أكد أن الموسيقى جسر للحوار الثقافي والحضاري

مهرجان فاس للموسيقى العريقة يحتفي بـ روح المكان وعبق الزمان

الجمعة 25 ماي 2007 - 11:35

تفتتح المغنية الأميركية والناشطة في مجال التصالح والسلم بين الشعوب، باربارا هندريكس، الدورة الثالثة عشر لمهرجان فاس للموسيقى العريقة الذي ستحتضنه مدينة فاس في الفترة الممتدة من فاتح إلى التاسع من يونيو المقبل.

فتحت شعار "روح المكان وعبق الزمان" يلتقي عشاق ورواد الموسيقى العالمية العريقة، من جديد لمعانقة أجواء من الروحانيات والتصالح الذاتي مع العالم ومع مختلف الحضارات والثقافات التي تلتئم حول هدف واحد هو نبذ الاختلاف والدعوة للحوار والتعايش.

أصوات فنانين مغاربة وعرب وعالميين ستصدح في سماء مدينة فاس، معلنة قوة الكلمة الموسيقية في مد جسور الحوار الثقافي والحضاري، ومعلنة أيضا قيمة الفن الملتزم في الحفاظ على الهوية وعلى القيمة الحقيقية للفنون التراثية.

عدد كبير من الفنانين يحضرون الدورة الثالثة عشرة من بينهم كورال مجموعة لندن للغوسبيل والمجموعة الوترية الكوبية، والمغني الهندي فاسوماتي بدرينتان والمغنية البرازيلية تانايا ماريا ووعد حسون والياس كرم من سورية، وسونيا مبارك من تونس، وبهيجة رحال من الجزائر، ومن المغرب فدوى المالكي، ولطيفة رأفت وماجدة اليحياوي، وجاهدة وهبة من لبنان واخطار شريف حسين من باكستان، والقائمة طويلة ومتنوعة تنوع فقرات المهرجان.

وكما يتضح من شعار الدورة »روح المكان وعبق الزمان«, فإن هذه الدورة ستنعش روح المكان من خلال الالتحام المتجدد بيم الحدث(المهرجان وبين المكان)،فاس، فالموسيقى الروحية التي هي الهوية الذاتية للمهرجان لها رنين خاص في متحف البطحاء وباب المكينة وساحة أبي الجنود ودار التازي، كلها أماكن تشهد على حقيقة وقيمة المهرجان
المهرجان أيضا سينفتح هذه السنة، على »أيام التراث« التي أضيفت للبرنامج العام للتظاهرة، من أجل إعادة اكتشاف بعض معالم المدينة وذلك احتفالا بمرور 25 سنة على تسجيل مدينة فاس في قائمة التراث العالمي للإنسانية، من طرف منظمة اليونيسكو وكذا اختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية 2007 من طرف اليونسكو.

وكما أعلن المنظمون في وقت سابق فإن هذه التظاهرة المنظمة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس تؤسس لحدث ثقافي من أجل إظهار صورة المدينة، وبالتالي فمن الطبيعي أن تشهد من حين لآخر بعض التغييرات ضمانا لاستمراريتها، إذ جرى هذه السنة الاستغناء عن حفل موقع وليلي ليعوض بتجربة جديدة سيدشنها المهرجان مع الفارس الشهير بارتباس الذي سيقدم بمقالع المرينيين حفل »شروق الشمس« ابتداء من الساعة الرابعة و45 دقيقة صباحا، حفلا، تمتزج فيه أناشيد الصوفية بتراتيل الآذان القادم من مختلف مساجد المدينة.

كما يصادف مهرجان هذه السنة الذكرى 800 لميلاد الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، إذ سيتاح لجمهور المهرجان، الاستماع لقصائده باللغة التركية في حفل لدراويش الطريقة القادرية والمولوية من اسطنبول، وباللغة الفارسية مع الفنانة باريسا ومجموعة داستان وباللغة العربية مع الفنانة وعد حسون، وبلغة الاوردو مع اساتذة الانشاد من باكستان
إضافة الى الموسيقى، سيكون المهرجان ايضا مناسبة للتفكير وتبادل وجهات النظر حول موضوع »المقدس والحداثة" من خلال مناقشة ثلاثة محاور رئيسية هي "هوياتنا الثقافية في مواجهة أحادية العالم" و"مدننا التراثية، أهي انعكاس للعالم القديم أو منبع خيالي للمستقل" و"معتقداتنا وعقلنا في محك العالم الجديد"، مواضيع تحتضنها لقاءات فاس أيام الثاني والثالث والرابع من يونيو المقبل، في محاولة للإجابة عن السؤال الجوهري كيف نعيش حاليا الحداثة التي ما فتئت تفرض نفسها بإلحاح وكيف نوظفها مع القيم العريقة كالإيمان والثقافة والتراث.

وبالموازاة مع فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العريقة، يواصل »المهرجان في المدينة« احتفالياته التي تعطي لبعض المواقع مثل »باب بوجلود«، المركب الرياضي التاجموعتي ببنسودة و"دار التازي" حركية خاصة من خلال الحفلات الموسيقية التي تبرمج بها والتي سيحضرها هذه السنة إلى جانب فنانين عالميين فنانون مغاربة من بينهم لطيفة رافت وماجدة اليحياوي وسعيد باي وفرق الغناء الشعبي : "بنات الهواريات" و"عبيدات الرما"، ومجموعة "مازاغان" كما ستحتضن هذه الفضاءات ايضا أمسيات للانشاد الصوفي

وتنظم على هامش المهرجان مجموعة من الانشطة الموجهة للشباب من ضمنها ورشة "نظرة الشباب للتراث بفاس" ستجمع حوالي ثلاثين شابا بهدف تلقينهم المبادئ الاولية لفن التصوير، إلى جانب ورشة »ايقاعات والحان العالم« التي ستتيح فرصة التحسيس والتقرب من عالم الموسيقى من خلال التدرب على الالحان الاساسية واستعمال الالات التقليدية.

يربط بعض المهتمين بين شهرةَ فاس دوليا، ومهرجان فاس للموسيقى العريقة الذي تشرف على تنظيمه مؤسسة "روح فاس"، إذ جعل منها المهرجان مدينة الصداقة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود، لأنه استطاع استقطاب مفكرين من ديانات ومشارب مختلفة للنقاش في مواضيع ندوات "لقاءات فاس" التي ولدت من رحم المهرجان، وسعت إلى تكريس الحوار بين الأديان.

يحظى مهرجان فاس للموسيقى العريقة، و لقاءات فاس التي أنشئت على التوالي في 1994 و 2001 نجاحا متزايدا.

وبفضلهما اعتبرت هيئة الأمم المتحدة مهرجان فاس سنة 2001 من أهم التظاهرات التي ساهمت في ترسيخ حوار الحضارات بشكل ملحوظ وبموازاة مع المهرجان تشكلت شبكة دولية مختصة في تقديم الدعم والقيام بدور الوسيط.

كما تأسست في الولايات المتحدة الأميركية منظمة تحمل اسم "رسالة فاس" وهي تقدم في كل سنتين برنامج المهرجان وندوة فاس عبر عشرين مدينة أميركية

انتشار "رسالة فاس" من خلال هذه التظاهرات ينطلق من فاس في اتجاه كل أرجاء العالم.

كما عبرت العديد من المدن العالمية عن رغبتها في القيام بنفس المهمة التي ينهض بها مهرجان فاس ومنتداه في إيصال تلك الرسالة النبيلة المتمثلة في حوار القيم الروحية من خلال الموسيقى، وخلق ثقافة سلمية مدعومة بعولمة متعددة تحترم كل القيم الأخلاقية والروحية.




تابعونا على فيسبوك