وقع ما جرى التحذير منه، إذ أدخلنا متحور فيروس كورونا المستجد «أوميكرون» دائرته، وأصبحنا نحصي أعداد حالات الإصابة المؤكدة، ونتوقع الأسوأ طالما أن عدد الحالات المحتملة ارتفع بدوره، ومن غير المستبعد أن يحاصرنا هذا المتحور في زاوية ضيقة ليضرب كما يشاء.
الفيروس سريع الانتشار ورقعة انتشاره ستتسع كما تتسع بقعة الزيت في القماش، وسيتيح له التراخي المتواصل في أوساط المجتمع والذي نلاحظه في كل مكان، ما يجعلنا في الغالب حالات محتملة.
بعد مضي أقل من أسبوع على تأكيد أول حالة للإصابة به، وقع ما كنا متخوفين منه، وما كان أهل الاختصاص يحذرون منه، إذ ارتفع عدد حالات الإصابة وفق ما أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أول أمس الثلاثاء، إلى 28 حالة إصابة مؤكدة و46 حالة محتملة، والحالات المحتملة يتوقع أن تصبح مؤكدة، لأنها في الغالب في أوساط المخالطين. إن التراخي الذي نلاحظه بالعين المجردة، والناجم عن التهور، والتفريط شبه الكلي في التدابير الاحترازية، التي كانت سلاحنا الواقي والوحيد قبل اكتشاف اللقاحات وإطلاق الحملة الوطنية للتلقيح التي تصفها منظمة الصحة العالمية بالنموذجية، لا يوفر لا السلامة ولا السعادة، واللحظات التي تسرق من أجل تحقيق الأخيرة ليست مأمونة العواقب.
هذا الأمر عايشناه خلال الموجتين السابقتين وأخذنا علما به من خلال الموجات، التي شهدتها دول أخرى. قبل رفع الحجر الصحي جرى التأكيد على التعايش، ومعناه الحفاظ على الشروط الاحترازية وممارسة الأنشطة المعتادة في حياتنا اليومية من عمل ودراسة و... المثير هو أن من بيننا من اختاروا العيش في أحضان الفيروس ولم يعد يثنيهم عن ذلك لا موجات ولا سلالات متحورة ولا وفيات. اللافت أن الأمر لا يقف عند إلحاق الضرر بالنفس بل جره إلى الأبرياء. إن صم الآذان تجاه التحذيرات والنداءات المتكررة وتوجيهات المختصين سيقود المجتمعات والإنسانية جمعاء إلى التهلكة، وهذا ما فضحته التفاصيل التي جاءت في بلاغ وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، المعمم أول أمس، إذ أكد أنه جرى «تسجيل 20 منها في إطار سبع بؤر عائلية إضافة إلى 8 حالات معزولة. وقد همت 5 منها أطفالا تتراوح أعمارهم بين 4 أشهر و13 عاما».
إن أوميكرون لم يعد يفرق بين كبير وصغير، ويكفي أنه جرى اكتشاف حالة لدى رضيع، وأطفال، ناهيك عن البؤر العائلية. وعين العقل هو أن نأخذ كل المستجدات بعين الاعتبار وأن نسترجع عاداتنا الجميلة والتي كانت تميزنا في بداية زمن كورونا ونقي أنفسنا وإخواننا المواطنين وبلادنا كل مكروه. التراخي في ظل المستجدات لم يعد له أي مبرر، والمؤسف أن تسيطر مظاهر اللامبالاة وأن يستعير الكثير منا في ظل هذا الوضع المقلق سياسة النعامة ليصبح فريسة سهلة للمتحور بسبب السلوك المتهور، لكن الأذى لا يقف في مربع من يتراخى، بل إن فئات من المصابين لا تقترف ذنبا وتؤدي فاتورة العيش مع متهور في البيت أو العمل معه أو مصادفته في وسيلة نقل. طالما أن احترام التدابير لم يصبح عادة لدى الجميع، فإننا جميعا حالات المحتملة هذه هي الحقيقة المرة، وسنبقى على هذا الوضع إلى أن يثبت العكس.