تشير الدراسات أن تجاعيد الوجه تصنف من بين الأسباب التي ترهق الصحة النفسية للمرأة مع تقدم السن، مضيفة أن التجاعيد التي تناسب كل فترة عمرية تكون نوعا ما أخف تأثيرا من تلك التي تعتبر سابقة لأوانها.
وإذا كانت عمليات التجميل المزيلة لتلك العيوب قد التصقت مند زمن بعيد بالمجتمعات الراقية، وتحديدا نساء الصفوة، فإن السنين الأخيرة عرفت خروجا ملحوظا عن هذه القاعدة، حيث أدى الانخفاض الذي هم أسعار هذه العمليات بالعديد من النساء المتوسطات في الدخل إلى طرق أبواب العيادات، وتسليم وجههن لخبرة معالج.
تعيش نساء بلدنا كغيرهن أزمات نفسية نتيجة ما تعكسه حمولة السنين على وجوههن من تجعد، غير أنه وفي الوقت الذي تظل القدرة المالية السبب الرئيسي الذي يعيق البعض منهن أمام تدارك ما يمكن تداركه من عيوب، فإن أخريات يمتنعن عن إجراء عمليات التجميل بسبب موانع إضافية على الرغم من رقي مستواهن المادي.
ترى مليكة 42 سنة ربة بيت بأن تكاليف عمليات التجميل تجعل الفئة الدنيا من المجتمع غير معنية بها، وإن كانت الرغبة في التمتع بمظهر مثير طيلة العمر لا تقتصر على امرأة غنية مترفة أو فقيرة أو حتى معدمة، وتضيف "مشكلتنا نحن الكادحين أننا نعاني على جميع المستويات، أولها أننا نعيش ظروفا تعجل بظهور التجاعيد، أضف إلى ذلك عجزنا عن مجرد اقتناء أرخص الكريمات التي تقي البشرة ولو نسبيا، وعند ظهور التجاعيد نقف أمامها مكتوفي الأيدي ونستسلم لهجومها".
وتتحسر مليكة في الوقت ذاته، عن عدم تفهم الأزواج لهذه الظروف والخلفيات، مهتمين فقط بالنتائج، وتؤكد أنهم ينسون أو يتناسون تضحيات تلك المرأة غير المقدرة بثمن، وينصرفون للبحث عن الوجة الناعم "بدون شك نتأثر نفسيا، فأنا مثلا أتساءل هل انشغل بالإحساس الغريب الذي ينتابني جراء النظر إلى المرآة أم باللامبالاة التي ما فتئ زوجي يبديها نحوي، إنها فعلا مشكلة لا ذنب لنا فيها إلا الفقر من جهة، والاقتران برجال لم تنضج عندهم بعد معنى الارتباط الأبدي من جهة ثانية.
وتختم المتحدثة حديثها بابتسامة قائلة "آه لو كان لدي ما يكفي لإجراء العملية حتى أبدو شابة بمظهر نجوم الفضائيات، وحتى أبرهن لك طيبتي وحسن نيتي سوف أصطحب معي زوجي للخضوع لعملية زرع الشعر، إنه أصلع، نعم أصلع".
وفي السياق ذاته، تستبعد فوزية 34 سنة صيدلانية، أن تزور يوما عيادة طبيب تجميل مهما طرأ على وجهها من تجعد، مؤكدة أنها مع تقدم الطب في حد ذاته، لكن أيضا وقبل كل شيء مع أي تحصيل طبيعي وملائم للسن الذي ظهر فيه، أضف إلى ذلك، تقول فوزية "ما من شيء غير طبيعي أقحم في الذات الإنسانية إلا وكانت له تأثيرات جانبية، لذلك فإنني وهذا الحكم خاص بي أفضل عدم الخضوع لأي عملية تجميل، على الرغم من قدرتي على نفقاتها، لكن أعتبر قيمة الثقة بالنفس أغلى بكثير"
ومن جهته، يفيد محمد محسن طبيب نفساني بأن المرأة عموما وبشكل نظري تهتم بمظهرها، كما تحرص على أن تكون الأجمل والأكثر إثارة للانتباه حتى بين أحب الناس إليها، لذلك تكون سهلة التأثير إذا ما شعرت بخفوت ذلك التوهج مع مرور السنين أو حدوث أمر طارئ بادر من النيل من أنوثتها.
ويقول هشام "أمر التجاعيد لا ينبغي أن يشكل مصدر ضيق للمرأة طالما أنه يتوافق مع السن الذي تعيشه، وتحضرني اللحظة مقولة لسلفنا تؤكد أن لكل عمر جماله، والدليل أن العديد من عمليات التجميل لم تف بالغرض الذي يأمله الخاضع لها، وكانت النتيجة أنه تحسر على شكله السابق".
وأضاف الدكتور "بأن المشكل يمكن أن يحدث في حالة الحوادث المفاجئة التي تغير الشكل المعتاد، في هذه الحالة أنا أوافق المريض على إجراء عملية، لكن قبلها وبعدها تكون لدي معه حصص متكررة من أجل تهييئه لتقبل الجديد، علما أن العملية لا يمكنها بأي حال إعادة المظهر لسابق عهده".
ويضيف الطبيب المختص "وحتى أكرر ما بدأت به، فإن الإشكال ليس في التجاعيد، وإنما في قوة الشخصية التي تستقبلها، لكن إن كانت للمرأة الرغبة الأكيدة في التجميل فهذا أمر شخصي، لكن الأهم هو أن القدرة على التعايش مع تقلبات الزمن الطبيعية يعد في حد ذاته مكسبا يجب عليها الافتخار به، وضرورة لتفادي الاكتئاب عندها"، مشيرا "وإن كان لاستعمال المنتجات المضادة للتجاعيد دور مهم، من حيث تأخر ظهورها أو التخفيف من حدة بروزها".