قاصرون يبيعون "قنابل" عاشوراء المحظورة ويثيرون استياء التجار والزبناء

الصحراء المغربية
السبت 06 غشت 2022 - 11:26

في زنقة ستراسبورغ بالقرب من قيسارية الزيتونة بدرب عمر في الدارالبيضاء توقفت إحدى العربات المجرورة محملة بأكياس بلاستيكية ضخمة سوداء اللون، تخفي بداخلها مفرقعات وألعاب نارية تعددت أشكالها واختلفت ألوانها، تجمهر حولها تجار خاصون، قادمون من أحياء هامشية لغزو سوق الجملة المشهور على الصعيد الوطني، وإغراقه بالسلع المهربة من المتفجرات والشهب الاصطناعية تزامنا مع اقتراب احتفالات ذكرى عاشوراء.

وعاينت "الصحراء المغربية" مجموعة من الأطفال والقاصرين يخرجون تباعا من الزقاق المذكور محملين بأكياس وعلب كرتونية تحوي ما جادت به العربة المجرورة من متفجرات وألعاب نارية دخلت درب عمر بطرق ملتوية وفي تحد سافر للسلطات الأمنية التي تقود حملات لمصادرة هذا النوع من السلع المهربة، ومنع ترويجها بالشوارع التجارية لدار البيضاء لما تسببه من أضرار بالغة على سلامة المواطنين وما تثيره من إزعاج للتجار المحليين.
يقول أحد الباعة المتجولين، وهو طفل في الثانية عشرة من عمره، إنه اعتاد على ممارسة بيع المفرقعات أو ما يصطلح عليه محليا بـ"القنبول" خلال موسم الاحتفالات بذكرى عاشوراء، لتوفير المال وابتياع ما يحتاجه من ملابس وأشياء أخرى، مشيرا إلى أنه يربح من بيع الشهب الاصطناعية من نوع "كرينادا" و"الصاروخ" والنجوم" ما بين 60 و100 درهم في اليوم، وأغلب زبائنه من المراهقين والشباب الباحثين عن المفرقعات بهدف التسلية واللهو، غير مكترثين بالعواقب التي يمكن أن تنجم عن هذا النوع من الألعاب.
وقبل أن يكمل حديثه لـ"الصحراء المغربية" قاطعه زميل له في "الحرفة"، يكبره سنا وتنبعث منه رائحة مخدر قوية، وتظهر على يديه غرز لجروح لم تلتئم بعد، يحمل بعضا من المفرقعات من نوع "الثومة" و"النحلة" التي تتراوح أسعارها ما بين 15 و30 درهما للعلبة الواحدة من 12 وحدة، وصرح أن مموني السوق التجاري بهذه المواد يستغلون الأطفال للترويج لسلعهم الممنوعة مخافة الوقوع بين يدي الأمن مقابل دريهمات معدودة كهامش ربح، مضيفا أن الفقر والعوز جعلاه يقبل على هذه التجارة الخطرة التي قد تودي به إلى السجن، رافضا الإفصاح عن هوية الأشخاص الذين يعمل لصالحهم.

ولاحظت "الصحراء المغربية" أن غالبية الأطفال والقاصرين الذين يتاجرون في المفرقعات والشهب النارية بدرب عمر من أوساط اجتماعية هشة، كما يبدو على بعضهم حالة التشرد والضياع، ينتشرون في الشارع الرئيسي للدرب المذكور ويعرضون سلعهم بإلحاح على رواد سوق الجملة، وما إن يقتنص أحدهم زبونا مفترضا حتى يلتف حوله العشرات منهم لاستمالته حتى يشتري المزيد من "القنابل"، وأحيانا يتشاجرون فيما بينهم وتعلو أصواتهم بالكلام النابي مما يثير قلق الزبون ويحاول إنهاء الصفقة وشراء المفرقعات من لدن أشدهم بأسا، ليغادر المكان بسرعة حفاظا على سلامته.
وفي هذا الصدد، أعرب مجموعة من أرباب المحلات التجارية المخصصة لبيع ألعاب الأطفال والأواني المنزلية والأثواب بدرب عمر، في تصريحات متفرقة لـ"الصحراء المغربية"، عن امتعاضهم من التسيب والفوضى اللذين يحدثهما تجار المفرقعات خلال هذه الفترة من السنة حيث تشهد رواجا منقطع النظير، في الوقت الذي تراجعت مبيعاتهم بسبب "احتلال" السوق المذكور من قبل الصينيين المصدر الرئيسي لهذه السلع المهربة، وفقا لتعبيرهم.
وأكدوا في تصريحاتهم أن سلسلة البيع التي تمر منها هذه التجارة المشبوهة، يقف وراءها أشخاص معروفون بالمنطقة تم القبض على بعضهم مرارا وتكرارا، وحكم عليهم بالسجن بعدما تمت متابعتهم بتهم التجارة في المواد الممنوعة، غير أن العقوبة الحبسية لم تكن رادعا لهم حيث بمجرد معانقتهم للحرية يعودون إلى استقطاب الأطفال والقاصرين حتى يشتروا منهم المفرقعات ويعيدون بيعها للمواطنين، مطالبين في هذا الصدد بتكثيف الحملات الأمنية لمواجهة تشديد العقوبات وتخليص السوق من أصحاب السوابق العدلية الذين يعيثون فيه فسادا ويخربون تجارتهم.
وفي الوقت الذي يشكو فيه أصحاب المحلات التجارية من عبث تجار "قنابل عاشوراء"، مازالت عناصر الشرطة بالدار البيضاء، تواصل حملاتها الأمنية التي تستهدف نقاط بيع هذه المواد المحظورة، حيث تمكنت، الأربعاء الماضي، من إجهاض عملية ترويج 7.593 وحدة من المفرقعات والشهب النارية، وألقت القبض على شخص يبلغ من العمر 37 عاما بقرية الجماعة، يشتبه في تورطه في حيازة وترويج هذه المواد الممنوعة والمهربة.

 

أسماء إزواون




تابعونا على فيسبوك