خصص العدد 39 لربيع 2007 من مجلة الإنساني التي تصدرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ملفه الشهري حول المختفون قسريا والمعذبون في البحر من المهاجرين غير.
الشرعيين إلى أوروبا وخمس سنوات على إنشاء معسكر غوانتانامو سيء الصيت وعذابات العراقيين التي تشكل العناوين الكبرى لآلام الإنسانية المعاصرة.
في هذا العدد الصادر تحت عنوان المعذبون في البحر4، حرصت المجلة على تغطية الجهود المبذولة لمواجهة الأوضاع الإنسانية في العراق وفلسطين والسودان، إضافة إلى تناولها لعدد من القضايا الإنسانية المهمة كقضية الهجرة غير الشرعية وآثارها الدرامية على الشباب الإفريقي بصفة خاصة، وقضايا المختفين قسريا، والمحتجزين في غوانتانامو، وحماية المدنيين، ومسؤوليات قطاع الأعمال الخاص في أماكن النزاعات، جنبا إلى جنب مع باقي أبوابها الثابتة.
استهلت "الإنساني" كلمتها الافتتاحية التي استعرضت فيها ما وصفته بالقضايا الإنسانية الساخنة بالذكرى الرابعة لاحتلال العراق الذي عبرت عنه بالقول إنه أحد أكثر المشاهد إيلاما في زمننا الراهن، مشيرة إلى الأوضاع الكارثية في العراق. وكتبت عن الأثر النفسي المدمر للأوضاع الأمنية المتدهورة على أطفال وشباب وشيوخ العراق الذين أحاطت بهم العلل النفسية حيث الهلع والوسواس القهري ورهاب الأماكن المغلقة والظلام والماء والأماكن المزيفة . ولم تتجاوز الإنساني الحريق الرهيب الذي دمر أحد مراكز الوعي الثقافي في العراق »شارع المتنبي« الذي عصفت به البربرية فاختلطت صفحات الكتب الممزقة بنثار الأجساد والحروف والشظايا وخصصت جانبا من صفحاتها لقضايا النزوح في داخل العراق والهروب إلى خارجه مسـتهلة تقريرها بالعبارة الجارحة التي استهلت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أحد تقاريرها حول الوضع في العراق : ما أصعب العيش في العراق الآن وما أسهل الموت فيه لتستعرض بعد ذلك أوجه الكارثة تحت عناوين : النزوح الصامت والتهجير الطائفي وهجرة المثقفين وقلق الموت. وجاء في التقرير الذي حمل عنوان نزوح في الداخل وهجرة الى الشتات : من الصعب رصد حركة النازحين وأعدادهم بدقة في المناطق العراقية المختلفة بسبب العنف المستمر وهروب المدنيين منه وذلك يصعب أي عملية مسح أو إحصاء تسعى منظمة إغاثة إلى تنظيمها، لكن الجدير بالذكر أن ظاهرة النزوح لا تقتصر على منطقة بعينها أو طائفة أو جماعة.
وقد سجلت محافظات بغداد وكربلاء وبابل والواسط أعلى نسبة نزوح مع العلم أن جميع المحافظات قد أفرزت واستقبلت نازحين )ما عدا محافظات شمال العراق الثلاث)
وبحسب بعض التقديرات فإن ثلثي النازحين من النساء والأطفال.
يذكر أن للهجرة القسرية عواقب ليس فقط على النازحين أنفسهم لكن أيضا على المجتمعات التي تستقبلهم والتي غالبا ما تكون هي أيضا تعاني من شح الموارد كنتيجة للعنف والانفلات الأمني، لذا تتحول روح التضامن التي يستقبل بها المجتمع النازحين إلى شعور بأن هؤلاء المهجرين قد غدوا حملا اقتصاديا إضافيا على المحافظة أو البلدة، ومن هنا قد تظهر بعض علامات التوتر بين "السكان القدماء والجدد" على المدى الطويل خصوصا في ظل عدم توافر فرص عمل للجميع".
أما بالنسبة لنزوح المدنيين عبر الحدود، أو بمعنى قانوني لجوؤهم إلى دول أخرى فقد كانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد نبهت خلال الصيف الماضي بأن آلاف العراقيين يغادرون بلادهم يوميا مشيرة إلى أن عدد العراقيين الذين يطلبون حق اللجوء في الغرب يتزايد بإاطراد، وقال الناطق باسم المفوضية إن العاملين في مفوضية اللاجئين المكلفين بمراقبة الحدود العراقية السورية يقولون إن ألفي شخص يجتازونها من العراق يوميا كما يتصاعد باستمرار عدد العراقيين الذين ينزحون عن مناطق سكناهم قاصدين أماكن أكثرأمانا داخل العراق.
ويذكر أن الغالبية العظمى من العراقيين الذين يهربون إلى سوريا والأردن لم يسجلوا أسماءهم لدى مفوضية اللاجئين ولذلك تصف المفوضية النزوح العراقي بالنزوح الصامت
وتقول المفوضية إنه إضافة إلى سوريا والأردن فإن عشرات الآلاف من العراقيين يتوجهون أيضا إلى تركيا ولبنان ومصر ودول الخليج وأوروبا.
وتؤكد الإحصاءات الخاصة بالأشهر الستة الأولى من العام الماضي أن العراقيين شكلوا أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في أوروبا بينما ارتفع عدد العراقيين الذين يطلبون حق اللجوء في الدول الصناعية المتقدمة بنسبة 50٪ عما كان عليه في عام 2005.
ومن المثير للانتباه وللألم ما ذكرته مفوضية اللاجئين حول اضطرارها لتغيير مهمتها من مساعدة العراقيين على العودة إلى بلادهم إلى مساعدة أولئك الذين يهربون من الأوضاع غير الآمنة. إلى جانب الملف قدمت المجلة التي تعنى بمختلف المشاكل الإنسانية في المعمور إلى القارئ أبوابها الثابتة.