جديد الناقد الأدبي محمد معتصم

بناء الحكاية والشخصية في الخطاب الروائي النسائي العربي

السبت 16 يونيو 2007 - 08:37

بدعم من وزارة الثقافة، صدر عن دار الأمان بالرباط، كتاب جديد بعنوان"بناء الحكاية والشخصية في الخطاب الروائي النسائي العربي" للناقد الأدبي محمد معتصم
وقد وضع تصميم الغلاف القاص والسينوغراف، رئيس"مسرح أفروديت" عبد المجيد الهواس.

يتوقف الكاتب في تمهيد عمله الأخير، عند جدلية الكتابة النسائية والكتابة النسوية، وملاحظا أن الدارس في حاجة ماسة إلى المناهج للتحليل، والمناهج في حاجة إلى المفاهيم، والمفاهيم في حاجة إلى تأصيل وإلى ابتكار واختراع وتوليد، على اعتبار أن الظواهر الأدبية والأسلوبية لا يمكنها أن تتجلى في الذهن إلا عبر الصور الذهنية.

وليست المفاهيم غير تلك الصور الذهنية التي تتميز بالشمولية (الإحاطة) والدقة والاختلاف (التنوع)، ومن ثمة تبين أن هناك كتابة نسائية تكتبها المرأة .

تميز أولا من حيث موضوعاتها، والأساليب، والحساسية التي تصاغ بها كل تلك المكونات مجتمعة.

ومفهوم الكتابة النسائية مفهوم شمولي بمعنى أنه يضم أشكالا وأساليب وأنواعا من الكتابة عند المرأة.

ولهذا كان من الضروري استخلاص وتوليد مفهوم جديد أدنى منه ويدل عليه ويختلف معه في جزئية مركزية، وهو مفهم »الكتابة النسوية«، لن أخوض في مسألة »الاشتقاق« هنا، بل يهمني أكثر الدلالة، والحمولة المعرفية التي سأعطيها لمفهوم الكتابة النسوية
وعلى صعيد آخر، يلاحظ معتصم، أنه إذا كانت الكتابة النسائية تدل على الكتابة التي تبدعها المرأة عموما، فإن الكتابة النسوية ترتبط بنوع خاص من الكتابة، تلك التي تنبع من خلفية إيديولوجية، تنصب المرأة الكاتبة (وقد يكون الرجل أيضا) فيها نفسها مدافعا عن حقوق المرأة، كاشفة عن المواقف المعادية لها في ميادين مختلفة؛ كالميدان الاجتماعي، والسياسي، والحقوقي.

وتندرج ضمن هذا النوع من الكتابة، الكتابة السيرية، واليوميات، والتقارير الصحافية، والتحقيقات والاستجوابات، وبعض الروايات التي يكون قصدها ومغزاها مرتبطان بالخلفية الإيديولوجية لحركة نسوية محلية أو دولية.

كما توقف الكاتب في مؤلفه هذا عند جدلية الحكاية والحياكة، مذكرا المتلقي بأنه في كتاب "المرأة والسرد" تناول بالدرس"السرد"دون أن يفصل في الدراسة بين الأنواع السردية؛ السيرة الذاتية، أو اليومية، أو القصة القصيرة، والرواية.

لأن الكتاب كان خطوة في التعرف على عالم من الكتابة ظل مبعدا عن الدراسة المستقلة أدبيا ونقدا، كان يدرس ضمن منظومة فكرية، وسياق عام ينظر إلى الأدب كوحدة عضوية لا اختلاف في بنياتها ومكوناتها وأساليب تعبيرها.

ما دام الأدب تعبيرا جماليا، ويكتب جماليته انطلاقا من المفاهيم المحددة مسبقا من قبل منظري الأدب في العالم، وعلى مدى التاريخ .

ومعلوم أن للدراسة الاستكشافية لها مزاياها كما لها عيوبها لأنها تبحث في أرض بكر.

والناقد الباحث إما أن يختار الانطلاق من قضايا يفكر فيها ثم يخوض في عملية الاستدلال عليها لتأكيدها أو دحضها أو أنه يختار الاستنباط.

وهنا عليه أن ينوع من مصادر دراسته، وأن يكون مرتبطا بالنص ارتباطا مباشرا وهو الاختيار الذي نميل إليه حتى في هذا الكتاب.

والخلاصة المهمة في هذه النقطة، هي أن تنوع مصادر الدراسة يتيح الفرصة أمام الدارس للمقابلة والمقارنة واكتشاف مواطن الائتلاف والاختلاف.

لولا أن الكاتب في هذا العمل حاول حصر الدراسة النقدية الاستكشافية في مفهوم آخر مرتبط بالمرأة وبالكتابة : إنه مفهوم الحكاية.

ويبقى الأهم هنا أن الحياكة والحكاية لابد لهما من نظام، ونسق من العلامات، وهذا المستوى من التحليل يهتم به الناقد والباحث في مجال السيميائيات.

وقد اختار معتصم بالبحث في النظام، في البناء فما دامت بنيلوب قادرة على نسج وفك النسيج، ومادامت شهرزاد قادرة على توليد الحكاية والحفاظ على استمراريتها، فلا شك في أنهما معا تدركان معنى النظام المتحكم في العمليتين معا .

أي أنهما لم تتحققا من هذه الكفاءة العالية إلا بفضل ما طورتاه من مقدرة على البناء والتفكيك، وإعادة البناء، وإعادة التفكيك إلى ما لا نهاية .

وهذه خصيصة من الخصيصات التي تلتقي حولها الكاتبات العربيات اللائي درست رواياتهن في هذا العمل، روايات مجتمعة أو رواية واحدة كعينة.

أما الفصل الثالث، فيتوقف فيه الكاتب عند لقاء الروائيات اللائي درس رواياتهن في هذا العمل، في القدرة على بناء الحكاية سليمة مقنعة ومؤثرة، مليئة بالمحفزات، خالقة للتوقعات، ومفتحة على آفاق التأويل الرحبة، ولها ارتباط وثيق بمرجعها الثقافي والواقعي.

أي أنها تقوم على الإيماء والإحالة في آن وإذا كان النص السردي يقوم على المتواليات السردية والحكائية فإن من ركائزه كذلك الحدث الذي يتجلى كمتواليات حديثة
ولابد من وجود الشخصيات الروائية (الشخوص).

لأنها مركزية تقع لها أحداث وتوقع أحداثا بغيرها من الشخصيات الروائية.

لكن في الدراسات التي يضمها هذا الكتاب وقفت ند مفهوم بناء الشخصية أي الاهتمام بأبعادها المكونة؛ الفكرية والنفسية والاجتماعية.

وفي المستوى البنائي نتحكم أكثر في الخطاب النسائي الإبداعي (الروائي) ونستطيع في الوقت ذاته الابتعاد عن خدر اللغة الشائقة التي تكتب بها الكاتبات العربيات.

ونتحكم أيضا في خصوبة الخيال، والقدرة على توليد الحكايات التي تمهر فيها الكاتبة العربية.

وربما هذا سيجعلنا بعيدين في هذا العمل عن الحديث عن الكتابة السير ذاتية والبوح والاعتراف، يضيف الكاتب.

وأخيرا، توقف الكاتب عند ضرورة الانفتاح آفاق جديدة.

وقد تبين ذلك وهو يحاول ختم هذا العمل عبر تخصيص فصل خاص عن الكاتبات المغاربيات، نظرا للميزات ومتغيرات كتابية ومرجعية كثيرة، ونظرا لتزايد عدد كاتبات الرواية في المغرب العربي، خاصة المغرب والجزائر وتونس، وليبيا.




تابعونا على فيسبوك