أعلن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء، أنه جرى تهيئ مشروع قانون خاص بالعقوبات البديلة، وإحالته على الأمانة العامة للحكومة، ويجمع الأحكام القانونية الموضوعية والإجرائية معا إلى جانب الأحكام التنظيمية.
وأضاف وزير العدل في كلمته خلال الندوة العلمية حول موضوع "بدائل العقوبات والتدابير السالبة للحرية"، أن مشروع القانون أجرت إحالته إلى جانب الأمانة العامة للحكومة، على المجلس الوطني لحقوق الانسان وكافة المؤسسات الحكومية والقضائية والأمنية والهيئات المعنية، بهدف التدارس وإبداء الرأي بشأنه.
وأوضح الوزير أن المشروع نص، من جهة، على خيارات متعددة للعقوبات البديلة ما بين العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية والغرامة اليومية وتدابير علاجية وتأهيلية أخرى لتقييد ممارسة بعض الحقوق بما يتماشى وخصوصية المجتمع المغربي، وذلك وفق ضوابط قانونية محددة تراعى من جهة السلطة التقديرية للقاضي في اعتمادها والإشراف على تنفيذها باستثناء بعض الجنح الخطيرة.
ومن جهة ثانية، أبرز الوزير أن المشروع ينص على وضع آليات للتتبع ومواكبة تنفيذها مركزيا، وذلك من خلال الوكالة التي ستحدث لتدبير الممتلكات المحجوزة والمصادرة التي ستتولى التنسيق لإعداد برامج العمل وتذليل الصعوبات وتوفير الوسائل المادية اللازمة، ومحليا عبر لجان محلية يرأسها قاضي تطبيق العقوبات بعضوية كافة الجهات المعنية.
ولضمان نجاح هذا المشروع، أكد وهبي أن وزارة العدل سارعت إلى تشكيل لجنة تقنية من القطاعات المعنية تتولى استقبال الشركات الدولية التي تشتغل في مجال المراقبة الإلكترونية للوقوف على كافة العروض المقدمة لتدبير السوار الإلكتروني في حالة اعتماده قانونيا.
وأضاف المسؤول الحكومي أن ذلك فتح المجال للوقوف على العديد من الأمور والمعطيات حول الموضوع خاصة على مستوى التجارب المقارنة، قائلا "الأمر الذي سيسهل علينا تدبيره من الناحية العملية".
وأشار الوزير إلى أن تنزيل السوار الإلكتروني يحتاج إلى توفير الدعم المالي اللازم قائلا "وهو ما نسهر على توفيره مع شركائنا الدوليين والوطنيين نظرا لتكلفته المرتفعة وفي انتظار اعتماده أيضا في مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية كبديل للاعتقال الاحتياطي أو كتدبير للحماية وفي بعض القضايا كشغب الملاعب والعنف ضد المرأة أو كآلية وقائية أثناء تنفيذ بعض التدابير التحفيزية كالإفراج المقيد بشروط".
وأكد الوزير في معرض كلمته خلال اللقاء العلمي المنظم من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، بالرباط، من 28 إلى 30 يونيو الجاري، أن "الاقتناع أصبح راسخا منذ ما يقارب عقدين من الزمن من خلال التشخيصات التي أجريت على منظومة العدالة ببلادنا في مناسبات متعددة أن الوضع العقابي القائم أصبح بحاجة ماسة لاعتماد نظام العقوبات البديلة، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى الساكنة السجنية".
وعرج، في هذا الصدد، على الاحصائيات المسجلة سنة 202، التي كشفت أن ما يفوق 40 في المائة من السجناء محكومين بمدة تقل عن سنتين، حيث شكلت العقوبات الصادرة بسنتين وأقل نسبة 44,97 في المائة، قائلا "وهو ما يؤثر سلبا على الوضعية داخل المؤسسات السجنية ويحد من المجهودات والتدابير المتخذة من طرف الادارة العقابية في تنفيذ برامج الإدماج وإعادة التأهيل وترشيد تكلفة الايواء، لاسيما أن الممارسات أبانت عن قصور العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة في تحقيق الردع المطلوب والحد من حالات العود إلى الجريمة".
وشدد وهبي على أن مشروع قانون العقوبات البديلة أصبح يشكل بالنسبة للوزارة رهانا أساسيا حرصت على تسريع وثيرة تنزيله على أرض الواقع باهتمام بالغ وذلك من خلال البحث عن المقاربة والشروط الكفيلة لضمان نجاحه بتشاور مع كافة الجهات المعنية.
يذكر أن الندوة يشارك فيها إلى جانب 100 مشارك من السلك القضائي المغربي ومن القطاعات المعنية بحقل العدالة، 40 مشاركا ينتمون إلى دول عربية "السعودية، الأردن، السودان، تونس، مصر، البحرين، الكويت، عُّمان وفلسطين".
وترمي هذه الندوة العلمية، التي يقوم بتأطيرها خبراء مغاربة وعرب وأوربيين، إلى تعزيز قدرات القضاة العاملين في قضاء التحقيق وقضاء الأحداث والنيابة العامة، حول الممارسة الفضلى في مجال بدائل العقوبات السالبة للحرية، لأجل التخفيف من حالات الاعتقال الاحتياطي في صفوف الرشداء والأحداث، وتطوير أداء منظومة العدالة الجنائية الوطنية.