إن المتتبع للواقع العملي داخل المدرسة المغربية، لابد أن تتوزع ملاحظاته بين المدرسة العمومية والمدرسة الخاصة.
فنحن في إطار البحث عن الحقيقة الضائعة نوطد للثقافة التربوية التي تشهد ركودا ظرفيا أتمنى أن يكون عابرا حتى لا يعصف بما اختارته الجهات التي تؤسس لإصلاح حقيقي.
نحن نتجاوز الخمسية الأولى له، والانتباه إلى منجزاته والوقوف عند إكراهاته أو بالأحرى الصعوبات التي تطبع مسيرته، كما أن اعتماد تقويم تكويني وتغذية راجعة يعزز الإصلاح.
ولقد أدى عدم المواكبة الفعلية من خلال بناء وتجهيز حجرات كافية، إلى ظاهرة الاكتظاظ المؤثرة عواقبها سلبا على جودة التعليم المنشودة، أضف إلى ذلك النقص الذي تعرفه الأطر تكوينا وعددا، كما أن إثارة الجودة كمرقى وغاية لا يمكن تحقيقها، دون اعتماد الجوانب الأساسية والعمل على توفير الحد الأدنى إلى جانب الاهتمام بعناصر العملية التعليمية التعليمة المتعلم، المادة والمدرس، والتركيز على هذا الثالوث المتفاعل يؤسس لإصلاح حقيقي.
كما أن التركيز على الجانب الكمي يتناقض شكلا ومضمونا مع التطلعات التي تروم اعتماد الجانب النوعي داخل مكونات العملية التعليمية التعليمة، دون التوقف عند واقع المدرسة المغربية الذي يروم الجودة، لكن الشروط المادية والمعنوية لا تسعفها لبلوغ هذه الجودة شكلا ومضمونا.
فصياغة أهداف عامة مجددة للحياة المدرسية التي غدا من الضروري تجديدها وفق المعايير الموظفة في الإصلاح والتي تعتمد دقة التنصيص، الشمولية، الأجرأة والتتبع ثم التقويم، ودعم التعثرات وتخطي الصعوبات مع تكييف الإكراهات المادية مع واقع المدرسة والإقليم والجهة.
هذه الشروط مجتمعة، تقوي شعورا داخليا لدى المتعلمين للتزود بالقدر الكافي من المهارات والمعارف والاتجاهات والقيم، التي تكسب دينامية تفاعلية للوصول إلى كفايات ممتدة من خلال مهارات وسلوكات يعتمدها المتعلم في حياته ولها علاقة وطيدة بحاجياته وسلوكاته المتداولة والمتنوعة.
ويعتبر انخراط الفاعلين في تحديث المدرسة المغربية من داخلها استحضارا للواجب المهني وإذكاء للغيرة الوطنية الصادقة وبانخراط واع وحقيقي من خلال الاجرأة العملية وفق استراتيجيات ملائمة التنصيص وإخضاعه لطبيعة المؤسسة التعليمية وخصوصياتها، يشترك فيها أفراد مجالس الأقسام والمجالس التعليمية مع الحرص على ربط مواد التكوين المستمر لاستثمارها وتنظيم أعمالها.
كما أن إذكاء جذوة التكوين الذاتي قد تسعف الموارد البشرية والهيئات المنشغلة بالعملية التعليمية التعليمة والمهووسة بتحسين كفاياتها المهنية والترقي لأعلى الدرجات والرتب وكذلك مواكبة للمستجدات التربوية وموازاة لصيرورة الإصلاح كما سلف
ويبقى تفعيل البحث العلمي "البيداغوجي والتربوي"، من العوامل الداعمة والمدعمة للأسس الجديدة في المدرسة المغربية المنفتحة على الحداثة والقيم السائدة على مستوى العالم، كما أن الاهتمام بالمرافق المدرسية وتأكيد حضور التحديث فيه من خلال أوراش إصلاحية من أجل المدرسة المغربية سواء كانت عمومية أو خصوصية ينخرط فيها الجميع بالاستعانة بمؤسسات المجتمع والفاعلين الاقتصاديين لخلق متعلم سوي ومتين التكوين بالاشتغال على المشاريع المدرسية والقاعات المتعددة الوسائط.
مع الانفتاح على بيداغوجيات التنشيط والتركيز على الأنشطة التعليمة والبحوث اعتمادا على مكونين ومشرفين بيداغوجيين ملمين بطرق التنشيط دون ترك العملية تفعل بشكل عشوائي ومن طرف أساتذة تعوزهم التجربة المهنية ويفتقدون لأدنى شروط التكوين، مما يجعل العملية تنتابها تعثرات وتعرف بعض الانزلاقات، لكونها لا تعتمد مبادئ علمية حديثة أثناء أجرأتها .
إن الإصلاح المؤسساتي لا يمكن أن يعرف الطريق الواضح دون تفعيل المؤسسات والمجالس المنظمة والانخراط الفعلي في الحياة المدرسية، هذه الحياة تبقى جوهرا لأن جميع الشارات القوية والواعدة بدأت تثير حركيتها خاصة من خلال الخطة الوطنية للتنمية البشرية أو من خلال القيم والمبادئ الأساسية للتربية على حقوق الإنسان والتربية على المواطنة، وكلها مجتمعة تغذي وتبني النفس على المعرفة والفضيلة والإنتاج وبالأحرى مواطن فاضل وواع بمسؤولياته وله كفايات أساسية ونوعية مستثمرة ضمن كفايات ممتدة.