التهابات الكبد تخلق مشكلة صحية عالمية

500 ألف إصابة بالتهاب الكبد باء

الثلاثاء 14 مارس 2006 - 13:06
البروفيسور إدريس جميل

تعتبر التهابات الكبد الفيروسية من أخطر الأمراض المعدية ومن أكثرها انتشارا بين الأفراد عبر العالم، حتى أنها تسبق داء السيدا في الانتشار والخطورة إلا أن التهاب الكبد من نوع "ب" و"س" يحتلان مقدمة الأمراض الكبدية، نظرا لـ "ذكاء" الفيروس الذي لا يترك مجالا للت

حول هذا الموضوع، حاورت "الصحراء المغربية" البروفيسور إدريس جميل أخصائي أمراض الهضم والكبد، ورئيس جمعية إغاثة مرضى التهابات الكبد الفيروسية ليطلعنا على المزيد من المعلومات.

٭ بداية، نود لو نتعرف على التهابات الكبد الفيروسية ومسبباتها؟
- يرتبط ظهور أمراض التهابات الكبد بدخول فيروسات معينة إلى الجسم، تختار الكبد كمكان لاستقرارها والنيل منه دون باقي أعضاء الجسم الأخرى، وذلك من خلال مهاجمة خلاياه و إفشال وظيفته، ومن هنا جاءت تسمية هذا النوع من الأمراض بالتهابات الكبد الفيروسية، أود أن أوضح أمرا مهما بهذا الخصوص.

الفيروسات التي تهاجم خلايا الكبد متنوعة وكثيرة، بل ولكل نوع منها خصائص معينة تجعلها تختلف عن باقي الفيروسات من حيث التأثيرات والمضاعفات الصحية التي تتسبب فيها، لكن أكثر هذه الفيروسات خطورة هو الفيروس المسؤول عن ظهور التهاب الكبد من نوع "ب" و"س"، لأنها سريعة الانتشار وأكثرها تهديدا لحياة المصاب بها تتمركز بالكبد ولا تفارقه إلا بعد أن تتلف خلاياه نهائيا، مما يؤدي إلى حدوث فشل كبدي ناتج عن تليف هذا العضو أو تشمعه.

٭ هذا يدل كذلك على أن هذه الأنواع من الفيروسات "عنيدة" وذكية؟
- نعم، هي تحمل الصفتين معا وأخطر ما تتصف به هو الذكاء، فهي لا تعطي علامات أو أعراضا يمكن من خلالها التعرف مبكرا على الإصابة بالفيروس، فالفيروسات المسؤولة عن التهابات الكبد، فيروسات تهاجم الجسم في صمت تام وبشكل هادئ جدا، لا تعطي إشارات على وجودها حتى لا تتعرض للمقاومة أو الطرد من الجسم.

فهذا النوع من الفيروسات يستمر في التكاثر، فيعمل على تخريب خلايا الكبد من خلال استحواذه على جميع المواد والمكونات التي يتغذى منها هذا العضو، والتي تضمن له الاستمرارية في أداء وظيفته مما يؤدي إلى إتلافه.

٭ ما هي أخطر أنواع التهابات الكبد انتشارا بالمغرب؟
ـ من ناحية الانتشار، يعتبر التهاب الكبد من نوع "أ" في مقدمة التهابات الكبد التي يصاب بها المغاربة، لكن من ناحية الأنواع الخطرة من المرض المنتشرة في مجتمعنا، نجد التهابات الكبد من نوع "ب" ومن نوع "س" أساسا وسأشرح ذلك، فبالرغم من توسع انتشار فيروس "أ"، إلا أنه لا يشكل خطرا على صحة المواطنين، رغم أنه يحدث التهاب كبد حاد، لكن خطورته محددة في الزمن لأنها سرعان ما تزول بعد أربعة أسابيع من خضوع المصاب للعلاج وأخذ الدواء.
لكن التهاب الكبد الفيروسي "ب" و"س" يعتبر مشكلة صحية عالمية رئيسية، إذ يعتبر فيروس التهاب الكبد (ب) أكثر عدوى من فيروس نقص المناعة المكتسبة ـ السيدا ـ إذ يفوق عدد المصابين بهذا الفيروس عدد المصابين بالفيروس المسبب لداء السيدا
وتكمن خطورة التهاب الكبد الفيروسي (ب) في عدم قدرة بعض المصابين على مقاومة الفيروس وطرده من الجسم، فيصبحون حاملين له وقادرين على نشر المرض إلى الآخرين
وقد يتطور المرض إلى أن يؤدي إلى تليف الكبد أو سرطان الكبد أو فشل العضو أو الموت

٭ هل هناك أرقام في ما يتعلق بانتشار التهابات الكبد الفيروسية في المغرب؟
ـ للأسف لا يتوفر المغرب على إحصاءات دقيقة حول عدد الإصابات بالمرض في المغرب، لكن حسب آخر الإحصاءات، يعرف المغرب ما يزيد عن 300 ألف حالة إصابة بفيروس التهاب الكبد من نوع "س" وهو رقم مرتفع جدا.

أما عن عدد الإصابات في المغرب بالتهابات الكبد من نوع "ب" فيقدر بأزيد من 500 ألف، وذلك حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فيما أزيد من ثلثي المرضى يجهلون إصابتهم بهذا الفيروس.

٭ ما هي الكيفية التي ينتقل بها المرض بين الأشخاص؟
وكيف يمكن تجنب الإصابة بأحد التهابات الكبد الخطيرة؟ ينتقل التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب" و"س" من خلال التعرض لدم ملوث أو لمشتقاته، ينتقل أيضا من استعمال المواد الحادة غير المعقمة والملوثة بالفيروسات الكبدية سواء كانت طبية أو من الأدوات المستعملة للتنظيف.

فالأدوات الملوثة المستعملة عند الوشم أو الجراحة والاستعمال المتكرر للحقن وأدوات الحلاقة وتنظيف الأسنان والعلاقات الجنسية مع شخص مصاب، كلها أمثلة عن الحالات التي يمكن خلالها انتقال المرض.

والوقاية من أحد التهابات الكبد الفيروسية، تتم من خلال تجنب مسببات المرض والحرص على الاستعمال المنفرد والوحيد لأدوات التنظيف الخاصة.

٭ وماذا عن تكلفة العلاج؟
ـ يكلف علاج مرض التهابات الكبد الفيروسية مبالغ جد عالية يصعب على أكثرية الأشخاص تحملها، إذ يكلف التهاب الكبد من نوع "س" 12 ألف درهم في الشهر الواحد، علما أن مدة العلاج تتراوح بين 6 و12 شهرا، ولحسن الحظ، تصل نسبة نجاعة العلاج ضد المرض عند مرضى بعض الأصناف من الفيرس إلى أكثر من 90 في المائة.

ونظرا لهذين العاملين: غلاء الدواء وارتفاع حظوظ الشفاء عند بعض المرضى، تخوض جمعية إغاثة مرضى التهابات الكبد الفيروسية حاليا مبادرات من أجل جمع التبرعات المالية لتمكين المرضى المعوزين من ولوج العلاج، والتكلفة ذاتها يتحملها المريض بالتهاب الكبد من نوع "ب"، إلا أن مدة العلاج منه ترتفع إلى أكثر من 12 شهرا، وسنة واحدة كحد أدنى للعلاج.

٭ هل يمكن للأشخاص البالغين الذين فاتتهم فرصة التلقيح ضد التهابات الكبد الفيروسية تدارك الأمر؟
ـ للأسف، لم يتوصل بعد العلماء والباحثون في العلوم الطبية إلى حد اليوم، إلى أي لقاح ضد التهابات الكبد من نوع "س"، في الوقت الذي يتوفر فيه لقاح ضد النوع "ب" إلا أن تدارك هذا اللقاح عند البالغين محفوف بالمخاطر على الصعيد العالمي، لكونه يتسبب في ظهور العديد من المضاعفات الصحية.

وتجنبا لذلك لا يطلب الأطباء إجراءه إلا في الحالات التي يعايش فيها الفرد مصابين عن قرب، كالأطباء والعاملين في المختبرات، وأشير إلى أن وزارة الصحة، أدرجت لقاحا ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب" ضمن لائحة التلقيحات الإجبارية التي يخضع لها كل مولود وطفل صغير، وتعتبر هذه المرحلة العمرية أحسن وأفضل من أخرى للتلقيح ضد المرض وبالتالي تجنب مضاعفات التلقيح البعيدي إلى مرحلة البلوغ.




تابعونا على فيسبوك