أصوات جزائرية ترفض فصل الصحراء عن المغرب

السبت 06 ماي 2006 - 15:03
الرئيس الجزائري الأسبق بن بلا

مرة بعد أخرى، تشذ أصوات جزائرية عن خطاب الإكراه والقسر الجزائريين، وتصدح بالحقيقة ضدا على موقف النظام الرسمي، الضالع في تأييد أطروحة فصل الأقاليم الصحراوية المسترجعة عن المغرب، والمؤيد والمدعم والآمر والمحرك والموجه لانفصاليي البوليساريو .

وعندما صرح الجينرال السابق خالد نزار، الرجل القوي في الجيش الجزائري، قبل سنوات، لجريدة "لا غازيت دي ماروك"، أنه لا مصلحة للجزائر في قيام دولة مستقلة في الصحراء، ردت عليه حكومة بلاده، بأن تصريحه يهمه شخصيا، ولا علاقة له بموقف الحكومة الجزائرية.

لكن الموضوع لم يقتصر على الجرأة، التي أبداها الجنرال خالد نزار، والذي اعتبر أول تصريح يصدر عن شخصية جزائرية عسكرية بارزة وقوية، لكن نزار أعاد التأكيد على الموقف نفسه في ندوة صحافية عقدها في باريس بمناسبة تقديم كتابه حول الجيش الجزائري، ما فسر آنذاك بأنه تعبير عن وجود تيار داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، يناقض الطرح الرسمي للمؤسسة العسكرية، المناهض لمغربية الصحراء.

وعلى مستوى الشخصيات السياسية والحزبية، تكررت في الأشهر الأخيرة، العديد من التصريحات، التي تؤكد على رفص انفصال الصحراء عن المغرب، وعلى رأب الصدع بين الجزائر والمغرب، لأنهما دولتان شقيقتان جارتان محكومتان بالتعايش والتجاور والتعاون بقوة التاريخ والجغرافيا.

ولأن لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري، تعتبر الشخصية السياسية، التي انتقدت منذ سنوات موقف السلطات الرسمية الجزائرية من قضية الصحراء، فإنها عادت في المدة الأخيرة لتؤكد على الموقف نفسه، وهذه المرة في إطار المؤتمر الاستثنائي لحزب العمال الجزائري، إذ أعلنت معارضتها لخيار استقلال الصحراء، ولإحداث دويلة بالجنوب المغربي، وشددت على مبدأ التكامل بين الدول المغاربية، مضيفة أن حزب العمال يرفض تفتيت الوحدة الترابية في أي بلد مغاربي.

وكررت لويزة حنون الموقف ذاته، خلال برنامج بثه التلفزيون الجزائري أخيرا، معتبرة أن المس بوحدة الدول تدخل في إطار استراتيجيات خارجية، تستهدف المس بالكيانات الدولية وبوحدتها الترابية، وأن المغرب من أكثر البلدان المغاربية استهدافا بهذه المخططات.

ولأن مهمة السياسي هي أن يحذر من مزالق وزلات وسقطات المستقبل، ولا يكتفي بالتحذير، بل يعمل على إنتاج المستقبل، فإن لويزة حنون، المناضلة التروتسكية، لم تتعب، ولا يبدو أنها ستتعب يوما، في الجهر بمواقف تقف على النقيض التام من هياج ومعاداة الحكومة الجزائرية للوحدة الترابية للمغرب.

إلا أن الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة، أشار إلى القضية بوضوح في الندوة الصحافية، التي عقدها الأسبوع الجاري في مراكش، مشددا على »أهمية منح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا موسعا، تحت السيادة المغربية«، وأكد أنه سبق أن دافع عن هذا المشروع في إسبانيا منذ أزيد من عقد من الزمن.

وأبرز أنه من الممكن حل مشكل الصحراء، في ظل الحكومة الجزائرية الحالية، رغم ما يشوب العلاقات بين المغرب والجزائر من شوائب، من حين إلى آخر، بفعل تدخل بعض الأطراف، معتبرا أنه يرفض التجزئة، لأنها "وضع غير طبيعي فرض من قبل المستعمر، أما الوحدة فهي المطلوبة، وللخروج من الورطة يجب أن نتوحد«، لأن وحدة الدول المغاربية »لا يجب أن تكون من أجل شن حرب ضد الآخرين، أو إعلان العداء لهم، وإنما من أجل التنمية، وإنقاذ الذات، والمساهمة في ضمان مستقبل للإنسانية".

وفي موقف يعزز إمكانية رأب الصدع بين المغرب والجزائر، وتجاوز الأزمة القائمة بين البلدين منذ سنوات، يأتي تصريح الأمين العام الجزائري لحزب الإصلاح الوطني في الجزائر، عبد الله جاب الله، الخميس المنصرم، في تصريح بتثه قناة الجزيرة، مؤكدا أن »الجهود يجب أن تنصب على تهييء الأجواء لحل سياسي أخوي وسليم" لقضية الصحراء، معتبرا أنه من »الأفضل تشجيع جميع الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين المغربي والجزائري، وبين شعوب وبلدان المنطقة المغاربية بشكل عام".

وأضاف"أقدر بأن النجاح في تعزيز هذه الجهود من شأنه أن يهيء الأجواء، بعد ذلك لحل أخوي سياسي سليم وصحيح في قضية الصحراء وغيرها من القضايا".

وهذه المواقف، ورغم تواردها في سياقات ومناسبات مختلفة، فهي تمثل تعبيرا صادقا عن وجود فهم جزائري عميق لقضية الصحراء المغربية، إضافة إلى كونها رسائل موجهة إلى النظام الجزائري، الذي ضبط عقارب مشاغله السياسية على التواجه والصراع والاعتراض على مغربية الصحراء، ليس لأن الصحراء ليست مغربية، وليس لأنه أعرف من غيره بمغربيتها، بل لأن الإبقاء على الصراع مع المغرب، على هذا النحو، يمكنه من السيادة والاستقواء في المنطقة، وهذا مبرر يشي بأن إعمال منطق التاريخ ما زال سائرا وسائدا وحالا في التدبير السياسي للعلاقات مع المغرب.

وهذا خطأ، لم يعد ما يبرر الاعتقاد به، وهو ما تعبر عنه بين الفينة والأخرى بعض الأصوات السياسية الشجاعة في الجزائر.




تابعونا على فيسبوك