عُرفت وتُعرف وسط الصانعات والصناع في سوس بالحاجة فردوس، لكن اسمها الحقيقي هو الحاجة فاطمة الزغموتي.تألق اسمها في عدة مجالات سياسية من خلال مشاركتها في الانتخابات بأكادير، وحرفية كممثلة للمهنيين بالغرفة في ميدان الحلاقة والخياطة وتحف العرعار والزجاج.
كانت أول امرأة تلج الانتخابات الجماعية بسوس سنة 1983، وهي أول وآخر عضو مثلت الصانعات والصناع بغرفة الصناعة التقليدية بأكادير، وأول امرأة أنشأت أولى مدرسة للحلاقة بسوس، وأول امرأة خلقت مدرسة للسياقة بسوس.
رغم أنها كانت تغير من حين لآخر أنشطتها، لكنها كانت دائما تنجح وتتفوق في ما تخلقه من مشاريع ترتبط بمهاراتها اليدوية والفكرية.
تفتخر بنفسها لأنها "حبوبة" لسمعتها الطيبة والمكانة التي تحضى بها وسط الناس ووسط العائلة والأصدقاء والزبناء والزبونات.
شاركت الحاجة فردوس في انتخابات الجماعات المحلية سنة 1983، وكانت يومها المشاركة النسائية الوحيدة بسوس للمشاركة في تدبير الشأن المحلي، غير أنها لم تتوفق.
وبعدها لم تترشح أبدا لمثل تلك المسؤوليات، أخذا بنصيحة أحد الوزراء رحمه الله، وهو المعطي بوعبيد الذي قال لها آنذاك بأنه لا يرى مكانا لمشاركة المرأة في الميدان السياسي، وكانت مشاركة المرأة في الانتخابات يومها أمرا صعبا جدا، وهي بمثابة مغامرة وسط الرجال.
فأخذت وجهة أخرى في بداية التسعينات، إذ رشحت نفسها لغرفة الصناعة التقليدية خارج الأحزاب. توفقت بامتياز في الحصول على ثقة الصناع التقليدين نساء ورجالا، وفازت بمقعد داخل الغرفة، وكانت أول مشاركة نسائية كعضو بغرفة الصناعة التقليدية بأكادير، وآخر منصب نسائي بها. ومثلت جميع الصناع في المجلس الإقليمي.
قالت إنها كانت تحس أثناء تحمل مسؤوليتها داخل الهيئات المنتخبة، بأنها توجد ضمن العناصر النشطة بالغرفة وبالمجلس الإقليمي.
وتشجيعا لها، كان يقول الرئيس آنذاك إنها في كفة وباقي الأعضاء في كفة أخرى
خلال تلك الولاية، مثلت الغرفة في عدة معارض محلية ووطنية بعدة مدن مغربية ودولية بالبرتغال والسعودية.
لم تتحقق كل الأماني التي كانت تحملها سواء كصانعة أو امرأة.
كان أملها أن تكون هناك عضوات أخريات بالغرفة، على الأقل عشر أعضائها مثل ما هو حاصل بالبرلمان، ناهيك عما كانت تتمناه بالنسبة للصناع التقليديين الذين كانوا وما زالوا يعيشون عدة مشاكل مرتبطة بالقطاع.
رشحت نفسها في الانتخابات الأخيرة للغرف المهنية، لكن بسبب التقسيم الانتخابي الجديد، وتقسيم الغرف المهنية، والتنافس الحاد بين الرجال والحزبيين على رأس اللائحة والمقاعد المحدودة والقليلة المخصصة للغرفة حال دون فوزها في الانتخابات، لكنها حصلت على الرتبة الرابعة ضمن المنافسة الشرسة.
بعد وقوفها على هذه الصعوبات إثر انتهاء ولايتها بغرفة الصناعة، لجأت صحبة الصانعات التقليديات بأكادير إلى إنشاء جمعية المرأة الصانعة التقليدية بأكادير سنة 89، وذلك للاعتماد على الذات من جهة لتنظيم الحرفة، ومن جهة ثانية، لتحسين منتوج النساء الصانعات، والبحث عن سبل جديدة لتسويقه على المستوى الوطني والدولي من خلال المشاركة في المعارض المنظمة، وتتأسف لكون الدعم الذي تقدمه الوزارة لمثل هذه الأنشطة لا يصل إلى أكادير .
وبذلك سجلت النساء الصانعات تحت قيادتها والمشاركة الفعالة لأعضاء الجمعية، حضورا للمرأة الصانعة في الساحة المحلية والجهوية والوطنية والدولية.
وعند النبش في حياة الحاجة فردوس المهنية، يتأكد أنها من النساء العصاميات اللواتي لا يثنيهن الفشل، ولا يغريهن التألق، بدأت حياتها بعد أن غادرت المدرسة بالخياطة، لكنها ولأسباب صحية تخلت عن هوايتها وحرفتها الأولى لتلج مجال الحلاقة.
مارست هذه الحرفة مدة 23 سنة، منذ سنة 61، وذلك بعد أن أخضعت نفسها للتكوين الذاتي الحرفي، خضعت إلى التكوين بالمدارس الخصوصية، وتابعت تكوينها بالمراسلة مع المدرسة العالمية بفرنسا، كما سافرت إلى باريس لتلقي المزيد من المهارات ودروس الدعم في الحلاقة، وخضعت لتدريب في بايون.
وبعد أن أحست أن بإمكانها أن تعطي الكثير في ميدان الحلاقة خارج الصالونات، قررت إنشاء أول مدرسة للحلاقة بسوس، وهي مدرسة الفردوس.
بعد نجاحها أنشأت مدرستين أخريتين بالمدن المجاورة، وتخرج من عندها أفواج من الحرفيين في مجال الحلاقة، تمكنوا من إنشاء مدارسهم.
وهي جد فخورة بهذا، لكن ولوجها إلى عالم الغرفة، ولكثرة الاجتماعات بها وبالمجالس الإقليمية والمعارض وجدت نفسها غير قادرة على الإلمام بكل هذه الأنشطة، غلبتها الاهتمامات الكثيرة.
وبعد فترة انتقالية لفن النقش على العرعار والزجاج، تركت ذلك لتنشئ أول مدرسة نسائية للسياقة بسوس، واشتغلت بها سنتين وحققت نجاحا باهرا، غير أنها وجدت أن الميدان صعب يحتاج إلى الرجال، لتعود إلى الأصل كخياطة، حيث وجدت نفسها وحققت ذاتها في هذا الميدان، إذ شاركت في معرض دبي الدولي وبفرنسا والسعودية خمس مرات.
فالخياطة بالنسبة لها هواية وابتكار، قالت إنها توظف »المودة« الجديدة في الألبسة العصرية، وتكييفها مع الألبسة التقليدية التي أصبحت اليوم تحمل سحنة خاصة للباس العصري، وذلك استجابة لرغبات الزبونات ولإعطاء قيمة مضافة للباس التقليدي
وتركز في أعمال الخياطة والفصالة، بشكل مميز في »التكشيطة« لأنها مطلوبة لدى نوع خاص من النساء، وكذا الجلباب التقليدي.