استضاف اللقاء السادس من «نادي الكتاب»، الذي تنظمه مجموعة «لوماتان»، الكاتبة السورية ديما دروبي، لتقديم روايتها الجديدة Les éveillées de Cordoue، «متنورات قرطبة».
انطلق اللقاء السادس من لقاءات المؤسسة الإعلامية، بكلمة للمحاور علي السرحاني، عبر من خلالها عن سعادته الغامرة وهو في رحاب نادي الكتاب، وسعادته بتنشيط هذا الحدث الفني والأدبي الذي وصفه بالمبادرة الاستثنائية والرائعة. وكشف السرحاني عن عوالم ديمة دروبي، وعن إصدارها الجديد «متنورات قرطبة»، الذي تتمحور أحداثه حول ولادة بنت المستكفي، مشيرا إلى أنه رأى بعد سنوات من صدور باكورة أعمالها «سلطانة القاهرة»، عن الملكة المصرية «شجرة الدر».
وقال السرحاني إن دروبي ساهمت بأسلوبها السهل الممتنع في التعريف بشخصيات نساء عربيات ساهمن في صناعة التاريخ، معترفا بأنه مدين للكاتبة في التعرف على شخصية ولادة، التي كان يعتقد بأنها من نساء العصر الجاهلي. من جانبها ذكرت الروائية السورية ديما دروبي، التي اختارت المغرب وتحديدا مدينة الدارالبيضاء ملاذا لها، أن ترجمة عنوان روايتها الجديدة Les éveillées de Cordoue، باللغة العربية يعني «نساء المتنورات»، اللواتي عشن في أندلس القرن 11 الميلادي.
وأوضحت أن «النساء المتنورات» رواية مشوقة، شخصيتها الرئيسية الأميرة والشاعرة الأندلسية ولادة بنت المستكفي، وقصة حبها مع الشاعر الأندلسي ابن زيدون، مشيرة إلى أن ولادة كتب عنها الكثيرون لأنها سيدة أثارت الكثير من الجدل للنهج الذي اختارت في طريقة عيشها الحرة.
وأوضحت دروبي أن روايتها ليست تاريخية بالمعنى الأكاديمي، بل متخيلة تعتمد على وقائع تاريخية تناولتها بأسلوب تشويقي، بوليسي، تكشف من خلاله كيف كان وضع قرطبة في ذلك الوقت والصراع بينها وبين إشبيلية، وكذلك وضع المرأة وتطلعاتها.
وأكدت دروبي أنها تحب تناول مواضيعها بطريقة تشويقية، رومانسية، لأن التاريخ يمكن أن يكون رحلة ممتعة وليس فقط تواريخ.
وعن اختيارها الحديث عن شخصيات نسائية تاريخية في رواياتها، قالت دروبي «أشعر بحرقة لأننا لا نتحدث عن النساء اللواتي عشن قبلنا، وجاهدن في مجتمعهن وحاولن أن يبنين لهن كيانا، بل وأثرت بعضهن في الحكم إلى جانب الرجال. لهذا يلزمنا الحديث عن حضور هؤلاء السيدات». ولم تخف دروبي تأثرها بعالمة الاجتماع المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، التي دعت الكاتبات النساء إلى تسليط الضوء على الشخصيات النسائية التاريخية وإنصافها، لأن المرأة هي المعنية بالكتابة عن سالفاتها.
وفي حديثها عن أول رواية لها، قالت ديما دروبي «روايتي الأولى تتحدث عن «شجرة الدر» التي عاشت في القرن 13 الميلادي في مصر في عهد المماليك، وحياتها كانت عبارة عن رواية مليئة بالتشويق والحب والحروب». وبخصوص خيارها الكتابة بلغة موليير، قالت دروبي «يمكن اعتبار الرواية ردا على الصورة السلبية للمرأة العربية السائدة في الأوساط الغربية، وتابعت «أريدهم أيضا أن يعرفوا أنه توجد، في التاريخ العربي الإسلامي، نساءٌ مثل شجرة الدر، التي حاربت مع مماليكها الملك الفرنسي المشهور جدا سان لويس وهزمت جيشه وفرسان المعبد وأخذته رهينة وفاوضت لإطلاق سراحه مقابل فدية. عندما نقرأ كتبا فرنسية عن تلك الفترة لا نجد ذكرا لشجرة الدر أو فقط بشكل عابر جدا».
وخلصت إلى أنها تدعو القراء الفرنسيين والفرنكوفونيين بأن يروا سيدات من التاريخ العربي الإسلامي من وجهة نظر شرقية. فهناك إعادة إحياء عصر تمثله شخصية ولادة والبطلات اللواتي يدرسن في صالونها وهن من يكتشفنَ الدسائس بين قرطبة وإشبيلية. إنها قصة تاريخية، ويمكن أن تدور مجرياتها في أي مدينة في العالم.
يشار إلى أن ديمة دروبي ولدت في بيروت، وعاشت في دمشق حيث نالت شهادة جامعية في الصيدلة، ثم انتقلت إلى باريس لتنال شهادة MBA من معهد ENPC. تقيم حاليا بين باريس والدار البيضاء، مكرسة وقتها للقراءة والكتابة. تحلم بقصص بطلاتها، عظيمات نساء التاريخ العربي-الإسلامي، وتجسد رغبتها بالكتابة الرومانسية التي تمزج بين الخيال والوقائع التاريخية.
الجدير بالذكر أن لقاءات «نادي الكتاب» BOOKCLUB، تهدف إلى تقديم الإصدارات المغربية الجديدة بمختلف تلاوينها (رواية، شعر، نقد ..) بحضور مبدعيها وناشريها لتقديمها لجمهور القراء.
ويهدف «نادي الكتاب»، الذي رأى النور بمبادرة من مجموعة «لوماتان»، إلى خلق جسور تواصل بين المهتمين بالقراءة داخل المؤسسة بمختلف أقسامها، وتقاسم متعة هذا الفعل الثقافي مع صناع المعرفة وتشجيعه ونشره بين العاملين بالمؤسسة التي تعد أكبر وأعرق مؤسسة إعلامية بالمغرب. كما يرمي هذا المشروع، إلى المساهمة في تشجيع القراءة وجعلها أولوية، ووضع القارئ في صلب الفعل الثقافي والفكري، لتعزيز ثقافة القراءة وصنع مجتمع المعرفة.
وحسب اللجنة المنظمة، فإن لقاءات «نادي الكتاب» منفتحة على كل المبدعين والمبدعات باللغتين الفرنسية والعربية.
الرواية ليست تاريخية بل متخيلة تعتمد على وقائع تناولتها الكاتبة بأسلوب تشويقي رومانسي يكشف وضع المرأة في قرطبة وتطلعاتها.