يعتبر التهاب اللوزتين، مرض له أهمية كبرى في طب الأطفال وذلك لكثرة اصابة الأطفال به وللمضاعفات الخطيرة الناتجة عن سوء المعالجة أو تكرار التهابها أو التأخر في عيادة الطبيب. ومن أعراض التهاب اللوزتين، ألم في الفم والحنجرة وارتفاع درجة الحرارة،إلى ألم في المف
تعالج اللوزتان أساسا بالمضادات الحيوية التي يصفها الطبيب، ومن أكثرها استخداما "الأموكسلين" وهو مشتق من البنسلين ويعمل على القضاء على البكتيريا المسببة للالتهاب.
وتستمر مدة العلاج حوالي اسبوع، يجب الاستمرار خلاله في تناول الدواء قبل انقضاء المدة المحددة من الطبيب حتى وإن تحسنت الأعراض.
"الصحراء المغربية"حاورت البروفيسور عابد عبد الرحمان، رئيس قسم أمراض الأطفال بمستشفى ابن رشد سابقا، اختصاصي في الأمراض التعفنية، ليطلعنا على معلومات أخرى تتعلق بالموضوع.
بداية ما هو التهاب اللوزتين الذي يحدث عند الأطفال؟
ـ إن التهاب اللوزتين، هو التهاب حاد ناتج عن تعفن، سببه إما بكتيريا أو فيروسات
فبالرغم من تعدد الفيروسات وتنوع البكتيريات، إلا أن هناك بكتيريا تسمى streptocoque من المجموعة أ، يغلفها بروتين M، هذا الأخير هوالمسؤول عن التهاب اللوزتين
فهذه البكتيريا توجد في 80 نوعا، ليست كلها مسؤولة عن التهاب اللوزتين، لكن التي تتضمن البروتين M1 وM3 وM5 وM18 فإذا مست هذه الأنواع من البكتيريا اللوزتين، تسببت في العديد من المضاعفات الصحية، وعلى رأسها مرض صمامات القلب وأمراض المفاصل.
وأؤكد على أن 70 في المائة إلى 80 في المائة من حالات التهاب اللوزتين، يعود إلى فيروسات، و20 في المائة فقط سببها يعود إلى بكتيريا streptocoque، أما إذا نتج الالتهاب عن بكتيريا مخالفة وإن كانت من المجموعة ذاتها، فإن احتمال الإصابة بمرض صمامات القلب الناتجة عن التهاب اللوزتين يكون ضعيفا إلى منعدم .
وأشير إلى أن الالتهاب، معروف لدى العامة بـ"الحلاقم" وبالفرنسية angines وفي البرنامج الوطني لمحاربة التهاب اللوزتين، يطلق عليه، أمراض آلام الحلق أو الحنجرة.
سيكون من الصعب على الطبيب تحديد المسبب الرئيسي للالتهاب إذن؟
ـ الطبيب ليس بمستطاعه عند التشخيص، تحديد مسببات الإصابة وتحديد ما إذا كانت بسبب فيروس أو بكتيريا، لأن الأمر لا يتحقق بالعين المجردة وإنما باللجوء إلى تحاليل طبية خاصة، يتطلب إنجازها مدة تصل إلى أسبوعين.
وأثير انتباه الجميع إلى أن الطبيب ملزم بالتصرف على وجه السرعة لإيقاف الالتهاب وإنقاذ الطفل المريض من مضاعفات الداء.
ومن هنا تأتي أهمية البرنامج الوطني لوزارة الصحة، الذي يحتم على الطبيب اعتبار حدوث الالتهاب بسبب بكتيريا streptocoque للشروع في العلاج على التو، والأمر يدخل في باب الحذر والاجراءات الوقائية من توالي ارتفاع حالات الاصابة بداء صمامات القلب الناتج عن التهاب اللوزتين.
وبفضل البرنامج ذاته، لم يعد المغرب يعرف حالات التهاب اللوزتين الناتج عن بكتيريا "الدفتيريا" منذ 10 سنوات، بسبب تدخل الطبيب السريع والتخلي عن انتظار نتائج التحاليل الطبية.
هل هذا يعني أن تشخيص الالتهاب يتطلب خبرة خاصة؟
ـ في حقيقة الأمر، يعتبر تشخيص التهاب اللوزتين سهلا للغاية، يمكن أن يجريه طبيب خاص كما يمكن أن يجريه طبيب عام أو حتى الصيدلي.
فالالتهاب يصاحبه ارتفاع في درجة الحرارة قد تصل إلى 40 درجة وظهور تكيسات بالعنق، وعند إنزال اللسان تظهر اللوزتان منتفختان حمراوتان، وفي حالات أخرى بهما مادة بيضاء
أما الصعب، فهو تحديد المسبب لحدوث الالتهاب، لذلك قلت إنه يتحتم على الطبيب اعتبار الالتهاب بأنه ناتج عن بكتيريا streptocoque .
حدثنا بشكل مبسط عن الكيفية التي يؤثر بها التهاب اللوزتين على صمامات القلب والمفاصل؟
ـ من أبرز مضاعفات التهاب اللوزتين الحاد، إصابة صمامات القلب وشرايينه وأيضا المفاصل
فكلما كبر حجم البكتيريا في الدم، كلما ارتفعت نسبة البروتين M في الجسم، ومعها يشرع الجسم في تكوين مضادات جسمية لمهاجمة البروتين الدخيل، مما ينتج عنه تخريب كل البروتينات الصالحة في الجسم، بما فيها الموجودة طبيعيا في صمامات القلب والشرايين وتلك الموجودة في المفاصل.
فالجسم ليس بمستطاعه التفرقة بين البروتين الناتج عن بكتيريا من غيره
لذلك فكلما كان علاج التهاب اللوزتين مبكرا ومناسبا، كلما وقف الالتهاب الناتج عن البكتيريا وحدها المسؤولة عن مرض اللوزتين، وإلا أصبح الجسم في حالة تخريب لذاته بذاته.
إلى أي مدى يمكن اعتبار التهاب اللوزتين عند الأطفال مخيفا في المغرب؟
ـ لكي أجيب على السؤال، أقدم الاحصاءات التالية. في سنة 1992 عرف العالم، حسب المنظمة العالمية للصحة، 11 مليون حالة إصابة بالتهاب اللوزتين، أما في المغرب فتظهر سنويا ما بين 5000 إلى 8000 حالة جديدة سنويا.
وأشير إلى أن هذه الأرقام والتقديرات بالنسبة لبلدنا، تبقى مرشحة للإرتفاع، لأن هناك حالات إصابة بالتهاب اللوزتين لا تصل إلى المستشفيات، خصوصا في البوادي والمناطق البعيدة والنائية .
وخطورة الداء، أنه يمس الأطفال ما بين 5 سنوات إلى 15 سنة، ويمكن أن يصيب المرض أطفال الثلاث سنوات وسنتين بسبب انتقال العدوى إليهم من الإخوة أو باقي المحيطين بهم أو من المدرسة.
والشيء الخطير، هو حينما يتكرر التهاب اللوزتين عند الطفل بالرغم من خضوعه للعلاج، وهو ما يسمى بـ Rechutte rumatismale أو الروماتيزم الذي يصيب صمامات القلب، مما يحتم على الطفل أخذ دواء، عبارة عن مضاد حيوي مدى الحياة.
كيف يمكن تجنب الإصابة بالتهاب اللوزتين؟
ـ التهاب اللوزتين، هو مرض معد ينتقل عن طريق الفم من خلال عملية التنفس
ينتقل بالقبل أو عند الحديث أو السعال، شأنه في ذلك شأن انتقال داء السل
وللحديث عن سبل الوقاية، أذكر أن التهاب اللوزتين الحاد، يظهر في الدول النامية على وجه الخصوص، ينتعش مع الاكتظاظ، في الأوساط التي يكثر فيها التلوث وقلة التهوية، وبين الأفراد الذين يعانون من سوء التغذية وانخفاض القدرة الشرائية.
فالعدوى بالتهاب اللوزتين من السهل بمكان زوالها إذا توافرت الشروط المذكورة، والوقاية منها. لذلك ينصح الآباء بعزل طفلهم المريض عن باقي أفراد الأسرة لوقف انتشار العدوى.
وفي حال تعذر ذلك كيف يمكن علاجهما؟
ـ علاج التهاب اللوزتين مضمون إذا حورب التعفن الذي أصابهما في بدايته، والتأخر في العلاج أو أخذ أدوية غير مناسبة يطور المرض وينتج عنه مضاعفات.
لكن إذا سارع الآباء بأخذ أطفالهم إلى الطبيب، ووصفت لهم مضادات حيوية، تمكن الطفل من استرجاع عافيته بسرعة.
وهناك ثلاث حالات أخرى يضطر فيها الطبيب إلى العلاج الجراحي من خلال استئصال اللوزتين المصابتين بالالتهاب.
الحالة الأولى، عندما يكون الطفل يعاني من تكرار التهاب اللوزتين من 5 إلى 6 مرات في السنة. الحالة الثانية، حين يستمر الطفل في المعاناة من الالتهاب بالرغم من خضوعه للعلاج، ومكوثها منتفخة ومحمرة تعيق التنفس لديه، أما الحالة الثالثة، عندما يصاحب التهاب اللوزتين تقيحا يبعث روائح كريهة في الفم .
ففي هذه الحالات، يكون السبب قويا لاستئصال اللوزتين اللتين لم تعودا تقومان بواجبهما في الجسم بصفة كلية، بل تصبح مصدر أضرار صحية أخرى وأخطر .
أريد أن أركز على شيء مهم للغاية وهو، على الآباء الحرص على إتمام مدة علاج التهاب اللوزتين، وإن شعر طفلهم بتحسن صحته، ذلك لأن أقل مدة ممكنة لأخذ المضادات الحيوية المقاومة للبكتيريا المسؤولة عن التهاب اللوزتين، هي ما بين 8 و10 أيام .
يتخوف العديد من الآباء من استئصال اللوزتين لكونهما وسيلة حمائية للجسم من الميكروبات والفيروسات؟
ـ هذا القول يكون صحيحا فقط في حالات التهاب اللوزتين الذي يعالج بالمضادات الحيوية المناسبة والموصوفة في الوقت المناسب، أما في الحالاث الثلاث التي تحدثت عنها، فلا مجال للطبيب أو الآباء سوى الإسراع في استئصال اللوزتين.
لماذا؟ لأنهما عوضا أن تقوما بحماية الجسم من الفيروسات والبكتيريا التي تهاجمه فتوقفان دخولها إليه، تصبحان المصدر الرئيس للعديد من المشاكل الصحية المعقدة، كالروماتيزم الذي يصيب صمامات القلب والمفاصل.
صحيح أن اللوزتين هما بمثابة "حارس" للجسم من دخول الفيروسات، لكن إذا ظلتا محتفظتين بقدرتهما على القيام بهذه المهمة، عدا ذلك يعتبر الاحتفاظ بهما تهديدا لأعضاء مهمة أخرى في الجسم .
وأذكر بشيء، وهو أن اللوزتين، يقومان بحماية ميكانيكية للجسم، بوسعها ايقاف الميكروبات لكن ليس جميعها، وأزيد على ذلك، أن هناك وسائل أخرى ينتجها الجسم للزيادة في مناعته ضد كل الفيروسات أو البكتيريا التي تهاجمه، لذلك فلا داعي للتخوف من التخلي عن اللوزتين المريضتين.