك بزائد 40 في المائة.
وأكد طارق البخثي، أستاذ جامعي ورئيس المنتدى المغربي للمستهلك في تصريح لـ "الصحراء المغربية"، أن الارتفاعات التي تعرفها أسعار اللحوم بالتقسيط تعتبر مفاجئة وغير مبررة ودون سابق إنذار، متسائلا عم إذا كان الأمر يعود إلى أسعار المحروقات أو ثمن المواد البيطرية المستوردة.
وقال البخثي إن كل المؤشرات تبرز "أن المغرب يتوفر على الاكتفاء الذاتي في مجال اللحوم الحمراء، كما أن الموسم الفلاحي الجاري سيكون ناجحا بسبب التساقطات المطرية وبلوغ نسبة ملء حقينة السدود أزيد من 58 في المائة قبل التساقطات المطرية الأخيرة وتهاطل الثلوج"، واعتبر أن الغطاء النباتي في وضعه الحالي قادر على تلبية احتياجات الرعي والاستجابة لحاجيات الكلأ.
وأضاف أنه حتى إذا تم تعليل هذه الزيادات بموجة البرد الحالية، فإن الأمر لن يرتبط بالماشية بقدر ما سيرتبط بالدواجن.
وعقب إشارته إلى تأثير هذه المضاربات على القدرة الشرائية للمواطنين، أبرز البخثي أن هذه الارتفاعات ستساهم في استفحال الذبيحة السرية وتبعاتها الصحية على المواطنين وجيوبهم.
جمال فرحان، الكاتب العام لقطاع نقل اللحوم الحمراء بالدارالبيضاء، أكد لـ "الصحراء المغربية" أن أسواق اللحوم الحمراء تشهد بالفعل اضطرابا على مستوى التسعير، مفيدا أن أثمنة اللحوم الحمراء بالجملة تنطلق بداية من 85 درهما، وهي مرشحة لتخطي هذا السقف، رغم تراجع الاستهلاك حسب ما يلاحظه المهنيون.
ودعا فرحان إلى ضرورة تدخل مجلس المدينة من خلال الإعفاء المؤقت لرسوم الذبح، وتقليص رسوم تعقيم شاحنات نقل اللحوم الحمراء التي يعاني أصحابها من ارتفاع أسعار المحروقات وحجم المصاريف القارة المتعلقة بالتأمين والضرائب ومستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وكان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أكد أنه تم توفير مجموعة من الإمكانيات القانونية للمستوردين لتسهيل تموين السوق الوطنية باللحوم الحمراء، موضحا أنه تم إلغاء شرط الوزن بشكل نهائي، بغية تمكين المستوردين من توفير الحيوانات الموجهة للذبح بمختلف الأوزان لتزويد السوق الوطنية بشكل سريع.
كما صادق مجلس الحكومة المنعقد أخيرا على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار الأليفة، لضمان تموين عاد للسوق المحلية من لحوم الأبقار، وذلك بسبب الجفاف الذي عرفته المملكة، وارتفاع أسعار أعلاف الماشية إثر ارتفاع الأسعار العالمية، وكذا الزيادة في تكاليف إنتاج اللحوم الحمراء، مما أدى إلى خفض العرض من الحيوانات المخصصة للذبح.
وسجل الوزير في هذا الصدد، أن هذا المرسوم يروم تجاوز العائق المتعلق بتحديد وزن الأبقار في 550 كلغ، موضحا أن إيجاد حيوانات بهذا الحجم طرح صعوبات أمام مختلف الموردين خاصة داخل مجموعة من الأسواق والدول البعيدة عن الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر الفضاء الأول الذي يقبل عليه المستوردون.
وتابع أن الحكومة تعمل على توفير مجموعة من الميكانيزمات الأخرى التي سيتم الإعلان عنها خلال الايام القليلة المقبلة، والتي تروم تشجيع استيراد هذه المواد. كما يروم هذا المرسوم، يضيف بايتاس، فتح المجال لجميع المستوردين لتوفير هذه الحيوانات بمختلف الأوزان إلى جانب تمكينهم من الولوج إلى أسواق أخرى معروفة بتوفرها على أوزان كبيرة، وهي التي سيتم توجيهها مباشرة للذبح لتغطية الاحتياجات المطروحة في السوق الوطنية.