اختبار منزلي لقياس الخصوبة لدى الرجال

الثلاثاء 17 يناير 2006 - 17:11
أبحاث طبية جديدة متواصلة

نجح علماء جامعة برمنجهام في بريطانيا الأسبوع الماضي، في تطوير اختبار منزلي لقياس مدى الخصوبة لدى الرجال، هو الأول من نوعه في العالم.

هذا الاختبار الذي أطلق عليه اسم"فرتل" Fertile"، يستغرق إجراؤه في المنزل أقل من ساعة، ويساعد الزوجين بشكل مبكر على اكتشاف أية مشاكل تتعلق بخصوبة الزوج، وبدراسة مدى سلامة نتائج الاختبار الجديد، وجد العلماء أن نتائجه تمتع بدقة تتعدى الخمسة والتسعين في المائة، مقارنة بنتائج التحاليل المعملية التي تجرى في المستشفيات والعيادات المتخصصة في العقم.

ويتم إجراء هذا الاختبار من خلال وضع عينة من مني الرجل في جهاز خاص، وبعد مرور قرابة الساعة، يعطي الجهاز إشارة ملونة، تدل على ما إذا كانت العينة تحتوي على عدد كافٍ من الحيوانات المنوية، أم لا.

ويكشف الجهاز هذه المعلومة، من خلال إجبار الحيوانات المنوية على السباحة خلال حاجز كيميائي فيزيائي، يماثل الحاجز الكيميائي الفيزيائي الموجود في عنق الرحم، واللازم على الحيوانات المنوية اجتيازه في الأحوال الطبيعية، كي تتمكن من الوصول إلى البويضة في الرحم لتلقيحها، وبعد انقضاء فترة الاختبار، يقوم الجهاز تلقائياً بإحصاء عدد الحيوانات المنوية التي اجتازت الحاجز، وتحديد ما إذا كان هذا العدد كافياً أم لا للإنجاب تحت الظروف الطبيعية.

ويرى علماء جامعة برمنجهام، أن هذا الأسلوب يتميز عن التحاليل المعملية المعتادة بميزتين، الأولى قدرته على قياس حيوية الحيوانات المنوية بشكل موضوعي، بدلا من الاقتصار على إحصاء عددها تحت الميكروسكوب كما يحدث في الفحوصات الحالية.

ثانياً، ستوفر ميزة القيام بالاختبار في المنزل، خصوصية أكبر للرجال عند جمع العينات، وهو ما من شأنه أن يشجع الرجال على إجراء تحليل الخصوبة بشكل أكبر وفي وقت مبكر، إذا ما ساورتهم الشكوك في وجود مشكلة في مدى خصوبتهم.

ويتم تعريف العقم في الأوساط الطبية على أنه عدم قدرة الزوجين على الإنجاب بعد عام من المعاشرة الزوجية، إذا ما كانت الزوجة أصغر من خمسة وثلاثين عاماً، أو بعد ستة أشهر فقط من المعاشرة الزوجية، إذا ما كانت الزوجة أكبر من خمسة وثلاثين عاماً.

ويمتد أيضاً تعريف العقم ليشمل الزوجة التي لا تستطيع الاحتفاظ بجنينها فترة الحمل الطبيعية، أي التي تفقد جنينها قبل أن يصل إلى مرحلة تسمح بولادته حياً، وبوجه عام تعتبر الإصابة بالعقم مشكلة طبية واسعة الانتشار، يعاني منها الكثير من الأزواج حول العالم.

ففي الولايات المتحدة مثلاً، تقدر الجمعية الأميركية للطب الإنجابي وجود أكثر من ستة ملايين أميركي مصابين بشكل أو بآخر من أشكال العقم، وهو ما يعني عشرة في المائة من جميع الرجال والنساء ممن هم في سن الإنجاب، ولا يختلف الحال كثيراً في بريطانيا عنه في الولايات المتحدة، حيث يزور زوجان من كل ستة أزواج في بريطانيا عيادات علاج العقم، بسبب عدم قدرتهم على الحمل والإنجاب في مرحلة ما من مراحل حياتهم.

وتتعدد أنواع وأسباب العقم بشكل كبير، بعضها يكون مصدره الرجل، والبعض الآخر مصدره المرأة، أو الزوجان معا، ومن أسباب العقم التي أصبحت تشهد اهتماماً متزايداً من العلماء في الآونة الأخيرة، ظاهرة الانخفاض المتزايد في عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال، وخصوصا الغربيين منهم، ففي دراسة أجريت على سبعة آلاف وخمسمائة رجل، اكتشف أنه خلال أربعة عشر عاماً فقط، حدث انخفاض في خصوبة الرجال بمقدار الثلث.

ففي عام 1989 كان متوسط عدد الحيوانات المنوية لدى الرجل، يبلغ 87 مليوناً في المليلتر الواحد من السائل المنوي، بينما بلغ متوسط عدد الحيوانات المنوية 62 مليوناً فقط في المليلتر بحلول عام 2003 وهو ما يؤكد الاعتقاد السائد بين الأوساط الطبية منذ فترة، بأن ذكور الجنس البشري يعانون من تدهور مستمر في خصوبتهم منذ عقود.

هذا التدهور في عدد وحيوية الحيوانات المنوية لدى الرجل، يعزوه الأطباء إلى عدة عوامل، مثل السمنة وإدمان الكحوليات والمخدرات والشيخوخة، فالسمنة أو زيادة الوزن المفرط مثلاً، تعتبر من أهم الأسباب التي تؤثر سلباً على عدد وحيوية الحيوانات المنوية.

ففي دراسة أجريت في أطلانطا بالولايات المتحدة، وعرضت ضمن فعاليات مؤتمر الجمعية الأميركية العام الماضي، وجد الباحثون علاقة عكسية بين وزن الرجل وعدد وحيوية حيواناته المنوية، وحتى لدى الرجال أصحاب الوزن المفرط، إذا ما نجحت عملية تلقيح البويضة، فكثيراً ما يفشل الجنين في البقاء في الرحم حتى نهاية فترة الحمل.

وفي إيطاليا، نجح العلماء في إثبات وجود علاقة بين التلوث الناتج عن عادم السيارات، وبين حيوية وكفاءة الحيوانات المنوية لدى الشباب والرجال متوسطي العمر، ويوجه العلماء الإيطاليون أصابع الاتهام لمادتي أوكسيد النيتروجين والرصاص، كمتهم رئيسي خلف التأثير السلبي لعوادم السيارات على الحيوانات المنوية، خصوصاً الذين يقضون وقتاً طويلاً في زحمة المرور، مثل سائقي الشاحنات وسيارات الأجرة.

وهو ما يؤكد نتائج دراسة سابقة صدرت عن كلية "كنجز كولج" "Kings College "ببريطانيا، وأظهرت وجود تأثير سلبي شديد للملوثات الكيميائية البيئية على الخلايا المنتجة للحيوانات المنوية لدى الرجال.

مثل تلك الملوثات لا يقتصر وجودها على عوادم السيارات فقط، بل يمتد وجودها أيضاً للمبيدات الحشرية، ومواد التنظيف وأصباغ الطلاء، وغيرها من المنتجات الكيميائية الاصطناعية التي أصبحت تحيط بإنسان القرن العشرين، وهو ما يجعل انخفاض عدد وحيوية الحيوانات المنوية بمقدار الثلث خلال أربعة عشر عاماً، ليس بالأمر المستغرب أو صعب التفسير كما يبدو للوهلة الأولى،ومع التوقع باستمرار هذا الانخفاض إلى درجة يصبح من الصعب فيها على معظم رجال المجتمع الحديث إنجاب ذرية، وهو ما من شأن اختبار برمنجهام الجديد أن يثبته بشكل جلي.




تابعونا على فيسبوك