ظهور 11 ألف حالة إصابة جديدة بالسرطان في المغرب

الماموغرافي والفروتي لتجنب سرطان الثدي وعنق الرحم

الخميس 28 شتنبر 2006 - 10:28
البروفيسور عبد اللطيف بن ايدار

يتسبب السرطان عبر العالم، في وفاة ما يقارب 410 آلاف شخص في السنة، 99 في المائة من حالات الإصابة بسرطان الثدي موجودة لدى النساء، إذ يمس هذا النوع من المرض امرأة من أصل كل ست نساء مغربيات.

وبذلك يعد أكثر السرطانات انتشارا في المغرب وفي العالم، وداخل الأوساط النسائية.

ويبقى سرطان عنق الرحم، إلى جانب سرطان الثدي، من أكثر أنواع السرطان، التي تصاب بها النساء، إذ يتسبب في وفاة 300 ألف امرأة كل سنة، ويصيب بشكل كبير الفئات الأكثر فقرا.

ويؤكد الأطباء المتخصصون في علاج أمراض السرطان، أن الوسيلة الوحيدة والناجعة لتجنب هذا الداء الخطير، هو الكشف المبكر، والخضوع للعلاج في الوقت المناسب، وبالكيفية اللازمة، عوضا عن إهمال نصائح الطبيب، أو اللجوء إلى التداوي بالأعشاب أو غيرها .

هذه المعطيات وغيرها، يتضمنها الحوار، الذي أجرته"الصحراء المغربية"مع البروفيسور عبد اللطيف بن إيدار، رئيس مركز الأنكولوجيا في الدار البيضاء

٭ يلاحظ المواطن المغربي، أنه في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن أمراض السرطان، وعن خطورته، كما تزايد عدد الجمعيات، التي تقدم خدماتها للمصابين بهذا الداء
إلى أي حد أصبح داء السرطان، مشكلة صحية في المغرب تثير مخاوف المصابين والأطباء على حد سواء؟

ـ في حقيقة الأمر، يعتبر داء السرطان، من بين الأمراض التي تثير مخاوف الجميع، ليس في المغرب وحده، ولكن على صعيد دول العالم بأسره، وذلك لتزايد عدد حالات الإصابة به سنويا، ولارتفاع نسب الوفيات به دوليا.

ففي الدول المتقدمة، يعتبر داء السرطان من بين أول مسببات الوفيات، ولذلك، نهجت جلها، استراتيجية عمل لأجل مكافحة المرض، والتقليل من حجم خسائره، على الاقتصاد والبشر.

أما بالنسبة للمغرب، فيعود بروز الحديث عن داء السرطان، إلى تمكن المغرب، من التحكم في بعض الأمراض المعدية، التي كانت تفرض ذاتها على السياسات المتبعة، لما تشكله من خطر على الصحة العمومية، ومن أهمها مرض السل والكوليرا، وأنواع أخرى، كان يسهل انتقالها من شخص إلى آخر، لكن بفضل سياسة التلقيح، حقق المغرب، نسبا عالية في علاج المصابين، وبرزت إلى السطح خطورة الأمراض السرطانية، ونتائجها السلبية، بفعل التأخر في التشخيص والعلاج، وفي مسؤوليتها عن وفاة عدد كبير من الأفراد سنويا.

٭ بما أن المغرب لا يتوفر على سجل وطني، يسمح بضبط عدد المصابين بداء السرطان، ما هي تقديرات المسؤولين بخصوص عدد الحالات المصابة بهذا الداء؟

ـ أود أن أشير هنا، إلى أننا بصدد انجاز سجل خاص، يدون فيه عدد الحالات المصابة بداء السرطان، على مستوى جهة الدارالبيضاء الكبرى، لكن يمكن القول، إن عدد المرضى، الذين يتلقون علاجهم ضد أحد أنواع السرطان، في مراكز الأنكولوجيا في المغرب، يقدرب 11 ألف حالة جديدة، تظهرفي السنة الواحدة، إلا أن تخمينات منظمة الصحة العالمية حول عدد الإصابات في المغرب، تفوق ذلك بكثير، إذ تقدره بما لا يقل عن 40 ألف حالة جديدة سنويا .

لكن، بالنظر إلى الامكانات الطبية المتوفرة حاليا في المغرب، لا يصل إلى مراكز الأنكولوجيا، سوى ثلث المصابين، بينما الثلثان المتبقيان، للا يتابعون علاجهم ضد الداء، بل وأكثر من ذلك فهم لم يخضعوا بعد، لتشخيص المرض، ليتأكدوا من إصابتهم
ولهذا كان لا بد من التفكير، في وضع خطة عمل، للوصول إلى هذه الفئة.

٭ كيف؟

ـ من خلال لا مركزية العلاج، إذ فتح مركز للأنكولوجيا، في مدينة وجدة، وهو اليوم، يقدم خدماته لمرضى المنطقة الشرقية والجهات القريبة منها، كما فتح مركز في مدينة أكادير، ويعتبر مركزا مجهزا بجميع الامكانات الطبية، والأطر المختصة، وإن كان يفتقر للعدد الكافي، من التقنيين المتخصصين في الأشعة.

وإلى جانب ذلك توجد مشاريع أخرى، تهم إحداث مركز في المستشفى الجامعي لمراكش، وآخر في فاس، وثالث في الحسيمة، ورابع في طنجة.

وهي مشاريع جد مهمة، ستكون مؤهلة لتقديم خدماتها الطبية، في السنوات الأربع أو الخمس .

٭ هل يتوفر المغرب على استراتيجية، أو على الأقل، تصور محدد، لأجل التشجيع على التشخيص المبكر للمرض، للحد من وصول المصابين إلى مراحل الميتاستاز؟

ـ لدينا تصور بطبيعة الحال، لمكافحة الداء، وذلك بدءا بالدعوة والتشجيع، على تشخيصه في مراحله المبكرة، من أجل التحكم في علاجه.

وهذه الاستراتيجية، تختلف بحسب أنواع السرطانات، التي نواجهها يوميا في المركز
فأكثر حالات المرض التي نعالجها، ترتبط بسرطان الثدي، الذي يعتبرمن أكثر أنواع المرض انتشارا في المغرب، ويحتل الرتبة الأولى، يليه سرطان عنق الرحم، وفي المرتبة الثالثة نجد سرطان الرئة، وأخيرا سرطان الجهاز الهضمي، خاصة على مستوى القولون أو المستقيم.

فهذه الأنواع، تطرح مشكلة حقيقية في المغرب، نحتاج من أجل مكافحتها، إلى نشر مزيد من التوعية، وحملات تحسيس المواطنين بخطورتها، وبضرورة التشخيص المبكر لها، والدعوة إلى تغيير بعض السلوكات اليومية، من قبيل، الامتناع عن التدخين لتجنب سرطان الرئة، وتتبع سبل الوقاية من الإصابة ببعض الفيروسات، الناتجة عن العلاقات الجنسية، لتجنب سرطان عنق الرحم، إلى آخره من السلوكات.

٭ حدثنا إذن عن الفيروس المسؤول عن سرطان عنق الرحم؟

ـ أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية، أن سرطان عنق الرحم، يتسبب فيه فيروس »بشري«، ناتج عن العلاقات الجنسية، ويزيد من حدة خطورته، كلما كانت العلاقات الجنسية، مع شركاء متعددين.

ومن أعراضه تكرار ظهور التهابات أو تقرحات على مستوى عنق الرحم، تتحول إلى سرطان، بعد مرور سنوات على ظهورها، إذا لم تعالج في الوقت المناسب وبالكيفية المطلوبة.

وأشير هنا، إلى أن 80 في المائة من النساء المتزوجات، تظهر لديهن هذه الالتهابات، لكن سرعان ما تختفي، بفضل قوة مناعة أجسامهن، التي تتحرك لمحاربتها، لكن إذا تكررت، وكانت أكثرخطورة، فيمكن أن تصبح مشكلة صحية، يجب توخي جميع سبل الوقاية منها.

٭ فكيف يمكن إذن للنساء، التعرف على إصابتهن بهذه الالتهابات، أو بسرطان عنق الرحم؟

ـ ليس هناك من سبيل سوى إجراء اختبار بسيط جدا، يسمى بـ"الفروتي"، وهو تحليل بسيط، يهم الأنسجة الداخلية لعنق الرحم، لا يستغرق وقتا كبيرا، إذ لا يصل زمن إجرائه 5 دقائق.

أما عن تكلفته فتتراوح ما بين 100 و200 درهم، في المختبرات الخاصة.

وللتأكيد على نجاعة هذا الاختبار، فإنه تبين لنا كأطباء، أن "الفروتي" ساعد على تخفيض نسب وصول إصابة النساء، إلى المراحل المتأخرة من المرض، بنسبة 80 في المائة، كما ساهم في علاجهن علاجا ناجعا وناجحا وبنسب عالية.

واستنادا إلى ذلك، أنصح بإجرائه بشكل منتظم، من قبل جميع النساء، اللواتي يعشن حياة جنسية نشطة، بداية من السنة الأولى من الزواج، وتكراره في السنة الثانية، وإذا كشفت النتائج عن سلامتهن من الإصابة بالفيروس "البشري" المسؤول عن الداء، عليهن إعادة الاختبار، مرة كل ثلاث سنوات، تحسبا لإصابتهن بسرطان عنق الرحم.

وأقول إن أهمية "الفروتي"تكمن في تيسيره، لعملية اكتشاف التهابات أو تقرحات عنق الرحم، وعلاجها قبل تحولها إلى سرطان، أو اكتشاف السرطان في بدايات ظهوره الأولى، للتحكم فيه قبل تطوره وانتشاره، في باقي أنحاء الجسم.

٭ ما هي أهمية الكشف المبكر عن داء السرطان عموما؟

ـ أهميته بالغة جدا إذ بفضله يمكن للمصاب، ضمان تمتعه بعلاج تام للمرض، خاصة وأن علاج الأمراض السرطانية، عرف تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة.

وبالكشف المبكر عن المرض، يمكن للطبيب الاكتفاء بالجراحة للعلاج، لكن إذا كان المرض متطورا، فيلجأ المختص إلى الأساليب الأخرى، كالعلاج بالأشعة، والعلاج الكيماوي، إلى جانب الجراحة لاستئصال الورم الخبيث.

أما إذا تحدثنا عن تكلفة العلاج، فتكون باهضة للغاية، إذا تخطى المرض مراحله الأولى، ويمكن له أن يصل إلى 50 ألف درهم، بينما إذا كان في مراحله الأولى، فيمكن الحديث فقط عن تكلفة إجراء العملية الجراحية، أو دونها إذا أجريت في القطاع العام.

٭ بكم يقدر عدد النساء المصابات بسرطان عنق الرحم في المغرب؟

ـ تشير النتائج الأولية، التي يتضمنها سجل عدد الاصابات بالسرطان في الدارالبيضاء، إلى ظهور 11 حالة إصابة جديدة بسرطان عنق الرحم لدى كل 100 امرأة، أما في ما يتعلق بعدد النساء اللواتي يتلقين علاجهن في مركز الأنكولوجيا، في الدارالبيضاء، فيصل إلى 400 حالة جديدة سنويا، 75 في المائة من هؤلاء النساء يتوجهن إلى مراكز العلاج، في مراحل متقدمة جدا من المرض، ما يجعل حظوظ شفائهن التام من المرض، نسبية ومحدودة، رغم خضوعهن لجميع طرق العلاج، المتمثلة في الجراحة والأشعة والمواد الكيماوية.

٭ كيف تواجهون المرضى الذين يشكون من عجز مالي لتسديد نفقات العلاج والاستشفاء؟

ـ في المستشفى العمومي، يعفى المرضى الذين يتوفرون على شهادة الاحتياج، ولا يطلب منهم أداء نفقات المبيت، لكن هناك حالات أخرى، وهي التي يجد فيها المريض نفسه، مضطرا لأداء مصاريف العلاج بالمواد الكيماوية، على اعتبار أن المستشفى لا يتوفر على هذه الأدوية.

أما المرضى الذين يتلقون علاجا بالأشعة، ويتوفرون على شهادة الاحتياج، فلا يؤدون سوى 50 في المائة من تكلفة خضوعهن لحصص الأشعة، مع الإشارة إلى أن التكلفة المحددة في المستشفى العمومي، تقل عن ما هو محدد في المستشفيات الخاصة بعشر مرات.

٭ هل تشكون من خصاص في الأطر الطبية، أو المساعدة لعلاج مرضى السرطان؟

ـ حقيقة لا نشكو في مركز أنكولوجيا الدار البيضاء، من خصاص على مستوى الأطر الطبية المعالجة لمرضى السرطان، إلا أننا نعاني خصاصا كبيرا، في عدد الممرضين، وفي عدد التقنيين المختصين في العلاج بالأشعة.

صراحة، نحن نشتغل بنصف العدد المطلوب توفره في المركز، لتلبية عدد المرضى، الذين يتلقون علاجاتهم.

وإلى جانب ذلك نعاني من خصاص على مستوى الأجهزة الخاصة بالأشعة.

ولحسن حظ مركز أنكولوجيا الدارالبيضاء، أنه سيستفيد خلال الأشهر القليلة المقبلة، بتوسعة مساحته، وتعزيز أجهزته الطبية بأخرى جديدة، تعد من آخر التقنيات المبتكرة في المجال.

من جهة أخرى، سيمكن تشييد مستشفى يومي كبير، للمرضى الذين يتلقون علاجهم بالأشعة الكيماوية، بالموازاة مع تأسيس"دار الحياة" بمستشفى بوافي، من تقليص حجم الاكتظاظ وتأخر مواعيد العلاج، لخمسين في المائة من المرضى، القادمين من مدن بعيدة من المغرب، الذين كانوا يعانون من تأخر استشفائهم، وصعوبة تخصيص أسرة لهم في المستشفى.

وتكمن أهمية المستشفى، في كونه الفضاء الذي سيتلقى فيه المريض، حصص العلاج بالأشعة، بينما المبيت سيكون بـ »دارالحياة«، والهدف هو توسيع الطاقة الاستيعابية للعلاج وليس المبيت، لأن المشكلة التي نواجهها، تكمن في عدم تناسب عدد الأسرة، مع الأعداد المتزايدة للمرضى.

٭ كيف توفقون بين الإكراهين؟

ـ لحل مشكلة قلة الأسرة، وضعف الأطر المساعدة على العلاج الممرضون في المستشفى، نضطر إلى إيلاء كل الجهد، وإعطاء الأولوية، للمرضى الذين يشكون من داء السرطان في مراحله الأولى، لماذا؟ لأننا نعلم أن هذه الفئة، لها حظوظ كبرى في العلاج، وفي زمن قياسي وبتكلفة مالية منخفضة، عكس ما هو عليه الأمر، بالنسبة للمرضى، الذين بلغوا المراحل المتأخرة من المرض.

ولذلك أدعو الجميع إلى التعامل مع المرض بكل جدية، وتتبع نصائح الطبيب في العلاج، وعدم التأخر في التشخيص بطريقة"الماموغرافي" بالنسبة لسرطان الثدي، وبـ "الفروتي" للكشف عن سرطان عنق الرحم .




تابعونا على فيسبوك